كشف
تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني عن قدرة الاستخبارات
الإسرائيلية
على التنصت على كل المكالمات الهاتفية التي تجرى في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ونقل عن مصدر استخباري إسرائيلي قوله إن كل هاتف أرضي أو نقال يستورد إلى قطاع غزة عبر معبر
كرم سالم –في جنوب غزة– يزرع فيه جهاز تنصت إسرائيلي، وكل من يستخدم واحدة من الشبكتين
الوحيدتين العاملتين في الأراضي المحتلة –جوال والوطنية– يتم رصده كذلك.
وقال
الموقع في تقرير ترجمته "عربي21" إنه في أي وقت من الأوقات، يعكف مئات الجنود
على الاستماع إلى المحادثات التي يتم إجراؤها. تخضع لهذا الرصد الصوتي مجموعتان، أما
الأولى فتتشكل من
الفلسطينيين النشطاء سياسياً أو الذين يمثلون تهديداً أمنياً من وجهة
النظر الإسرائيلية. وأما المستوى الثاني من الرصد فتستخدمه وكالة "الشين بيت"،
جهاز الأمن الداخلي، بحثاً عن "نقاط ضغط" داخل المجتمع الفلسطيني.
وقال
عضو سابق في وحدة نخبوية تابعة للجيش الإسرائيلي اسمها وحدة الإشارة الاستخباراتية
8200: "قد يتضمن ذلك البحث عن مثليين يمكن الضغط عليهم حتى يدلوا بمعلومات عن
أقاربهم، أو إيجاد رجل يخون زوجته. فعلى سبيل المثال إيجاد شخص مدين لشخص آخر بالمال
يعني أنه يمكن الاتصال به لكي يُعرض عليه سداد ما عليه من ديون مقابل تعاونه".
وأضاف:
"هذا عالم متكامل يمكن لجهاز "الشين بيت" من خلاله أن يكسب نفوذاً يمارسه
على الفلسطينيين ليجبرهم في نهاية المطاف على التعاون أو الكشف عن أمور أو عن أشخاص
آخرين، وكل هذا جزء من نظام السيطرة والتحكم".
العيش
بدون خصوصية
كان
الضابط السابق في الجيش الإسرائيلي يتحدث بعد كشف صحيفة "الواشنطن بوست"
عن تقنية "الذئب الأزرق"، وهي تقنية التعرف على الوجوه التي تنذر الجنود
في نقاط التفتيش مسبقاً حتى يقبضوا على المشتبه فيهم.
توكل
مهمة الرصد في هذا النظام لجنود إسرائيليين يهود درسوا اللغة العربية كجزء من خدمتهم
العسكرية، ويتم رصد عمل هؤلاء من قبل جنود دروز أو جنود يهود من أصول سورية تعتبر اللغة
العربية بالنسبة لهم اللغة الأم. يتم استنساخ المحادثات، والتي تترجم نصوصها ثم ترسل
إلى وحدات الاستخبارات العسكرية في الجيش وإلى جهاز الأمن الداخلي "الشين بيت".
ويزعم
الضابط أنه لا توجد حدود لقدرة الاحتلال الإسرائيلي على اختراق حياة الفلسطينيين سواء
الخاصة أو العامة. ولا يبدو أنه توجد حدود لما يمكن أن يفعله الجنود بالمحادثات التي
يعترضونها.
وقال:
"في بعض الأوقات تكون هناك محادثات خاصة، بل وربما بالغة الحساسية وشديدة الخصوصية.
من يستمعون إلى المكالمات من جنود الجيش يضحكون عندما يكون المحتوى متعلقاً بالجنس.
وقد يقوم الجنود بحفظ المحادثات لديهم وتداولها مع أصدقائهم ومعارفهم. وهذا بالتأكيد
اختراق بالغ القسوة لخصوصية كل فلسطيني يعيش هناك".
لا يجد
الجنود الذين يقومون بهذا العمل في قيامهم بالمراقبة مشكلة أخلاقية أو حرجاً من أي نوع.
يضيف
الضابط: "يقول لهم الناس من حولهم، وكذا أفراد عائلاتهم، إن ما يقومون به عمل
سليم، ويحظون في ذلك بدعم من قبل الجميع. آمروهم، وأولياء أمورهم، والدولة، وأصدقاؤهم....
ولهذا لا يوجد ما يجعل الجنود يظنون بأن ما يقومون به ليس على ما يرام".
ولذا
لا يوجد بالنسبة للفلسطينيين الذين نشأوا وعاشوا في ظل المراقبة المستمرة ما هو جديد
في الكشف عن "بيغاسوس" أو عن "الذئب الأزرق".
باتت
الرقابة الجماعية أمراً روتينياً لدرجة أن القيادة العليا في الجيش اضطرت للجوء إلى
إيجاز حوافز لحمل الجنود على التقاط صور للفلسطينيين الذين يمرون عبر نقاط التفتيش.
وقيل
إن الجوائز تقدم للوحدات التي تجمع أكبر قدر من صور الفلسطينيين لإضافتها إلى قاعدة
البيانات، فيما وصفه جندي سابق في الجيش الإسرائيلي بأنه "فيسبوك للفلسطينيين"
تابع للجيش.
منظومة
التحكم
في بعض
الأوقات لا يتجاوز الهدف من التقاط الصور تخويف الناس.
