ملفات وتقارير

وزير الخارجية الروسي بالجزائر.. ماذا تريد موسكو من تبون؟

روسيا تبحث من خلال حلفائها ومنهم الجزائر على التوسط من أجل حل مشرف لها ويخرجها من الأزمة الأوكرانية- جيتي
روسيا تبحث من خلال حلفائها ومنهم الجزائر على التوسط من أجل حل مشرف لها ويخرجها من الأزمة الأوكرانية- جيتي

أدى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء 10 أيار/مايو 2022، زيارة إلى الجزائر لبحث الأزمتين الأوكرانية الليبية والوضع في الشرق الأوسط، ومستجدات أسواق الطاقة، بحسب مصادر دبلوماسية جزائرية.

وأشار التلفزيون الجزائري إلى أن "الزيارة تأتي بمناسبة الذكرى الـ60 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وروسيا".

وكان الرئيس الجزائري قد تحادث مع نظيره الروسي وسط شهر أبريل (نيسان) من خلال مكالمة هاتفية اتفق عبرها الرئيسان على أهمية تبادل الزيارات الرفيعة المستوى، بين مسؤولي البلدين، والاجتماع القادم للجنة المشتركة، للتعاون الاقتصادي. حسب بيان للرئاسة الجزائرية.

 

اقرأ أيضا: وزير الخارجية الروسي يصل الجزائر في زيارة غير معلنة

علاقات تاريخية واقتصادية

وتجمع الجزائر بروسيا علاقات تاريخية، حيث سبق الاتحاد السوفيتي جميع الدول في الاعتراف باستقلال الجزائر في 23 مارس 1962، وأعلن السوفيت هذا الاعتراف قبل إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة، وقد ساند الاتحاد السوفيتي الجزائر في معركة التحرر من الاستعمار الفرنسي سياسيا وعسكريا، وبدورها سارعت الجزائر في السادس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) 1991 إلى الاعتراف بجمهورية روسيا الاتحادية.

وتعد الجزائر الدولة الأولى أفريقيًا من حيث استيراد السلاح الروسي، كما تحتل المرتبة الثالثة عالميًا في هذا المجال بعد الصين والهند، حيث استحوذت على 15٪ من صادرات روسيا العسكرية سنة 2016، ويمثل السلاح الروسي 69٪ من جملة السلاح الجزائري.

انحياز حذر


ومنذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا تميز الموقف الجزائري بالانحياز الحذر لفائدة روسيا، حيث امتنعت الجزائر في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة يوم 02 مارس (أذار) 2022 عن التصويت على قرار أممي يدين روسيا وحربها على أوكرانيا. 

أيضا صوتت الجزائر ضد قرار أممي حول "تعليق حقوق عضوية الاتحاد الروسي في مجلس حقوق الإنسان، ومراجعة هذه المسألة، حسب الاقتضاء"، وتعليقا على هذا الموقف قال مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد النذير العرباوي، في الجمعية العامة إنه ينبغي السماح للآليات الأممية المختصة بالتحقيق في الوقائع بطريقة محايدة حتى يتسنى إقرار العدالة للجميع.

ودعت الجزائر إلى احترام المبادئ العالمية، الموضوعية وغير الانتقائية التي تشكل حجر الزاوية في عمل مجلس حقوق الإنسان، مع النأي بمجلس حقوق الإنسان عن أي تجاذبات سياسية من شأنها التأثير على دور ومهام هذه الهيئة المحورية.

 

اقرأ ايضا: تبون للافروف: الجزائر وفية جدا لصداقتها بروسيا

وجددت الجزائر دعمها للمفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا من أجل وقف العمليات العسكرية. وقال ممثل الجزائر إن بلاده "تجدد دعوتها لتكثيف الجهود الدبلوماسية الدولية الرامية لحل الأزمة الراهنة، بما يمكن من منع الانهيار المتزايد للمعايير الدبلوماسية والتوصل، في أقرب وقت ممكن، إلى حل سياسي يضمن الحفاظ على سيادة الدول وسلامة أراضيها ومصالحها الحيوية المشروعة."

