ملفات وتقارير

على غرار مجمع التحرير.. هل ينهي السيسي مسيرة "ماسبيرو"؟

يعد مبنى الإذاعة والتلفزيون وسط القاهرة من أقدم مقرات البث الإذاعي والمرئي الحكومية في الشرق الأوسط وأفريقيا- جيتي
يعد مبنى الإذاعة والتلفزيون وسط القاهرة من أقدم مقرات البث الإذاعي والمرئي الحكومية في الشرق الأوسط وأفريقيا- جيتي
في خطوة نحو انسحاب جميع مؤسسات الدولة من وسط العاصمة المصرية القاهرة، تدرس الحكومة نقل مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري الشهير بـ"ماسبيرو" إلى العاصمة الإدارية الجديدة ضمن خطتها لإفراغ قلب العاصمة من جميع المباني والهيئات والمؤسسات الاستراتيجية.

ويشكل مبنى الإذاعة والتلفزيون أهمية استراتيجية كبيرة حيث جرت بجواره أحداث أول ثورة شعبية في مصر خلال فترة حكم العسكريين، وشهد محيطه تجمعات لمتظاهرين، ووقعت في محيطه اشتباكات عنيفة ذهب ضحيتها المئات بين قتلى ومصابين.

وشهد المبنى سيطرة القوات المسلحة على مبانيه و أروقته منذ اللحظات الأولى لاندلاع ثورة 25 يناير 2011، وأعلن الجيش من خلال القناة الأولى الرسمية، أول بيان له عقب تنحي الرئيس الراحل محمد حسني مبارك عن السلطة وتولي المجلس العسكري زمام الحكم لفترة انتقالية.

ونقلت صحف محلية عن مصادر خاصة "أنه يتم حاليا دراسة تخصيص أحد الأبراج في حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة ليكون امتدادًا لمبنى ماسبيرو القديم، حيث يضم حي المال والأعمال نحو 20 برجًا تتراوح ارتفاعاتها ما بين 45 و49 دورا باستثناء البرج الأيقوني وتصلح بديلة عن المبنى القديم في ماسبيرو".

وأشارت المصادر إلى أن المقر الجديد للإذاعة والتلفزيون سيتيح للهيئة الوطنية للإعلام تنفيذ مختلف مخططات التطوير التي وضعتها خلال الفترة الماضية، حيث تولي الدولة أهمية كبيرة لتطوير الإعلام المحلي بشكل يتناسب مع التطورات الحديثة.


 
ميديا سيتي بالعاصمة الجديدة

في أيلول/ سبتمبر 2021، كشف المتحدث باسم شركة العاصمة الإدارية الجديدة، العميد خالد الحسيني، عن تفاصيل إنشاء أول مدينة للإعلام والصحافة بالعاصمة الإدارية تحت مسمى "ميديا سيتي"، مشيرا إلى أنه تم تخصيص مساحة 400 فدان لإنشاء المدينة الجديدة.

في أول تعليق له وصف رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، حسين زين، في تصريحات صحفية، أن "ما يتردد بشأن هذا الأمر مجرد شائعات تتردد كل فترة، ولا أعرف سبب ترديدها"، لافتا إلى أن مبنى ماسبيرو سيظل كما هو دون مساس، على حد قوله.

لكن الإعلامي عمرو أديب المقرب من السلطة، لم يمانع من نقل مبنى ماسبيرو، قائلا: "في كلام عن نقل ماسبيرو، وأنتم تعلمون رأيي في الموضوع، لكن أنا أود أن أقول معلومة بسيطة، المبنى الخاص بقناة (بي بي سي) تم نقله بالكامل، وحدث تغيير كبير".

وأضاف خلال برنامجه على قناة "إم بي سي مصر": "إذا كانت دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية الأفضل فيها نقل مبنى ماسبيرو يكون الأفضل نقله"، وتابع: "الجميع على استحياء يقولون حرام عليكم نقل مبنى ماسبيرو، ولكن لا يوجد مشكلة من نقله وتطويره إذا استدعى الأمر".

 
تحصين المبنى ضد التغيير

وإذا ما كان نقل المبنى إلى العاصمة الإدارية الجديدة يهدف إلى تحصين المبنى ذي الأهمية الاستراتيجية من أي تطورات سياسية، قال المدير العام لقناة "مكملين الفضائية"، الدكتور أحمد الشناف، إن "الخلفية السياسية لهذا القرار حاضرة وبقوة".

وأضاف لـ"عربي21": "النظام حريص على بناء مدينة محصنة ومحاطة بأسوار عالية والدخول لها يحتاج لتصاريح وموافقات أمنية مسبقة، كل هذا لتجنب أي موجات ثورية جديدة قد تأتي فجأة بغير موعد؛ بسبب الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد".

وبشأن الموقع الاستراتيجي للمبنى، أوضح الخبير الإعلامي، أنه "لا يخفى على أحد الموقع الاستراتيجي لمبنى ماسبيرو في وسط القاهرة وعلى ضفاف النيل بمساحة 12 ألف متر وهي مساحة تكفي لبناء مجمع فنادق ضخم.. ربما يتم بيعه للإمارات بعد إخلائه على غرار منطقة ماسبيرو المحيطة التي تم هدمها وإخلاؤها من سكانها".


بيع وإهدار للأصول والرموز

من جهتها، قالت الناشطة السياسية، غادة نجيب، إنها "ضد بيع أصول مصر عموما، مبنى ماسبيرو خصوصا؛ لأن امتلاك أصول وموارد البلاد هو احتلال اقتصادي مرفوض، كان فيما مضى يتم إهدار المبنى كقيمة وإمكانيات وتحويله إلى مكاتب إدارية، وكنت أود استغلاله في تحويله إلى منصة إعلامية تضم عددا كبيرا من الاستديوهات لصالح قنوات عالمية".

وأكدت في تصريحات لـ"عربي21": "موقع المبنى وإطلالته على نهر النيل تبقى له رمزيته المعنوية والوطنية المهمة لدى الشعب المصري والذي احتضن تراثه الفني ونجومه الكبار من فنانين وممثلين ومفكرين وإذاعيين ومقرئين وغيرهم، لا يجوز إهداره وبيعه وتحويل نشاطه لفندق أو غير ذلك".

وأكدت أنها "مع تطويره واستغلاله بشكل يدر عوائد مادية مع الاحتفاظ بشكله وهويته ورمزيته، ولست مع بيعه وهدمه أو تحويله إلى فندق أو ما شابه، ويلحق بالعديد من المصانع الوطنية الضخمة التي كانت رمزا للصناعة الوطنية مثل الحديد والصلب، وما تبعه من تسريح وتشريد آلاف العاملين، وهذا تفريط واضح في أصول مصر".

وبحسب صحف محلية فإنه يعد مبنى الإذاعة والتلفزيون وسط القاهرة من أقدم مقرات البث الإذاعي والمرئي الحكومية في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تم تشييده في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وبدأ البناء في آب/ أغسطس عام 1959 وتم الانتهاء منه في 21 تموز/ يوليو 1960، على مساحة 12 ألف متر مربع.
التعليقات (0)