يقول
محمد راغب صلاح، وهو سجين سابق قضى عشر سنين في السجن ويعيش في قرية برقة بالقرب من
نابلس، إن صوراً التقطت له ولبطاقة هويته ولسيارته ثلاث مرات خلال نصف ساعة في نقاط
تفتيش مختلفة.
وفي
المرة الثالثة التي حصل فيها ذلك واجه صلاح الجندي. يقول صلاح واصفاً تلك المواجهة:
"خرجت من السيارة ومشيت باتجاه الجندي، وسألته لماذا يفعل ذلك. وقلت له إن الجنود
في نقطتي التفتيش الأخريين أوقفوني قبل دقائق فقط وعملوا نفس الشيء، فقال الجندي إنه
فقط ينفذ الأوامر العسكرية، وأنه يرسل الصور التي يلتقطها إلى القائد العسكري في المنطقة
عبر الواتساب".
ويقول
عدنان بلاونة من نابلس إن الجنود في العادة إما يختارون سيارات بعينها يصورونها، أو
يقررون التقاط صور لجميع السيارات التي تمر عبر نقطة التفتيش.
ويقول
بلاونة: "ينتابني القلق عندما يختارني الجنود من بين جمع غفير من الناس، يقلقني
ذلك بشدة، وخاصة إذا ما وقع هجوم ما ضد الجنود في نقطة التفتيش تلك أو حتى في نقطة
تفتيش أخرى في نفس اليوم، لأن ذلك يعرض كل من يتم تصويره في ذلك اليوم للمساءلة والتحقيق.
ويمكن لمثل هذا الشخص أن يدعى للاستجواب، حتى وإن لم يكن له أدنى علاقة بما حدث."
التدقيق
الدولي
ما فتئت
إسرائيل تتعرض لضغط دولي متزايد بسبب استخدامها لبرامج
التجسس الإلكترونية.
ووضعت
الحكومة الأمريكية مجموعة "إن إس أو" على القائمة السوداء، وهي المجموعة
التي ابتكرت برنامج التجسس الإلكتروني المعروف باسم "بيغاسوس"، وذلك بعد
أن حصل نشطاء الأمن السيبراني على بيانات مسربة لما يقرب من خمسين ألف رقم هاتف استهدفها
زبائن مجموعة "إن إس أو". كما وضعت على القائمة السوداء أيضاً شركة "كانديرو"،
وهي أيضاً شركة إسرائيلية متخصصة في برامج التجسس. تقول الولايات المتحدة إن نشاطات
الشركتين تتعارض مع مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.
إيتاي
ماك، محام متخصص في حقوق الإنسان، وقد أطلق حملة لكشف مبيعات السلاح الإسرائيلية السرية،
ولمطالبة وزارة الدفاع في البلاد بنشر وثائق وسجلات تتعلق ببيع الأسلحة والأنظمة العسكرية
إلى بلدان تقع تحت طائلة الحظر العسكري لضلوعها في حروب أهلية وانتهاكات منتظمة لحقوق
الإنسان. ولقد رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماساً تقدم به إليها فيما يتعلق
بتكنولوجيا التتبع التي تنتجها شركة إسرائيلية سيبرانية. لم تكتف المحكمة بذلك بل وأغلقت
الباب في وجه جميع الالتماسات المستقبلية.
يقول
ماك: "من وجهة نظر جهاز "الشين بيت"، كل فلسطيني يشكل مصدر تهديد، وأكثر
ما يشغلهم هم النشطاء الذين لا يمارسون العنف لأن مثل هؤلاء لديهم القدرة على قيادة
حركة شعبية وتوليد احتجاجات واسعة الانتشار بينما يجدون في نفس الوقت تعاطفاً لدى المجتمع
الدولي. من وجهة النظر تلك، لا يوجد فلسطيني واحد ليس مصدر تهديد. ولا يمكن لفلسطيني
أن يتحرر من ذلك".
يقول
ماك إن الأمر لا يتعلق بالرصد ومنع الهجمات التي قد يشنها متشددون فلسطينيون.
ويضيف:
"يعرفون كيف يتعاملون مع المنظمات الإرهابية، ولكن أكثر ما يقلقهم هو منظمات المجتمع
المدني، لأنها يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الاحتلال، ولأنها تكسب تعاطف المجتمع الدولي".
يقول
عيسى عمرو، وهو ناشط فلسطيني من الخليل، إن الجديد في الأمر هو أن المراقبة بالإمكان
أن يقوم بها الآن جنود عاديون ومستوطنون.
ويضيف:
"هذا هو الجديد يعرف الجندي الآن كل شيء عني حتى قبل أن أقابله. لقد تم تصويري
شخصياً من قبلهم ما لا يحصى عدده من المرات، ويمكنهم من خلال ما لديهم من برامج أن
يعرفوا هويتي قبل أن أصل إلى نقطة التفتيش".
كما
أن لدى المستوطنين منظومة خاصة من الكاميرات. "فقد أكون سائراً في الطريق ثم أتعرض
للاعتداء والضرب من قبل المستوطنين لمجرد أن اسمي عيسى. فأنا تحت المراقبة حيثما كنت،
في الطريق وفي البيت وفي نقطة التفتيش، في كل مكان. كما يعرفون كل شيء عن ذهابي وإيابي،
وعن حياتي التي باتت تعرض أمامهم الآن في بث حي، فيرون كل ما فيها. لم يعد للخصوصية
وجود".