أكدت صحيفة
إسرائيلية، أن
الاتفاق النووي بين
القوى العظمى وإيران هو مصلحة إسرائيلية، كاشفة أن أكثر ما يقلق تل أبيب، هو
مراكمة إيران للعلم في المجال النووي، وهو الأمر الذي لا يمكن نزعه ولا حتى بهجوم
عسكري.
ونبهت صحيفة "معاريف" العبرية في
تقرير أعده تل ليف-رام، أن "الفجوة بين واشنطن وتل أبيب حول محادثات النووي
كبيرة جدا، وتبدو في هذه المرحلة غير قابلة للجسر".
تأخير البرنامج النووي
وأضافت: "في تل أبيب يفهمون أنه حتى لو
استغرق هذا نصف سنة أو سنة ففي نهاية المطاف ستعود القوى العظمى وإيران إلى إطار
اتفاق يشبه بالخطوط العامة اتفاق 2015"، منوهة أن "واشنطن تقول لإسرائيل
بشكل واضح؛ الانسحاب من الاتفاق بتشجيع مع
تل أبيب (زمن بنيامين نتنياهو)، كان خطأ استراتيجيا جسيما؛ فإيران لم تنهر، بل
طورت قدرات وأجهزة طرد مركزي متطورة، وراكمت العلم والثقة بالنفس لمواصلة التقدم
في البرنامج النووي".
ولفتت إلى أنه "لا يوجد تغيير كبير بالسلوك
الأمريكي في هذا الموضوع، وإذا وجد فهو يرتبط أكثر بالسلوك العلني الأكثر اعتدالا
مع الأمريكيين، ولكن من حيث الجوهر لا يوجد تغيير حقيقي"، مضيفا:
"إسرائيل اليوم تأسف، لأنه بعد الانسحاب من الاتفاق، كان ينبغي العودة
للاستثمار في خيار عسكري مصداق، ولكن هذا بات بمثابة حليب مسكوب".
وأكدت الصحيفة، أن هناك "تعليمات من
القيادة السياسية ورئيس الأركان، بأن يسرّع الجيش وسلاح الجو الإسرائيلي
الاستعدادات لمثل هذه الإمكانية، ولكن ليس كخيار أول تعمل به إسرائيل وحدها حيال
إيران، بل كقدرة ينبغي أن تكون بالترسانة وكرافعة ردع لإيران".
ورجحت أن يساهم هجوم عسكري إسرائيلي ضد
البرنامج النووي الإيراني، بتأخيره وليس بوقفه بشكل تام، موضحة أن "للساحة
الدولية وللاستعداد بالتوازي لحرب إقليمية مع التشديد على حزب الله الذي تعاظمت
قدراته العملياتية، وزنا كبيرا في المباحثات التي تجرى منذ اليوم، وتفكير مستقبلي عن
هجوم ضد إيران، سترفع إلى السطح مسألة، هل يتعين على إسرائيل كخطوة أولية أن تعمل
على إضعاف دراماتيكي لحزب الله؟ بصيغة أخرى، هل ينبغي لبطاقة الدخول لهجوم ضد
إيران أن تمر قبل ذلك عبر بيروت؟".
ورأت "معاريف"، أن "هذه أسئلة
ثقيلة الوزن، تقود إسرائيل إلى الاستنتاج بأن الطريق الدبلوماسي أفضل من استخدام
القوة العسكرية، لذا يمكن التقدير، أن احتمال مهاجمة إسرائيل لإيران وحدها يبقى
متدنيا، رغم أن من يستمع لتصريحات زعماء إسرائيل، يعتقد أن معركة تقترب، وهذا جزء
من نقل الرسائل الإسرائيلية لشركائها ولإيران أيضا".
وتعتقد الأجهزة الأمنية للاحتلال، أن الأسوأ من
العودة إلى الاتفاق، هو "التوقيع عليه بعد زمن طويل، لأن طهران ستستغل الوقت
للتقدم في البرنامج النووي وخاصة فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم".
نقطة بدء سيئة في فيينا
ونوهت الصحيفة، إلى أن "إسرائيل قلقة ليس
فقط من تخصيب اليورانيوم وإدخال أجهزة طرد مركزي حديثة، بل أيضا من مراكمة العلم
والثقة الذاتية لدى النظام الحاكم في
طهران"، زاعمة أن "الرسالة التي تطلقها تل أبيب في المحادثات المغلقة مع
الأمريكيين، أن التوقيع على اتفاق، لن يتحقق إذا لم تعرض واشنطن وأوروبا موقفا متصلبا بل
وشددت العقوبات ضد إيران".
