أعاد الأمر الصادر عن وزير الدفاع الأمريكي،
لويد أوستن، بفتح تحقيق جديد رفيع المستوى في غارة جوية أمريكية في
سوريا عام
2019، أسفرت عن مقتل عشرات النساء والأطفال، ببلدة
الباغوز في آذار/مارس 2019،
أثناء المعارك التي سبقت الإعلان عن هزيمة تنظيم الدولة، تسليط الضوء على
الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأمريكية في سوريا.
وكان تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك
تايمز" في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قد أورد ادعاءات بأن عدداً من المسؤولين
الأمريكيين سعوا إلى إخفاء الخسائر.
وحسب مصادر حقوقية سورية، ارتكبت قوات
"
التحالف الدولي" منذ تشكيل التحالف في سبتمبر/أيلول 2014 من أجل محاربة
التنظيم بقيادة الولايات المتحدة، انتهاكات كثيرة.
ما لا يقل عن 3 آلاف ضحية
وقال مدير "الشبكة السورية لحقوق
الإنسان"، فضل عبد الغني، إن أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها قوات التحالف هي
القتل خارج نطاق القانون، مؤكداً أن حصيلة قتلى التحالف الدولي من المدنيين تفوق
حاجز الثلاثة آلاف مدني في سوريا، ثلثهم من الأطفال.
وأضاف عبد الغني لـ"عربي21"، أن
مقاتلات التحالف الدولي قصفت عشوائياً مناطق مأهولة بالمدنيين، وهو ما يعتبر جريمة
حرب، إلى جانب إلحاق الدمار بالمرافق الحيوية.
وتابع مدير الشبكة الحقوقية، فإن دعم التحالف
لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي مارست انتهاكات وارتكبت جرائم بحق
السوريين، يعد انتهاكاً أيضاً، مضيفاً: أن "قوات التحالف مسؤولة عن تشريد
مئات آلاف السوريين".
والأهم من وجهة نظر عبد الغني، أن
"التحالف الدولي" لم يجر تحقيقات بالانتهاكات التي حصلت، إلا على نطاق
ضيق، وعلى عدد محدود من هذه الانتهاكات، وكذلك لم يقم بتعويض الضحايا، رغم عدم
وجود أي مبرر لعمليات تأخير التعويض.
تدمير الرقة
وعلى الصعيد ذاته، حمل الخبير العسكري والمحلل
الاستراتيجي، العقيد أديب عليوي، التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة مسؤولية
الدمار الكبير الذي لحق بمدينة الرقة في العام 2017.
وأضاف عليوي لـ"عربي21" أن السمة
العامة للتعامل من قبل التحالف خلال حرب التنظيم كانت القصف العشوائي، وتدمير
المنطقة تمهيداً لتقدم القوات البرية (قسد).
وهنا أشار الخبير العسكري إلى "نسبة
الدمار التي لا تكاد تذكر في المعارك التي خاضها الجيش الوطني مدعوماً بالجيش
التركي في ريف حلب الشمالي والشرقي"، مشيراً بالتحديد إلى المعارك التي مهدت
لدحر تنظيم الدولة من مدينة الباب في نهاية العام 2016، ومطلع العام 2017.
وقال عليوي، إن نسبة الدمار الذي لحق بالباب
كانت خفيفة جداً، رغم اشتداد المعارك وضراوتها، في حين نشاهد أن مدينة مثل الرقة
دمرت بشكل كبير.
وحسب الخبير العسكري، فإن الانتهاكات من جانب
"التحالف الدولي" سجلت في كل المناطق التي جرت فيها مواجهات مع تنظيم
الدولة، مشيرا في هذا السياق إلى مجزرة الباغوز التي ارتكبتها قوات التحالف في ريف
دير الزور.
لكن رغم ذلك، وطبقاً لعليوي، فإن انتهاكات
التحالف الدولي رغم كثرتها، لا تقارن أبدا بحجم الانتهاكات والمجازر التي نفذتها
روسيا.
وأَضاف أن روسيا ارتكبت مجازر بشكل متعمد
باستهدافها المناطق الآهلة بالمدنيين، والمستشفيات، ومراكز الدفاع المدني.
يذكر أن القيادة المركزية الأمريكية، كانت قد
وصفت منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الغارة الجوية التي نفذت في سوريا بالقرب من قرية
الباغوز عام 2019، بأنها كانت "مشروعة"، وقالت إنها كانت "دفاعاً
مشروعاً عن النفس"، قبل أن يصدر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستون قبل يومين،
أمراً بفتح التحقيق مجدداً، وفق ما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"
الأمريكية.