هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعود
محافظة المهرة، شرق اليمن، إلى دائرة الاستهداف من قبل دولة الإمارات والمليشيات
الانفصالية المدعومة منها، بعدما نجحتا في إخضاع محافظة شبوة لسيطرتهما منذ أكثر من
شهر، وهو ما يثير تساؤلات عدة عن فرص نحاج هذه الخطوة التي تحظى بقبول من السعودية،
قائدة التحالف في البلاد.
وعقب
السيطرة على شبوة بعد معارك استمرت لأيام مع القوات الحكومية، أصبحت الطريق سالكة نحو
الشرق، وخصوصا المهرة الواقعة على الحدود مع سلطنة عمان، والتي تشهد حراكا متصاعدا
مدعوما من الإمارات والسعودية، في مقابل حراك
شعبي وقبلي ورسمي مضاد، ورافض لأي تمدد للمليشيات الانفصالية إلى محافظتهم، وسط تلويح
بالقتال ضد أي تحرك من هذا النوع هناك.
تزداد
المخاوف في محافظة المهرة من احتمال تفجر الوضع عسكريا، ونقل الفوضى والعنف إلى هذه
المحافظة التي ظلت بمنأى عن الحرب التي يقودها التحالف ضد الحوثيين. يتزامن ذلك، مع
تكرار الاتهامات للسعودية والإمارات بجر أبناء هذه المحافظة نحو مواجهة مفتوحة مع المليشيات
الممولة من الدولتين، في وقت لا تزال فيه القوات السعودية تنتشر في مواقع حيوية بتلك المحافظة
من بينها مطار الغيظة، في عاصمة المهرة.
"غياب
الحاضنة"
وفي
هذا السياق، يرى المسؤول الإعلامي في لجنة الاعتصام السلمي المناهضة للسعودية في المهرة،
سالم بلحاف، أن دولتي التحالف ومليشياتهما لن تنجح في القدوم إلى الشرق لأسباب منها
"غياب الحاضنة الشعبية للتحالف والمجلس الانتقالي والمكونات الهشة التي شكلتها
السعودية والإمارات".
وقال
بلحاف في تصريح لـ"عربي21" إن أبناء المهرة وقبائل المحافظة ولجنة الاعتصام السلمي المناهضة
للوجود العسكري الخارجي فيها هم "أصحاب التأثير الأكبر والواسع في المجتمع المهري،
ولن يسمحوا بأي تمدد للمليشيات المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي إلى محافظتهم".
وأضاف
المسؤول الإعلامي بلجنة الحراك الشعبي المناهض للوجود العسكري للتحالف بالمهرة أن القوى
الطامعة والطامحة تدرك صعوبة التمدد نحو مناطقها من خارجها، مؤكدا أن أي تحرك من قبل
تلك القوى يعتبر "حماقة"وسيجر الوبال والويلات عليها.
وأشار
بلحاف إلى أن العناوين التي يرددها المجلس الانتقالي وممولوه من "إرهاب"
و"تنظيم قاعدة" و"إخوان" مجرد أسطوانة مشروخة لن تنطلي على أبناء
محافظة المهرة، بعدما استهلكت تلك الشعارات والعناوين في مناطق أخرى.
وأكد
أن محافظة المهرة، خارج مسرح العمليات العسكرية للتحالف السعودي الإماراتي.
وحول
تمدد المليشيات الانفصالية التابعة للانتقالي بغطاء جوي من الطيران الإماراتي على
غرار ما حدث في شبوة، قال القيادي اليمني المعارض للتحالف الذي تقوده الرياض، إن الغطاء
الجوي لأي تحرك من هذا النوع، لن يكون مفيدا للمليشيات، خصوصا أن الأرض ستحارب إلى
جانب أبناء قبائل المهرة ضد أي تمدد إلى محافظتهم.
وتابع:
"كما أننا نأخذ ما حدث في شبوة من تدخل جوي للطيران الإماراتي ضد القوات الحكومية على
محمل الجد، ولدى المكونات المهرية حذر واستعداد لهذا السيناريو".
وشدد
على أن ثبات أبناء المهرة من قبائل ومكونات ومنها لجنة الاعتصام السلمي ـ التي تشكلت في العام
2017 ـ والقوى الثورية الأخرى، سيُفشل أي محاولة
من هذا النوع.
"تغيير
خارطة السيطرة"
من جانبه، يقول الصحفي والكاتب اليمني، كمال السلامي،
إن ما يحدث في المهرة هو امتداد لاستراتيجية تغيير خارطة السيطرة في الجزء الشرقي في
اليمن، والذي بدأ في شبوة، وامتد إلى أبين ويتجه نحو حضوموت، كبرى محافظات البلاد.
وأضاف
السلامي في حديث لــ"عربي2" أن تمكين الانتقالي، يعني نفوذا مطلقا لداعميه،
في بوابة اليمن الشرقية.
ويشير
الصحفي اليمني إلى أنه "ليس ثمة ما يعيقهم،
في ظل التماهي المطلق لمنظومة الشرعية بصيغتها الجديدة"، لكنه استدرك قائلا: "أعتقد
أن لسلطنة عمان حسابات أخرى، قد تعيق مثل هذا التحرك، فاقتراب المسلحين الانفصاليين
قد يحيي حالة العداء التاريخية مع السلطنة".
