هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما زالت الأزمة السياسية الإسرائيلية مستحكمة في المشهد الداخلي، ورغم محاولات الحكومة ورئيسها نفتالي بينيت "لملمتها"، والعمل على تطويقها، خشية الإطاحة به، فإن الإهانات الموجهة له في الكنيست بالأيام الأخيرة تسهم في إضعافه أكثر، وتعمل على إيذائه، وتمثل هدية مجانية لأعدائه.
ومع العلم أن كل من شاهد
البث الحي من الكنيست يكتشف كيف يتعرض نفتالي بينيت زعيم حزب "يمينا"
لأسوأ لحظات حياته وهو يواجه إهانات قاسية، على الهواء مباشرة، من بعض أعضاء
اليمين، الذين صرخوا في وجهه، واتهموه بأنه "فقد كوابحه" وأنه
"مجنون"، وأن هناك "قلقا شديدا على صحته العقلية"، وأنه
"يبيع النقب للعرب"، مع العلم أنه كان إلى أمد قريب أحد زملائهم ورفاقهم
في معارضة رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو.
آساف غولان الكاتب في صحيفة
"إسرائيل اليوم" ذكر في مقاله الذي ترجمته "عربي21" أن
"مسلسل الإهانات ضد بينيت لم يتوقف عند هذا الأمر، بل وصل إلى اتهامه بأنه
"لص، محتال، مجرم من أسوأ الأنواع، ضعيف يعرض إسرائيل كلها للخطر، وكأن أعضاء
الكنيست من مختلف القوائم الحزبية نسوا القواعد البسيطة التي تنظم لغة التخاطب
بينهم، فكيف والحال مع رئيس الحكومة، لكن من الواضح أن إعادة تعليمهم إياها أصبحت
ضرورية للغاية".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: تزايد التوتر الداخلي والحكومة تعيش حالة إحباط
وأضاف أنه "عندما يُذل
زعيم دولتنا في الكنيست، ويصرخون في وجهه بأنه "عار"، وتُلقى عليه تعابير
قاسية، فلسنا أمام معارضة عادية، لأن من يهان ويؤذى اليوم ليس شخصًا عاديًا، بل
يمثل شعب إسرائيل، لكن هذا السلوك المشين لأعضاء الكنيست اليمينيين يدل على صوابية
كل من قالوا إنه ليس من الصواب إعطاء دولة لليهود، لأنهم ليسوا شعبا، العالم من
حولنا ينظر، يرى الضجة والعاصفة والعار والإذلال، ويقول: هؤلاء اليهود ينهارون من الداخل،
وتنهار خيوط العنكبوت، ويتحولون إلى تراب".
وفي مراجعة سريعة لمختلف
مراحل السجال البرلماني في الكنيست للعقود الماضية، نجد انطباعا فوريا بأن
الإسرائيليين أمام انقلاب سلبي في سلوكهم السياسي والحزبي، ما يفسح المجال أمام
أعدائهم لينظروا للكنيست، و"يفركوا" أيديهم بسرور، الأمر الذي استفز
العديد من الأوساط السياسية والحزبية الإسرائيلية، حتى تلك التي لم تصوت لرئيس
الوزراء الحالي في الانتخابات الأخيرة، واتهامهم له بأنه خدع الناخبين، حين عمل
على الترويج لقوانين سيئة، ودعوا لاستبدال الحكومة في الانتخابات المقبلة.
في الوقت نفسه، فإن حجم الابتذال الذي تعرض له بينيت خلال جلسة الكنيست الأخيرة، من قبل أعضاء الكنيست الجدد من قائمتي الليكود والصهيونية الدينية يعطي تبريرا واقعياً للمخاوف الإسرائيلية مما يسمونها "شبح الحرب الأهلية اليهودية"، التي بدأت تتكرر على ألسنة العديد من الكتاب والصحفيين الإسرائيليين، وهم يرون أن الأمر تجاوز المعارضة السياسية العادية، التي عاشوها طوال العقود السبعة الماضية، ولم تصل في أسوأ ظروفها إلى هذا الدرك غير المسبوق من الإهانات والإذلال المشين!