يأتي
إعلان الفنان أدهم النابلسي لقرار
اعتزاله بعد سبعة شهور من اتخاذه وإبلاغه المقربين منه، وعليه كان متحللا من أي التزامات تحول دونه أو وصف قراره بالمستعجل أو المتسرع.
أخذ أدهم قراره مضحيا بمسيرة صعد بها نجمه ابتداء في 2013 بالوصول لنهائيات مسابقة إكس فاكتور الغنائية التي تنظمها مجموعة إم بي سي، ثم ببلوغه قبل شهور المرتبة العاشرة عربيا في المطربين الأكثر شهرة وطلبا على المنصات الغنائية مثل سبوتفاي وغيرها، فضلا عن وجود سبعة ملايين متابع على منصات التواصل ومئات الملايين من "اللايكات" لأغانيه..
ضحّى أدهم بذلك كله لأجل غاية لخّصها بكلمة واحدة هي "لله" عازما على حذف جميع إصداراته السابقة، رغم الخسائر المالية الكبيرة المترتبة على ذلك، ومن ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه.
معيار الحلال والحرام في التعامل مع الفنون نسبي وفيه آراء وأحكام، ولكن معيار القيم والأخلاق واضح لا لبس فيه
منتقدو هذه الخطوة الشجاعة من رواد
الفن بشكله الهابط حاولوا ثني أدهم عن خطوته بين من دعاه بلطف ومن هاجمه بشدة، ولكن الأدهى أن منهم من قوّلوا أدهم ما لم يقل وذهبوا بحديثه لمساحات لم يتطرق لها عن الحلال والحرام.
إن معيار الحلال والحرام في التعامل مع الفنون نسبي وفيه آراء وأحكام، ولكن معيار القيم والأخلاق واضح لا لبس فيه، فلا يعقل أن تكون الأغنية المصحوبة بكلمات مبتذلة وملابس متعرية وإيحاءات جنسية مجالا لخلاف بين اثنين حول مجونها وابتعادها عن القيم، والعاقل الذي يشتري آخرته قبل دنياه يعتزل ذلك كله، وقد حمد أدهم الله تعالى أن مد في عمره حتى أدرك هذه اللحظة.
تابعت اللقاءات التي ظهر بها النابلسي منذ إعلانه اعتزاله، ورأيت فيه ثقة وعزيمة ووضوحا بالتأكيد على اعتزال هذا المجال برمته، ولكن مع الشعور بالمسؤولية تجاه متابعيه والسائرين على خطاه، ووعدهم بالبقاء معهم بتقديم شيء ينسجم مع القيم والمبادئ والهدف الأسمى من الوجود في الحياة، وهو السعي نحو مرضاة الله.
مع الشعور بالمسؤولية تجاه متابعيه والسائرين على خطاه، ووعدهم بالبقاء معهم بتقديم شيء ينسجم مع القيم والمبادئ والهدف الأسمى من الوجود في الحياة
إن توبة واعتزال أدهم تؤكد ما ردده ذلك الشيخ على المنبر وردده الناس من خلفه: شبابنا ملاح، نعم هم طيبون وأبناء فطرة سليمة، ولو انحرفوا عنها ذات مرة لا بد أن يعودوا ولو بعد حين.
علينا ألا نفقد الأمل بشبابنا ما دام فيهم أمثال أدهم - ثبته الله - فهم على خير عظيم، وكثير منهم عندما تقترب منه تجد تواضعا وأدبا وحسن تربية، ولكن التيار السيئ جارف وهدّار، والمسائل تحتاج صبرا وحكمة وعدم توزيع الجنة والنار على الناس، وترك باب التوبة مفتوحا كما أراد رب العزة جل في علاه.
إن كان من كلمة أوجهها لأدهم فهي بدعوته لاستثمار ما حباه الله من نعمة بصوت حسن ومساحة من التأثير، وقدرة على الإقناع في دائرة الفن الهادف والدعوة إلى الخير، وخدمة قضايانا الوطنية العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين.