هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوس أنجليس
تايمز" مقالا للمؤرخ ومدير مركز
الشرق الأوسط في جامعة بنسلفانيا ومؤلف كتاب "أمريكا وإيران: تاريخ، 1720 حتى
الآن" جون غازفينيان قال فيه؛ إن الاتفاقية النووية مع إيران باتت في حكم
الميت، ومن المفيد أن يعترف الرئيس جو بايدن بهذه الحقيقة.
وقال فيه إنه من الواضح الآن، أن المحادثات التي
هدفت لإحياء خطة العمل المشتركة الشاملة- والمعروفة بالاتفاق الإيرانية- متوقفة.
وبعد ثماني جولات من المحادثات غير المباشرة، فشلت إدارة بايدن والرئيس الإيراني،
إبراهيم رئيسي لإعادة الصفقة التي نبذها دونالد ترامب عام 2018.
وترفض إيران العودة للاتفاقية حتى تحصل
على ضمانات قوية بأن رئيسا جمهوريا ربما يفوز في انتخابات عام 2024 لن يلغيها.
وتريد شطب الحرس الثوري عن قائمة المنظمات الإرهابية.
ويعلق الكاتب أن المفاوضات مع إيران التي بدأت عام 2009، لم يقصد منها أن تسير بمسار خاص بها. وبدلا من ذلك، تصور
الرئيس باراك أوباما أن تكون انفتاحا على إيران وطريق بداية لحوار أوسع وتقارب
وتواصل مع الجمهورية الإسلامية.
وفي الطريق لهذا، أصبحت الاتفاقية النووية نفسها
عقبة أخرى، بالإضافة لقائمة الخلافات بين البلدين، وعوضا عن "منع إيران
نووية"، أصبحت الاتفاقية بمنزلة حاجز يجب أن يمر أي نقاش يتعلق بإيران حوله،
أو المناورة عليه أو من خلاله.
اقرأ أيضا: هل نجحت إيران بمنع بلورة "حلف الدفاع الإقليمي" ضدها؟
وإذا أرادت إدارة بايدن تحقيق تقدم في
احتواء التحدي الذي تمثله إيران وتعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة، فهي بحاجة
لأن تبدأ بالاعتراف بحقيقتين غير مريحتين:
الأولى، أنه عندما يتعلق الأمر بسياسة
الولايات المتحدة من إيران، فقد انتصرت إدارة ترامب، إذ كانت سياستها فاعلة بشكل
مدمر، أي جعل أي عودة أمريكية للاتفاقية النووية مستحيلة، حالة خسر ترامب انتخابات
عام 2020. والفضل يعود لترامب الذي خرج من الاتفاقية النووية عام 2018 وما تبع ذلك
من عقوبات شديدة، بشكل جعل إيران تشك في إمكانية حفاظ أمريكا على تعهداتها. وفي
إيران، هناك اعتقاد أن أي رئيس جمهوري سيعمل بقدر ما لديه من قوة على تمزيق أي
اتفاق يمكن أن تتوصل إليه إدارة بايدن.
الثانية، وربما كانت حقيقة مزعجة أكثر،
وهي أن إيران انتصرت، مع أن المسؤولين الأمريكيين لا يحبون الاعتراف بهذا، ففي
مرحلة ما خلال السنوات الأربع الماضية، أصبحت إيران دولة قادرة على إنتاج السلاح
النووي، وهذا لا يعني أن إيران أصبح لديها قنبلة نووية أو أنها تريد واحدة، بل إن
إيران على بعد خطوة واحدة من القنبلة. وهذا نتاج تعهدات إدارات أمريكية متعاقبة
أقسمت بعدم السماح لإيران بالحصول على القوة النووية.
وأضاف الكاتب أن النزاع بين الولايات
المتحدة وإيران لم يكن أبدا بسبب أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم، بل كان
في الأساس سياسي الطابع ويعود إلى عام 1979، وسقوط الشاه محمد رضا بهلوي المؤيد
لأمريكا واحتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران.
وتابع بأن على الولايات المتحدة
التعامل مع إيران بالطريقة نفسها التي كانت تتعامل معها قبل بدء المفاوضات النووية
عام 2009، أي التركيز على الموضوعات السياسية والأمل بالتوصل إلى حلول سياسية.
ويعتقد غازفينيان أن منافع النهج
السياسي لإدارة بايدن، هو أنه يحرر الولايات المتحدة من متابعة مفاوضات واسعة
وشاملة وعميقة مع إيران، وفي موضوعات مثل الصواريخ الباليستية، وحقوق الإنسان ودعم
إيران للمليشيات الوكيلة عنها في المنطقة.
فبدلا من التفاوض في سياق صفقة نووية
معقدة، التي لن تستمر بسبب غياب الإرادة السياسية، يمكن للبيت الأبيض التركيز على
خلافات جوهرية رئيسية تفصل بين البلدين. لكن هذا النهج قد يعني أن الولايات
المتحدة ستضطر للتنازل عن أو تخفف العقوبات الثانوية، وتسهل على إيران بيع نفطها في
الأسواق الدولية.
ولكن، يجب على إيران الاعتراف بأن
التغيرات الأخيرة بالمنطقة، مثل اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين
جعلتها في عزلة أكبر. ولهذا، فهناك المزيد لكسبه في التعاون مع أمريكا أكثر من
المواجهة. ونهج كهذا يمكن تسويقه محليا أفضل من محاولة إحياء الاتفاقية النووية؛ ففي عام 2015، واجه أوباما معركة حامية مع الكونغرس لتجاوز المعارضة للاتفاقية مع
إيران، واليوم سيكون تسويقه أصعب.
ومن خلال الإعلان عن وفاة الاتفاقية
النووية فسيكون بايدن قادرا على المراوغة على كل هذا، وسيعطي الصقور في واشنطن
بانتصار يشعرهم بالرضا، ونهاية منطقية لما كانوا ينتظرونه، وسيجد وقتا لمتابعة
الموضوعات التي يريدها، سياسة أكثر واقعية من إيران.
وقد تغير العالم كثيرا منذ عام 2009،
وأصبحت إيران دولة قادرة نوويا، مضت في الطريق نحو إنتاج السلاح النووي فهذا
قرار سياسي على طهران اتخاذه وليس قرارا فنيا تحدده المفاوضات. ويجب على إدارة
بايدن وحلفائها الاعتراف بهذا التحول الرئيسي، الاتفاقية الإيرانية ميتة وحان وقت
دفنها.