في المقابل تتعرض الجزائر إلى ضغط غربي متواصل حول إمكانية تعويض الغاز الروسي بالغاز الجزائري، وقد عرفت الجزائر زيارات عديدة في هذا الاتجاه منها زيارة وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو في شهر فبراير الماضي وزيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في شهر مارس (آذار) المنقضي.

ويمكن قراءة الموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء الغربية أيضا في إطار الضغط من أجل إعادة فتح خط الأنبوب المغاربي الذي أعلنت الجزائر إنهاء استغلاله في شهر نوفمبر الماضي إبان قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب.

وفي هذا الصدد، يقول أستاذ العلاقات الدولية والباحث في مركز أورسام، عمر الروابحي إن "الموقف الجزائري بدأ حذرا تجاه النزاع في أوكرانيا بسبب العلاقات الاقتصادية التي تجمع الجزائر بأوكرانيا والغرب بصفة عامة وكذلك العلاقات الاستراتيجية القوية التي تجمعها بروسيا".

ويضيف الروابحي بأن "هذا الحذر رافقه انحياز للسياسات الروسية بحكم أن التسلح الجزائري هو تسليح روسي بما يفوق 70%".

ويعتبر الخبير الجزائري بأن "الخطوات التي أقدمت عليها إسبانيا واعترافها بمغربية الصحراء بضغط أمريكي دفع الجزائر إلى مزيد الانحياز لروسيا ورفض أن تكون الجزائر بديلا عن الطاقة الروسية الواردة إلى أوروبا".

 

اقرأ أيضا: لافروف: موقف الدول العربية من أزمة أوكرانيا "موضوعي ومتزن"

ماذا تريد روسيا من الجزائر؟ 

جاءت زيارة وزير الخارجية الروسي للجزائر بشكل مفاجئ –غير معلن عنها مسبقا- وهي ثاني دولة يزورها بعد الصين بُعيد الغزو الروسي لأوكرانيا، وهذا يدلل على أهمية القضايا التي ناقشها الطرفان. 

وهو ما أكده أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر إسماعيل معراف لـ "عربي21" قائلا: "وإن بدا أن زيارة لافروف للجزائر ودية فإنها ناقشت عديد القضايا المهمة التي تجمع البلدين".

ويرى معراف بأن الزيارة تأتي في إطار مراهنة روسيا على الجزائر بحكم علاقاتها مع الغرب وفرنسا أساسا بأن توصل صوته إلى الرئيس ماكرون الذي يزور الجزائر نهاية الشهر الحالي. 

ويعتبر معراف بأن روسيا تبحث من خلال حلفائها ومنهم الجزائر على التوسط من أجل حل مشرف لها ويخرجها من الأزمة التي أنهكتها.

وحول هذا الحل يقول معراف بأن "خطوطه العريضة هو إبعاد أوكرانيا عن حلف الأطلسي وتحييدها على مخططات التآمر على روسيا وإضعافها".

أما أستاذ العلاقات الدولية عمر الروابحي فيرى بأن "زيارة لافروف تأتي في إطار مناقشة ملف الطاقة وأساسا في إطار مساعي روسيا لإفشال الجهود الغربية للبحث عن بدائل للطاقة الروسية، بما يضطر أوروبا إلى استدامة الارتهان لها طاقويا، ويبدو أن الجزائر لا تعترض على هذا المسعى"، وفق تصريحه لـ"عربي21".

ويرجح الروابحي وجود صفقة روسية جزائرية في الأفق مقتضاها تزويد الجزائر بأسلحة روسية نوعية مقابل عدم التعاطي الجزائري مع العروض الأوروبية لزيادة واردات الطاقة والاكتفاء باحترام الاتفاقيات القائمة حاليا.

يذكر أنه عقب استقبال لافروف من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أكد وزير خارجية روسيا دعوة بوتين لتبون حتى يقوم بزيارة إلى موسكو، حسب وكالة الأنباء الروسية.


التعليقات (0)