هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسود الأوساط التونسية المختلفة مخاوف من زيادة التضييق على الحريات، لا سيما حرية الرأي والتعبير، بعد أن أصدر الرئيس التونسي، قيس سعيد، الجمعة، مرسوما رئاسيا يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.
وتضمن المرسوم 38 فصلا، تراوحت فيها العقوبات بين السجن خمس إلى تسع سنوات، وغرامات مالية كبيرة، ضد مرتكبي جرائم من بينها إنتاج وترويج الإشاعات والأخبار الزائفة، ونشر وثائق مصطنعة أو مزورة.
وينص الفصل 24 المتعلق "بالإشاعة والأخبار الزائفة" على أنه "يعاقب بالسجن مدة خمس سنوات وغرامة قدرها 50 ألف دينار كل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير، أو الإضرار بالأمن العام، أو الدفاع الوطني، أو بث الرعب بين السكان".
اقرأ أيضا: رفض واسع لمرسوم سعيّد الجديد حول الانتخابات في تونس
وقد لاقى المرسوم الجديد استنكارا واسعا، واعتبر تكميما للأفواه وضربا لحرية التعبير.
المرسوم الأخطر
وقال المحامي والسياسي سمير ديلو، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن "المرسوم رقم 54 يطرح إشكاليّات كبرى، أوّلها أخلاقي، فبعد تمرير الرئيس لدستوره وقانونه الانتخابي، لم تعد لقيس سعيّد مشروعيّة التّشريع في غير المجالات التي تتعلّق باستكمال الخروج من الوضع الاستثنائي".
واعتبر المحامي ديلو أن هذا المرسوم الخطير يندرج في سياق خطوات ترسيخ طريق الحكم الفردي المطلق لقيس سعيّد، فقد جعل دستوره المسقط سقفا لهذا الطّريق، ومهّده بقانون انتخابيّ هجين يُقصي الأحزاب والمرأة، ويُفسح المجال لسلطة اللّوبيّات والعشائر وأرباب المال".
وتابع محدثنا: "جاء دور تسييج المسار بمرسوم يكمّم الأفواه، ويُشهر عقوبات سجنيّة تصل لـ10 سنوات في وجه كلّ من تسوّل له نفسه تداول ما قد تعتبره السّلطة -حقّا أو اعتباطا- أخبارا زائفةً أو تشويها و إساءة أو تهجّما".
وختم المحامي سمير ديلو: "هذا المرسوم الأخطر والفضيحة يكشف الوجه الحقيقي لقيس سعيّد وعمق مشروعه، وهو الانفراد بالسّلطة وتكميم الأفواه".
بدوره، قال الصحفي عبد الرؤوف بالي، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إنه "منذ سنوات هناك مشكل حقيقي، وهو الأخبار الزائفة من صفحات مشبوهة، حتى من أطراف سياسية لتشويه الخصوم، وهو أمر لا يمكن لأحد إنكاره".
اقرأ أيضا: مطالبات أممية لتونس بوقف القيود المفروضة على القضاة
وأضاف الصحفي بالي: "اليوم هناك صفحات تتبع رئاسة الجمهورية أو أحد وزراء الرئيس أو الأحزاب التابعة له، تملك صفحات تشوه الخصوم، وهو ما يتطلب قانونا لوضع حد لهذا، لكن الرئيس انفراد بوضع القانون جعل العديد من المخاطر تهدد حرية التعبير والعمل الصحفي في تونس".
واستنكر عبد الرؤوف بالي عدم استثناء القانون للأعمال الصحفية من العقوبات، على أن يكون القانون خاص بمواقع التواصل الاجتماعي، وأيضا عدم تشريك أهل المهنة، والأخذ برأيهم عوض التفرد بالقرار".
وأكد الصحفي على "ضرورة التصدي للإشاعات والأخبار الزائفة، لكن الخوف كل الخوف من اعتماد القانون ضد معارضي الرئيس وضد كل من تمسك بحقه في التعبير الحر".
وشدد بالي على أن حرية التعبير باتت في خطر كبير، خاصة أن الكل يعرف كيف يتصرف رئيس الجمهورية ومن يحيطون به، مضيفا بقوله: "هذا المرسوم حق أريد به باطل، يعني جاء لمواجهة ظاهرة خطيرة، ولكن سيتم استعماله لمواجهة المعارضين من أحزاب وصحفيين".