نشرت
صحيفة
"الفايننشال تايمز" تقريرا لمراسليها سيميون كير في دبي وهبة صالح
في القاهرة وسامر الأطرش في الرياض وريا جلبي في بيروت، قالوا فيه إن الجدل السياسي
ولفتات الدعم البارزة لحقوق الإنسان طغت على الأسبوع الافتتاحي لبطولة كأس العالم في
قطر. لكن ما يُنظر إليه في الخليج على أنه تنمّر غربي، حوّل بطولة كرة القدم إلى شيء
نادر في العالم
العربي: مصدر للوحدة الإقليمية.
وقال
محمد، وهو موظف حكومي في العاصمة السعودية الرياض، بعد مشاهدة فوز بلاده المفاجئ على
الأرجنتين التي فازت مرتين بكأس العالم: "إنه شعور جميل أن نرى دولة عربية مضيفة.
أنا فخور بالتأكيد".
أيد
العرب تعامل قطر الغنية بالغاز مع كأس العالم، وانتقدوا ما يعتبرونه نفاقا غربيا لانتقادهم
افتقار الدولة المحافظة للديمقراطية، والقيود المفروضة على الكحول، وحظر المثلية الجنسية
- بينما يطلبون في الوقت نفسه من الدوحة المزيد من الغاز الطبيعي ليحل محل الإمدادات
الروسية، وكون
الغرب فشل في التدقيق في هذه الأمور في روسيا خلال البطولة السابقة.
لذا
فإن أستاذ العلوم السياسية في دبي عبد الخالق عبد الله، كتب على موقع "تويتر":
"ليس لدينا قدر كبير من الحرية السياسية والجنسية مثلكم، ولا ندعي أننا ديمقراطيون،
لكننا نمتلك أنظمة ملكية مزدهرة مستقرة تنظم أحداثا عالمية المستوى، وتتنافس مع الأفضل
ولدينا أفضل ما في كل شيء، فموتوا بغيظكم أيها المستعمرون الجدد والمستشرقون والمنافقون
الغربيون".
على
الرغم من الأداء الضعيف لقطر على أرض الملعب - وقد خسرت الدولة المضيفة كلتا المباراتين
- فقد منح فوز السعودية على الأرجنتين وانتصار المغرب على بلجيكا العرب فرقا قوية لدعمها.
وقال
محمد اليحيى، الباحث البارز في معهد هدسون: "لقد جاء الكثير من التضامن العربي
نتيجة لانتصار السعودية على الأرجنتين، لقد بعث برسالة إلى الجميع بأنه يمكن للعرب
أن ينتصروا. الفريق السعودي فريق جديد، يعكس التغيير 180 درجة في البلاد، مع هذا التميز
الجديد الذي يريد السعوديون تقديمه".
وأعرب مشجعو الكرة في شوارع الدوحة عن دعمهم للفلسطينيين برفضهم إجراء مقابلات مع الصحفيين
والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيليين. لم تقم قطر، على عكس بعض جيرانها،
بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن تماشيا مع قواعد الفيفا، فإنها سمحت للطائرات بنقل وسائل
الإعلام والمشجعين الإسرائيليين إلى البطولة.
انتشرت
المواجهات الصعبة بين الصحفيين الإسرائيليين وأنصار العرب وغيرهم على وسائل التواصل
الاجتماعي. ونجح أحد المعجبين المصريين في إدخال "تحيا فلسطين" في مقابلة
مباشرة.
تؤكد
مثل هذه اللقاءات على التناقض بين النخب في دول مثل المغرب والإمارات الذين قاموا بتطبيع
العلاقات مع إسرائيل، والتزام دائم بالحرية للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم العربي.
وعلى
النقيض من ذلك، فإن الانقسامات داخل الخليج تتراجع بفضل تأييد إقليمي لقطر 2022.
قبل
أقل من عامين، كانت دول الخليج في حالة اضطراب، حيث فرضت السعودية حظرا على قطر لمدة
ثلاث سنوات بسبب اتهامات بأنها تعزز التطرف الإسلامي. وطالبت السعودية والإمارات والبحرين
بإغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية التي تتخذ من الدوحة مقرا لها، وطلبت من قطر قطع العلاقات
مع عدوتها الإقليمية إيران.
