قضايا وآراء

بين الصفقة والصفعة تاهت العدالة!

محمد جميل
1300x600
1300x600

يشكل بيان جيش الاحتلال الإسرائيلي حول اغتيال الصحفيه شيرين أبو عاقلة صفعة في وجه كل من وثق في تحقيقات منظومة معروف عنها ارتكاب أفظع الجرائم وعدم الاكتراث بالمجتمع الدولي وقواعد القانون الدولي.

بيان جيش الاحتلال الذي يتنصل من اغتيال شرين بأنه لا ينوي التحقيق مع الجندي الذي أطلق النار ليس صادما وليس مفاجئا إنما هو استخفاف بالإدارة الأمريكية وبعض الجهات التي عولت على تحقيقات الجيش وهو التعويل الذي أرادت به الإدارة الأمريكية قتل القضية من خلال التسويف والمماطلة حتى لا تأخذ العدالة مجراها على المستوى الدولي .

جيش الاحتلال منذ اللحظة الأولى لاغتيال شيرين استخدم التضليل ونفى أن يكون مطلق النار جنديا وألقى باللائمة على مقاومين فلسطينيين.. وبعد تحقيقات ميدانية أجريت من عدة جهات أثبتت إطلاق النار من قناص إسرائيلي بهدف القتل تراجع الاحتلال خطوة إلى الوراء معلنا أن إطلاق النار قد يكون من جندي تواجد في المكان.

 

من حقنا أن نتساءل بعد تولي كريم خان مسؤوليته في المحكمة الجنائية الدولية: لماذا يتجنب الحديث عن جرائم إسرائيل؟ لماذا لم يتحرك أي خطوة لإنهاء التحقيق الرسمي؟ هل هناك صفقة ما عقدتها أطراف مع كريم خان لوضع ملف فلسطين جانبا مقابل توليه منصبه كمدعي عام؟

 



المثير للدهشة ورغم المراوغة والتضليل من قبل حكومة الاحتلال رحبت الخارجيه الأمريكية بتحقيق جيش الاحتلال الذي خلص إلى أن هناك احتمالا كبيرا بأن شيرين أصيبت بطريق الخطأ بنيران جيش الاحتلال ولم تشر الخارجية إلى أن جيش الاحتلال لا ينوي مساءلة مطلق النار .

هذا الموقف الأمريكي المنحاز دائما للاحتلال هو الذي يشجع الاحتلال على قتل الصحفيين وغيرهم، فهواية القتل التي يمارسها الاحتلال لا تهدأ أبدا فمساء أمس قتلت قوات الاحتلال الشاب الفلسطيني موسى سباعنة وأصابت العشرات خلال عملية هدم لمنزل في جنين.

لم يكن من الصعوبة بمكان إثبات مسؤولية جيش الاحتلال عن عملية تصفية شيرين ولا تصفية أكثر من 140 فلسطيني بينهم 16 طفلا منذ بداية هذا العام فقط، ولا قتل النساء والأطفال في الحروب التي شنها الاحتلال على قطاع غزة، الصعوبة تكمن في إخضاع منظومة الاحتلال التي أدمنت الإفلات من العقاب لأي منظومة عدالة سواء داخلية أو دولية بسبب الدعم غير المشروط من قبل أمريكا ودول غربية عديدة الأمر الذي جعل إسرائيل في موقع فوق القانون.

هذا الواقع قائم ومستمر منذ تأسيس الكيان قبل 74، حيث ارتكبت عصابات الاحتلال كل الجرائم الخطيرة من هدم للمنازل وتهجير السكان وارتكاب المذابح وإقامة المستوطنات وغيرها الكثير في مواجهة تنديد خجول من المجتمع الدولي وإبداء القلق مما حصن كيان الاحتلال وشجعه على ارتكاب مزيد من الجرائم ما دام أنه متأكد من الإفلات من العقاب.

هل سمعتم بمحاكمة القرش الواحد، بعد افتضاح مذبحة كفر قاسم التي ارتكبها جيش الاحتلال بتاريخ 29/10/1956 وراح ضحيتها 49 فلسطينيا كانوا عائدين من أعمالهم؟ أجريت محاكمة صورية للمذبحة وحكم على  المسؤول يسخار شدمي بدفع غرامة قرش واحد وباقي القتلة حكم عليهم بأحكام مخففة.. فهل يوجد أكثر من هكذا استخفاف بالدم الفلسطيني؟ وهل يوجد دليل في التاريخ أكثر من هذا على أن منظومة الاحتلال أسست على الدم والخراب وتحتاج إلى يد عليا لتردعها؟

في الوقت الحالي وفي ظل المنظومة الدولية القائمة علقت آمال على المحكمة الجنائية الدولية فأمام مكتب الإدعاء العام ملفات متكاملة لا ينقصها شيء في الشكل والموضوع فقد كان مؤملا أن يقوم المدعي العام الجديد كريم خان باستكمال الإجراءات من حيث النقطة التي توقفت عندها المدعية السابقة فاتو بن سودا .

