قال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن
عبد الرحمن آل ثاني في مقابلة مع صحيفة "
واشنطن بوست" أجراها معه إيشان ثارور إنه يريد من الناس النظر إلى مشاهد الفرح للمشجعين والشعور العام المرح الذي خلقته مباريات كأس العالم، وهي الأولى في الشرق الأوسط إلى جانب الإصلاحات الحقيقية في قوانين العمل التي قامت بها الدولة.
وقال آل ثاني إن بلاده تعرضت لأمر غير مسبوق وأن مواقف وسلوك بعض الإعلام تجاه قطر كان "سلبيا ومخيبا من وجهة نظرنا"، مشيرا إلى أن مباريات العالم السابقة تعرضت للانتقاد أو للمدح وبخاصة منذ أن منحت قطر حق تنظيم المباريات قبل عقد.
وأضاف: "حاولوا الحكم على قطر ليس بناء على الحقائق وليس بناء على الحضور هناك وفحص الحقائق". ونعتقد أن هذه هي "أكثر المباريات شمولية في كأس العالم، وكان هناك أناس من دول مختلفة وخلفيات مختلفة ممن لم تتح لهم أبدا فرصة مشاهدة المباريات. ولو نظرت إلى ديمغرافية المشجعين، فقد كان هناك مشجعون هنود ومشجعون من باكستان ومن جنوب شرق آسيا ومن المنطقة العربية ومن أوروبا ومن أمريكا اللاتينية ومن وسط آسيا، كلهم جاءوا إلى هنا واستمتعوا بكرة القدم". و"فكر باستثنائية هذه المباريات في مكان صغير بحجم (ولاية) كونيكتيكت. ويمكن للناس حضور أربع مباريات في اليوم، وجعل كرة القدم متاحة للناس الذين لم يحلموا أبدا بمشاهدة كرة القدم علاوة على متابعة عدة مباريات".
وأضاف الوزير القطري: "بصدق، فقد كانت المكافأة الكبرى لنا في قطر هي الطريقة التي استمتع بها المشجعون بهذه المباريات. وشاهدنا أن البعض سواء على منصات التواصل أو وسائل الإعلام نشر تقارير غير محايدة. ومعظم الزوار قضوا تجربة إيجابية. وأنا متأكد، رغم وجود ملاحظات سلبية هنا أو هناك، ولكن معظمهم تحدثوا عن الضيافة في هذا البلد وسكانه وطيبتهم، وهو أمر نفتخر به. ونريد إظهار أن العالم العربي ليس مكان النزاعات ولكن الاحتفالات والاحتفال بهذه الكرة الجميلة".
وعن حقوق العمالة والنقد البناء في بعض ما قيل في الخارج عنها أجاب الشيخ محمد بن عبد الرحمن: "لم نزعم أبدا أن بلدنا كامل، ولم نزعم أبدا أن ظروف العمال تامة، ولكن عندما تم تظليل مظاهر القلق هذه، اعترفت قطر بها وتعاملت معها بجدية. وتم تنفيذ كل الإصلاحات التي أقرتها قطر خلال الـ 12 عاما الماضية. وتم تصويرها بأن قطر تتجاهل واقع وجود قضية وهذا ليس صحيحا".
وأضاف أن الحكومة جلبت قبل 8 أعوام فريقا من المحامين المستقلين الذين قاموا بفحص وضع العمال وحددوا الثغرات ونقاط الضعف في التشريعات أو في نظام العمل في البلد.
وتعاملت الحكومة مع تقرير المحامين بجدية وكذا التوصيات التي كانت في حينه 120 توصية. وتم التعامل مع الكثير منها ومن بلد المنشأ. كما فتحت قطر أبوابها للمنظمات غير الحكومية ولا يوجد بلد في المنطقة تبنى سياسة الأبواب المفتوحة كما فعلت قطر. وقال إن "هيومان رايتس ووتش" و"أمنستي انترناشونال" تستطيعان زيارة قطر ونشر تقاريرهما فيها، أمر لا تستطيعان عمله في دول أخرى. و"لسوء الحظ قامت منظمات غير حكومية ومؤسسات إعلامية بمهاجمة قطر دون الاعتراف أو الترحيب بكل هذه التطورات التي حدثت. وهذا إنجاز لنظام الحكومة وتغييره في 10 أعوام. ولم تتغير أوروبا في 10 أعوام، ولم تتغير الولايات المتحدة في 10 أعوام، ونشكر كأس العالم الذي ساعدنا على تسريع كل هذه الأنواع من التغييرات".
وقال إن النقاد ظلوا يوجهون أصابع النقد للحكومة وليس الشركات، ولو حدث استغلال للعمالة في أوروبا فاللوم يقع على الشركة وليس على الحكومة التي يتجنب النقاد اتهامها.
وعن الأرقام التي سيقت للوفيات في أثناء بناء المنشآت، قال الوزير "لو نظرت إلى الإحصائيات، فلدينا معدلات وفيات تنشر كل عام. وتقوم على الجنسيات، ولا نحددها بناء على الوظائف. وهو التوصيف الذي نستخدمه، وهذه دائرة أنشئت قبل أعوام ولا نتوقع منها نشر كل المعلومات والتفاصيل، فهي بحاجة للخبرة وهذه رحلة تحتاج لوقت".
وأضاف أن اللجنة العليا المسؤولة عن تنظيم المباريات وإنشاء المباني، نشرت أرقامها المتعلقة بمواقع كأس العالم، و"وفاة واحدة هي خسارة كبيرة، لكن حالات الوفاة طوال فترة التحضير كانت 3 وتم تكرار هذا وتأكيده في أكثر من مرة".