منذ
اتفاقيات العلا في كانون الثاني/ يناير 2021، والتي أنهت الحظر رسميا، فقد قامت قطر بإصلاح
العلاقات مع جيرانها، وخاصة السعودية، على الرغم من أن العلاقات مع البحرين لا تزال
متوترة، وكانت أبوظبي مترددة في العودة إلى طبيعتها بشكل كامل. وشاهد أمير قطر الشيخ
تميم بن حمد آل ثاني المباراة الافتتاحية للبطولة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
تم استبدال
الدعم الحماسي خلال كأس العالم بالازدراء لسياسة الدوحة أثناء المقاطعة لدى الكثيرين. وقال
رجل أعمال من دبي: "هذه الضغوط السخيفة [على حقوق الإنسان] تمكنت من فعل المستحيل،
لقد وحدت المنطقة على شيء ما".
قال
محمد كرم، وهو وكيل عقارات في القاهرة: "عندما نذهب إلى الغرب، نحترم عاداتهم وقوانينهم.
وعليهم أيضا احترام عاداتنا وقوانيننا".
اقرأ أيضا:
FT: قلق الغرب بشأن حقوق الإنسان في قطر ينم عن نفاق
على
مدى سنوات، اعتمدت المجتمعات الخليجية الأكثر ليبرالية مثل دبي نهج "لا تسأل،
لا تخبر" تجاه المثلية الجنسية. ومع ذلك، يخشى المسؤولون من أن هذا التوازن الدقيق
قد يتعرض للخطر إذا أدى التركيز المتعلق بكأس العالم على قضايا المثليين إلى رد فعل
محافظ أوسع.
وقال
رجل أعمال مقيم في دبي: "عش حياتك كما تريد، لكن لا تأت وتلوح بها في وجوهنا".
ظهرت
ردود الفعل ضد الفرض المتصور للمُثُل التقدمية للتسامح الجنسي مباشرة في قطر، حيث أزال
حراس الأمن القطريون الرموز المؤيدة للمثليين من قبل مشجعي كرة القدم الويلزية الذين
حاولوا دخول الملاعب وهم يرتدون قبعات ملونة بألوان الطيف.
حظي
النهج الصارم للحرس القطري بالثناء على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أشار أكبر رجل
دين إسلامي في عُمان إلى أعلام الطيف بأنها "شعارات أكثر أنواع الرذيلة قذارة".
بعد
أن غطى اللاعبون الألمان أفواههم في صورة الفريق احتجاجا على حظر الفيفا لبس شريط الذراع
متعدد الألوان، سخر الكثيرون من هزيمتهم التي أعقبت ذلك في المباراة الافتتاحية للبطولة.
وغرد
ناصر الشيخ، المسؤول السابق في حكومة دبي: "ما كان في يوم من الأيام أحد أعظم
فرق كرة القدم وأكثرها احتراما في العالم، تحول إلى مهرجين مسيسين هزمهم فريق اليابان
هزيمة مخزية".
لكن
في لبنان، الذي يعاني من أزمات سياسية ومالية متفاقمة، كان من الصعب متابعة الألعاب
هذا العام.
لم تتمكن
حكومة تصريف الأعمال التي تعاني من ضائقة مالية من تأمين حقوق بث الألعاب على التلفزيون
الوطني، لذلك اضطر المشجعون إلى شراء اشتراكات تلفزيون الكابل باهظة الثمن مقابل
95 دولارا أو دفع رسوم دخول تتراوح بين دولارين و 15 دولارا لمشاهدتها في المقاهي حيث
يلجأ الكثيرون إلى البث غير القانوني.
وقال
حيدر (27 عاما) الذي كان يعرض مباريات في متجره للإلكترونيات بالضاحية الجنوبية للعاصمة
بيروت: "بينما يستقل سياسيونا طائرات خاصة إلى قطر، حاولت حكومتنا حتى أن تحرمنا
من كرة القدم".