فاتو بن سودا المدعية العامة السابقة استغرقت للإعلان عن فتح تحقيق رسمي أكثر من ست سنوات من تاريخ الإحالة من قبل دولة فلسطين في حزيران 2014 وانضمام دولة فلسطين في عام 20015 وهذا وقت طويل بالمقارنة مع قضايا تم تحقيقها في القارة الإفريقية في وقت قصير.

بعد هذه المدة الطويلة التي استغرقت لفتح تحقيق رسمي متى سيعلن كريم خان إصدار مذكرات قبض بحق المشتبه بهم؟ مع العلم أن المحكمة لا تستطيع إجراء محاكمات غيابية مما يعني أن العدالة لن تتحقق إلا بالقبض على المشتبه بهم وهو أمر غاية في الصعوبة يدركه مكتب الإدعاء العام لكن هذا لا يقلل من شأن إصدار مذكرات القبض فهو يرسل رسالة أن المحكمة الدولية جادة في تحقيق العدالة.

العدالة البطيئة التي تترنح في حلبات السياسة هي صنو لإنكار العدالة لا فرق بينهما، هذا البطؤ والمماطلة من قبل جهاز قضاء دولي يكرس النظرة القائلة أن المحكمة مسيسة.. وما يؤكد ذلك أن المدعين العامين السابقين والحالي كانوا سريعي الخطى في ملفات تتعلق بجرائم حدثت في دول أخرى من أبرزها اليوم الحرب الأوكرانية الروسية.

صحيح أن المحكمة في عهد فاتو بن سودا لم ترضخ لتهديدات وعقوبات حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية لكن في عهد كريم خان ومنذ توليه رئاسة مكتب الإدعاء العام في حزيران 2021 لم يتحرك أي خطوة على صعيد ملف فلسطين فهل هذا يفسر سر توقف الهجمة من حكومة الاحتلال على المحكمة.

 

لولا ألاعيب السياسة لشكلت منذ زمن طويل محكمة خاصة للنظر في الجرائم الخطيرة التي ارتكبها ويرتكبها جيش الاحتلال، فجرائم الاحتلال بنوعها وكمها تحتاج لمحكمة بنظام خاص يحقق العدالة الناجزة وهي فرصة متاحة بعيدا عن مجلس الأمن الذي تسيطر عليه أمريكا ومن خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرار متحدون من أجل السلام 377.

 



من حقنا أن نتساءل بعد تولي كريم خان مسؤوليته في المحكمة الجنائية الدولية: لماذا يتجنب الحديث عن جرائم إسرائيل؟ لماذا لم يتحرك أي خطوة لإنهاء التحقيق الرسمي؟ هل هناك صفقة ما عقدتها أطراف مع كريم خان لوضع ملف فلسطين جانبا مقابل توليه منصبه كمدعي عام؟

السيد كريم خان يعلم أن المحكمة الجنائية لن تحقق العدالة الناجزة للشعب الفلسطيني بمعناها الشامل وأن هناك صعوبات كبيرة لعقد محاكمات وهذا يجب أن يكون دافعا له ليقوم بأقل القليل من واجباته بإصدار مذكرات قبض بحق المشتبه بهم.. فهل يفعلها أم يبقى مشلولا بلا حراك ليكرس تسييس المحكمه ويعزز شكوك تعيينه مدعيا عاما؟

أخيرًا.. لولا ألاعيب السياسة لشكلت منذ زمن طويل محكمة خاصة للنظر في الجرائم الخطيرة التي ارتكبها ويرتكبها جيش الاحتلال، فجرائم الاحتلال بنوعها وكمها تحتاج لمحكمة بنظام خاص يحقق العدالة الناجزة وهي فرصة متاحة بعيدا عن مجلس الأمن الذي تسيطر عليه أمريكا ومن خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرار متحدون من أجل السلام 377.


التعليقات (0)