واتهم نقاد البلد بأنهم لا يريدون الاستماع للجانب الآخر.
وعن منع الشارات المثلية أجاب الشيخ محمد بن عبد الرحمن "قلنا مرارا "نرحب بالجميع" وما طلبناه من الزوار هو الحضور والاستمتاع بالألعاب، ركزوا على الكرة واستمتعوا بالثقافة وبالضيافة في البلد. واحترموا فقط القوانين، وهو أمر متوقع من القطريين عندما يسافرون إلى الخارج، احترموا قوانينا وتقاليدنا".
وقال: "ليس من شغلنا فحص الأرضية لكل القادمين، عملنا أيا كان هو (مواجهة) أي شيء يؤثر على السلامة العامة أو إهانة الناس. وهذا غير مقبول. وينطبق هذا على ال جي بي تي أو رجل وامرأة، وهو أمر لا يتم تقصده تجاه عبور معين. وقلنا إن المظاهر العاطفية في الأماكن العامة ليس مسموحا بها في قطر وينطبق هذا على كل شخص".
وعندما ذكره الصحفي أن المسألة ليست عواطف بل شارات، رد الوزير: "ما يحدث في الملاعب هو شأن الفيفا وخارجها هو مسؤوليتنا".
وعلق الوزير القطري أن إرث مباريات كأس العالم هو تاريخي، وليس النهاية بل بداية و"جمعنا كل هؤلاء الناس من أجل التعرف على الشرق الأوسط" و"نحن متأكدون 100% بأنها ستساعد على تغيير مفاهيم الكثير من الناس حول العالم عن المنطقة، أما الأمر الثاني، فكل هذه البنى التحتية والتي خططت لها قطر حتى قبل التقدم للمناسبة هي جزء من رؤية 2030، وساعد كأس العالم على تسريعها وتحقيقها وإنجازها. وستساعد على خدمة التنويع الاقتصادي وانتعاش السياحة".
وعن المشاعر العروبية ودعم المغرب، قال: "هذا أمر يجعلنا فخورين جدا وأن قطر، هذا البلد الصغير كان قادرا على جمع كل العرب معا. وهذا هو جمال وسحر الكرة نفسها، وكيف تجمع الناس من أرضيات مختلفة، عربا وغير عرب وكل واحد من كل مكان معا. ولن ترى هذا أبدا في الغرب ويمكن رؤيته هنا نظرا لوجود محدد مشترك يجمعنا معا، ونؤمن أننا ننتمي جميعا لبعضنا البعض. ورأيت هنا في قطاع كيف اختلط الناس في قطر، والطريقة التي اختلط فيها المشجعون والناس، وهو أمر رائع، ولا أعتقد أننا شاهدنا هذا من قبل وربما لن نراه أبدا".
وعن اللقاءات الجانبية بين أمير قطر وقادة الدول العربية بعضها قاطعت بلاده، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن: "في ضوء الأزمة التي مررنا بها، نعتقد بأهمية الاجتماع أكثر من فرقتنا. ونؤمن بالوحدة (
الخليجية)، وهذا لا يعني أننا نتفق على كل شيء، فلدينا خلافاتنا، دعنا نبني على الهدف المشترك، ولا يمكننا إعمار كل شيء ونعرف أن هذا يحتاج لوقت، ولكننا نرى استعداد القيادة لإعادة العلاقات إلى المكان الذي كانت عليه" و"نؤمن أننا مترابطون مهما كانت خلافاتنا بشأن السياسات، وأن نتعالى على الخلافات والتركيز على التحديات التي تظهر، ونرى العالم مستقطبا ونرى أثر الحرب الروسية على أوكرانيا. ونرى أثر كوفيد ونرى الأزمة العالمية التي تجري حولنا وتؤثر علينا إما مباشرة أو غير مباشر. وإن لم نعمل معا ونبني نظامنا المدمج وقدرتنا المدمجة فلن نكون قادرين على النجاة من هذه التحديات".
وعن المحفزات التي حفزت الأزمة السابقة والمتعلقة بالسياسة الخارجية المستقلة للبلد والمفهوم عن دعم قطر للاعبين معينين مثل الإسلام السياسي والإخوان المسلمين، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن إن الجزء الأول من المفهوم هو الحقيقة "فنحن نتفق على بعض السياسات ونختلف على البعض الآخر بناء على تقييماتنا وتقييماتهم. ودعنا نعمل على ما نقوله ونتفق عليه. وما نختلف عليه دعنا نتفق أننا نختلف عليه ونحترم خلافنا". و"لكن هناك مفهوم خاطئ وهو الجزء الثاني من السؤال وأن قطر تختار لاعبين في المنطقة لكي تدعم شيئا ما، ولم يكن هذا هو الحال بالنسبة لقطر. فنحن لا ندعم موقف الإسلام السياسي أو جانب الأحزاب الليبرالية ضد الأحزاب العلمانية، وهذا ليس عملنا، فنحن لسنا حزبا سياسيا. وربما اتخذنا خطوات معينة عند بداية الربيع العربي (دعم عناصر مؤيدة للديمقراطية في العالم العربي عام 2011) ولكن هذه الخطوات لم تتخذ إلا عندما شاهدنا سكان تلك البلاد قصفوا أو أصبحوا ضحية مجازر، وحينها تحركنا بشكل جماعي، ربما ليس مع مجلس التعاون الخليجي بل مع دول أخرى".