ولفتت إلى أن "إسرائيل ترى في رفع
العقوبات التدريجي وقبول الشروط الإيرانية المسبقة، أنها ستؤدي لنتيجة
معاكسة".
وأكد ضباط كبار في شعبة الاستخبارات
الإسرائيلية "أمان"، أن "إسرائيل فشلت في تقدير آثار خروج
الأمريكيين من الاتفاق النووي، وعليه ينبغي عليها أن تبدي بعض التواضع، عندما
يزايدون على الإدارة الديمقراطية الأمريكية"، معبرين عن خيبة أملهم من
"الأخطاء الخطيرة التي ترتكبها الآن حيال إيران، إذا أخذنا بالحسبان أن إسرائيل ارتكبت أخطاء استراتيجية".
ورغم ما تعانيه إيران جراء العقوبات وغيرها،
إلا أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن "الحكم مستقر في إيران، والأخطر من
ذلك، أن نقطة البدء للمفاوضات هذا الأسبوع مع إيران في فيينا، هي أسوأ بكثير مما
كانت عليه في 2015".
وأشارت "معاريف"، إلى أن "إيران
في إطار أي اتفاق يمكن أن تتراجع ظاهرا، بشأن تخصيب اليورانيوم وأجهزة الطرد
الحديثة، ولكن العلم المتراكم والثقة بالقدرات، لم يعد ممكنا أخذهما من
الإيرانيين، ولا حتى بواسطة هجوم عسكري"، مؤكدة أن "إسرائيل قلقة من
القدرة التكنولوجية المستقلة المبهرة التي حققها علماء إيران".
وذكرت أنه "رغم أن إيران في 2003 هجرت
برنامج السلاح لديها، الذي يعني القدرة التكنولوجية والعملياتية لأخذ المادة
المشعة في المستويات العالية وتصميمها في رأس متفجر يمكن تركيبه على صواريخ بعيدة
المدى، إلا أن – بحسب الاستخبارات الإسرائيلية – العلم بقي والإيرانيين واصلوا
إدارة مجموعات عمل صغيرة سرية".
وقدرت أن "إيران بحاجة لسنتين من لحظة
القرار للاندفاع نحو قنبلة نووية وحتى تحقيق مثل هذه القدرة، فطريقة العمل
الإيرانية مختلفة عن دول مثل العراق وسوريا وغيرها من الدول التي طورت سلاحا
نوويا، لأن بناء قدرة تخصيب اليورانيوم الإيرانية بأهداف عسكرية لم يتم بالتوازي
مع التقدم في مجموعة السلاح، وفي تخصيب اليورانيوم لمستويات عالية، بالمقابل،
تستخدمه إيران كجزء من لعبة القمار التي تديرها مع الغرب، في فحص قدراتها لشد
مستوى ضبط النفس لدى الأمريكيين".
وأفادت "معاريف"، أن "الحساسية
الإسرائيلية تجاه الولايات المتحدة في مثل هذه الفترة كبيرة ومعقدة..، والمواجهة
مع الأمريكيين لن تخدم إسرائيل بأي طريقة كانت"، منوهة أن "التوقيع
المستقبلي لاتفاق يعرف عندنا كاتفاق سيء، تظهر فضائل أيضا منها؛ تراجع إيران في كل
ما يتعلق بكميات اليورانيوم ومستوى
التخصيب، تفكيك أجهزة الطرد المركزي المتطورة وإعادة آلية الرقابة من الوكالة
الدولية للطاقة الذرية".
وخلصت إلى أن "الخيار السياسي الدبلوماسي
هو الأفضل لإسرائيل في هذا الوقت، في صورة الوضع الحالي، البعيد عن أن يكون وضعا
كامل الأوصاف، ولا سيما في ضوء تقدم إيران في السنة الأخيرة، ولكن في الوقت
الحالي، إلى جانب قيود الاتفاق المستقبلي إذا ما وقع، سيكون لإسرائيل زمن أكبر
بكثير كي تستعد لخيار عسكري وتحسين الجاهزية للمواجهة مع حزب الله".
وقالت: "صحيح أن إيران نووية، هو وضع لا
يطاق ومحظور السماح به بأي طريقة كانت، ولكن صحيح حتى الآن، أن العودة إلى الاتفاق
النووي هي أيضا مصلحة إسرائيلية واضحة".