في الوقت
الذي تتحدث فيه التقييمات العسكرية الإسرائيلية عن تورط
روسيا في الوحل الأوكراني،
فإنها تحذر من تعاونها المتنامي مع
إيران، ويشمل الطائرات الانتحارية بدون طيار التي
قد ينتهي بها المطاف بأيدي حزب الله، والصواريخ المضادة للدبابات، ويصل التخوف الإسرائيلي
أن تصل ذروة هذا التعاون بالمساعدة النووية، فيما قد يطالب بوتين اليائس إسرائيل بالحد
من ضرباتها الاستباقية في سوريا، رغم أن هذا لا يحدث في الوقت الحالي.
ورغم
أن الصورة تبدو في ظاهرها شديدة السواد بأعين الإسرائيليين، لكن بجانب هذه المخاطر،
فإنهم يتحدثون عن بعض المزايا التي يمكن الاستفادة منها، رغم أن الحديث في تل أبيب
يدور عن ما يمكن تسميته "شراكة دفاعية كاملة" بين طهران وموسكو، ما يسبب قلقا
فعليا لها، لأن الأمر يتناول نقطة تحول في هيكل القوة العالمية، وانضمام إيران كعضو
كامل في مناهضة المعسكر الغربي، بعضوية الصين وروسيا، قد يفيدها بالفعل في بيع النفط،
من إنتاجه وأرباحه، ويتجاوز العقوبات الأمريكية، كما أن روسيا تحبط قرارات الأمم المتحدة
ضدها.
رون
بن يشاي الخبير العسكري بصحيفة "
يديعوت أحرونوت"، زعم أن "هذا غيض من فيض، لأن الخشية
الإسرائيلية الفعلية أن تساعد روسيا إيران في المستقبل بالحصول على قدرات جمع المعلومات
الاستخباراتية، وإنتاجها من الفضاء والأرض، بإطلاق أقمار صناعية للتجسس، والتصوير باستخدام
الصواريخ الروسية، ولعل بوتين المحبط من هزائم جيشه في أوكرانيا، وخوفًا على بقائه
السياسي، قد يأمر علماءه بمساعدة البرنامج النووي العسكري الإيراني، رغم أنه لا يوجد
روسي عاقل يريد دولة إسلامية ونووية على الحدود الجنوبية لـ"روسيا الأم".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "مشكلة إسرائيل الناشئة عن التحالف الروسي
الإيراني هي التعاون في مجال البحث والتطوير والإنتاج الصناعي، ولا يساورها شك أنه
عاجلاً أم آجلاً سيزود الإيرانيون فروعهم في لبنان واليمن والعراق بالمنتجات الدقيقة
والمميتة لتعاونهم العسكري التكنولوجي مع روسيا، صحيح أن الروس غير راضين كاملا عن
الجودة التكنولوجية للمسيّرات الإيرانية، لكنها مكنتهم من شلّ إمدادات الكهرباء لأوكرانيا، ما يجعل تعاونهم مع الإيرانيين يمنحهم حلاً سريعًا لإحدى نكساتهم الرئيسية في حرب
أوكرانيا، وهو النقص الحاد في الأسلحة الدقيقة".
ونقل
"تخوفات الأوساط العسكرية الإسرائيلية من طلب موسكو من طهران للحصول على ترخيص
لتصنيع مسيّراتها داخل أراضيها، حيث منحت طهران الترخيص دون تردد، لاعتبارات مالية
أولا، وثانياً لأن العلماء والمهندسين الروس لديهم قدرة كبيرة على تحسين المدى والدقة
والقدرة التدميرية للمسيّرات، التي ستكون في أيدي حزب الله اللبناني والمليشيات في
العراق وسوريا واليمن، وينطبق الشيء نفسه على الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، حيث قد
يستخدم الروس صواريخ الفاتح الإيرانية في أوكرانيا، ما سيؤدي لتحسين دقتها وقوتها
الفتاكة، وكذلك الصواريخ المضادة للدبابات وقذائف المدفعية الدقيقة".
وزعم
أن "روسيا استولت على غنائم بأوكرانيا، ونقلتها لإيران، كصواريخ "جافلين"
المضادة للدبابات التي قدمها الأمريكيون للأوكرانيين، وتعتبر صواريخ الكتف الأكثر تطوراً
من نوعها في العالم، وتسمح بمهاجمة الدبابات من أعلى، وضرب منطقة البرج حيث تكون الدبابة
أكثر عرضة للخطر، مما سمح للأوكرانيين بتدمير الدبابات والمركبات المدرعة الروسية بالجملة، ما سيدفع الإيرانيين لإجراء هندسة عكسية للصواريخ مضادة للدبابات، ونقلها لحزب الله
في لبنان، وحماس والجهاد الإسلامي في غزة، ما سيشكل تحدّيا من نوع جديد للدبابات وناقلات
الجنود الإسرائيلية المدرعة".
على
الصعيد الجوي، ختم بن يشاي، بأن "روسيا بدأت بالفعل بمساعدة الإيرانيين بإعادة
إنشاء القوة الجوية المأهولة، التي تستخدم طائرات مقاتلة وهليكوبتر أمريكية وروسية
قديمة بسبب العقوبات، ما يجعلها بالكاد تشكل تهديدًا أمام الطائرات الحديثة، التي قد
تهاجم أهدافا فيها، لكن هذا الوضع قد يتغير بشكل كبير في غضون سنوات، عقب إعلان روسيا
أنها بدأت بتدريب الطيارين الإيرانيين على تحليق طائرات قاذفة قنابل مقاتلة من طراز
"سوخوي 35"، يمكنها تحدي الطائرات الإسرائيلية، كما تدرس روسيا بيع مروحيات
هجومية وطائرات هليكوبتر مقاتلة وأنظمة دفاع جوي متطورة لإيران تصعب مهاجمة أهداف فيها".
الخلاصة
الإسرائيلية أن حديثها عن التحالف الإيراني الروسي، ورغم ما يحمله من مخاطر جمة، لكنه
أعطاها عدة مزايا ، أولها أنه تسبب في تحول الرؤية الغربية لإيران على أنها تشكل تهديدًا
حقيقيًا وملموسًا وخطيرًا للعالم أجمع؛ وليس فقط لإسرائيل، وثانيها أن مساعدة ايران
لروسيا في حرب أوكرانيا خفف كثيرا من دوافع الغرب للتوقيع على اتفاق نووي جديد، وثالثها
أن هذا التحالف سيدفع إسرائيل لمتابعته عن كثب وبصورة مستمرة، وتستعد سياسيًا ودبلوماسيًا
وعسكريًا لإحباط التطورات غير المرغوب فيها، والاستفادة من الفرص، إن وجدت.
مع العلم
أن
الاحتلال يتخوف من مطالبة روسيا بالحدّ من هجماته العدوانية ضد سوريا ضمن
"المعركة بين الحروب"، بزعم أن حرية طيرانه في أجواء سوريا ولبنان مصلحة
حيوية أمنية، ما سيجعله يحافظ عليها بكل الوسائل الممكنة، ولكن إذا فشلت الدبلوماسية،
فقد لا يكون أمامه سوى استخدام الوسائل العسكرية، بما في ذلك المواجهة المباشرة والمدمرة
مع القوات الروسية على الأراضي السورية، والادعاء الإسرائيلي أنه لا يمكن لبوتين تحمل
صراع عسكري ضخم، إضافة لحربه في أوكرانيا.