وأوضح
الكاتب اليمني: "لا يسعى التحالف لفرض سلطانه المباشر، بل سيطرة عبر الوكلاء،
لكن هؤلاء الوكلاء لا يقلون خطرا عن الحوثي".
وبحسب
السلامي فإن الهدف هو "إعادة تشكيل خارطة السيطرة لاستبعاد فصيل يرى التحالف أنه
ربما لم يعد مفيدا في هذه المرحلة".
وقال: "إن حراك أبناء المهرة، يستحيل أن يتطور ليصبح عسكريا مثلا"، مرجعا ذلك
إلى أن نقل الصراع المسلح للمهرة ليس في مصلحة الجميع، كما أنه قد يزعزع علاقة دول
الخليج ببعضها.
ومضى
قائلا: "قد تحصل بعض التغييرات التي تضمن حضورا للانتقالي مع بقاء الوضع كما هو"،
فيما أكد أن أمر محافظة المهرة، يخص جيرانها أيضا.
"حملات
تحريض"
ومنذ
أسابيع، يشن المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي، والمنادي بانفصال شمال البلاد عن
جنوبه، والإعلام التابع له ولدولة الإمارات، حملات تحريض ضد أبناء محافظة المهرة في
أقصى الشرق اليمني، تحت عناوين عدة ومكررة، منها "تحريرها من سيطرة قوات الجيش
التابع لجماعة الإخوان"، في إشارة إلى حزب الإصلاح، وهي التهم ذاتها، التي سوقوها
في محافظة شبوة قبل السيطرة عليها بإسناد جوي إماراتي.
ومن
أبرز تلك الحملات، ما بدأت به صحيفة "العرب" الإماراتية الصادرة في لندن،
أواخر آب/ أغسطس الماضي، من حملة جديدة وغير مباشرة لاستهداف سلطنة عُمان، وهو ما يعيد
الجدل حول ما إذا كان لأبوظبي سياسة جديدة تجاه مسقط، أو أنها تحاول إضعاف الدور العُماني
الذي يتنامى مؤخراً، خاصة في اليمن.
وكتبت
الصحيفة في تقرير على صدر صفحتها الأولى يوم 26 آب/ أغسطس 2022 تقول إن "تنظيم
سلطنة عمان لمناورة عسكرية في محافظة ظفار، يعد انعكاساً لحالة القلق التي تعتري مسقط
حيال التفاعلات المتسارعة في المشهد اليمني، عقب خسارة الإخوان وبعض الموالين لمسقط
والدوحة عسكريا في محافظتي شبوة وأبين".
اقرأ أيضا: ما مصير تهديد "الإصلاح اليمني" بتجميد مشاركته في الرئاسي؟
وزعمت
الصحيفة المقربة من أبوظبي، وجود تحالف سري بين مسقط والدوحة، وهي المرة الأولى التي
تتحدث فيها وسيلة إعلامية عن مثل هذا التحالف، حيث قالت: "سلطنة عمان، وعبر تحالف
غير معلن مع الدوحة ازدادت وتيرته منذ عام 2017، خسرت استثماراتها السياسية والعسكرية
التي أنفقتها لبناء تيار جديد موال لها يضم جماعة الإخوان ولفيفا من القيادات السياسية
والعسكرية التي تتلقى دعما منها، بهدف مواجهة نفوذ التحالف العربي والمجلس الانتقالي
في المحافظات الجنوبية المحررة".
وأشارت
نقلاً عن ما أسمتها "مصادر سياسية" دون أن تكشف هوية هذه المصادر، إلى أن المناورات
العُمانية تعود إلى خوف مسقط من تكبد خسارة ميدانية في محافظتي حضرموت والمهرة
"اللتين تعتبرهما مسقط عمقا استراتيجيّا حيويّا لها"، على حد تعبير المصادر
المجهولة.
يشار
إلى أن سلطنة عمان أعلنت في آب/ أغسطس الماضي، عن انتهاء مناورة عسكرية مع الولايات المتحدة
الأمريكية في محافظة ظفار، جنوب البلاد، تحت اسم "وادي النار 2022".
وتشهد
المحافظة الساحلية على بحر العرب، استنفارا شعبيا وقبليا رافضا لأي تمدد للمليشيات
المدعومة من الإمارات والسعودية نحو مناطقها، فيما لوح زعماء قبليون بمواجهة أي تحرك
للمجلس الانتقالي في المحافظة، مهما كانت التداعيات والتبعات.
وفي
الأيام الماضية، التقى رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي بقائد محور الغيظة، أعلى
سلطة عسكرية بالمهرة العميد فيصل محمد أحمد المطري، بحث معه مستجدات الأوضاع في المحافظة،
والمهام التي يضطلع بها محور الغيظة وجاهزية القوات التابعة للمحور لترسيخ الأمن والاستقرار
وحفظ السكينة العامة هناك.
ومنذ
العام 2017، تعيش محافظة المهرة، التي توصف بأنها "بوابة اليمن الشرقية"،
حراكا شعبيا رافضا لسياسات الرياض وهيمنتها على منفذي شحن صرفيت وميناء نشطون ومطار
الغيظة الدولي وإغلاقها.
وتشترك
هذه المدينة بمنفذين بريين مع سلطنة عُمان، فيما تمتلك أطول شريط ساحلي في اليمن يقدر
بـ560 كلم على بحر العرب.