كلما ضاق المسؤول الأردني ذرعا وشعر بصعوبة النزول عن الشجرة التي صعد عليها باختياره، تجده يلجأ لخيار
المنع من النشر أملا بتجاوز القصة ونسيانها، فهو يصب الزيت على نيران انتشارها من حيث لم يقصد.
لا أدري ما عقلية الشخصنة والنزق التي تسيطر على مسؤول بحجم رئيس وزراء لينفعل ويرفع قضية قانونية على مواطن؛ تحدث عن الدخل الشهري الذي تحصل عليه زوجة رئيس الوزراء من عملها كمذيعة تلفزيونية!
حديث عابر لمواطن مغمور كان من الممكن أن يمر مرور الكرام دون أن يلتفت أو ينتبه إليه أحد، ولكن
غضبة الليث الجسور أيقظت كل النائمين ونبّهت كل الغافلين إلى ذلك، وجعلت القصة تنتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم.
حديث عابر لمواطن مغمور كان من الممكن أن يمر مرور الكرام دون أن يلتفت أو ينتبه إليه أحد، ولكن غضبة الليث الجسور أيقظت كل النائمين ونبّهت كل الغافلين إلى ذلك، وجعلت القصة تنتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم
ولم يتوقف الأمر عند هذا، بل تعدّاه ليطلب الرئيس بشر، ابن الشخصية الأردنية المعروفة هاني الخصاونة، تعويضا بقيمة 20 ألف دينار من هذا المواطن الذي يعمل بائعا شعبيا للقهوة!
إصرار شخص بوزن رئيس الحكومة الأردنية على هذا التعويض المالي الكبير في بلد نسبة انتشار منصات التواصل الاجتماعي به تتجاوز 87 في المائة؛ دفع المواطنين بعفوية وتلقائية لإطلاق حملة القرش لجمع ما يعادل 20 ألف دينار من فئة القروش، أي مليوني قرش، لدفعها لرئيس الوزراء!
وبعد أن شعر الرئيس بالمأزق قال إنه يرغب بالتبرع بالتعويض لصندوق المعونة الوطنية في الدولة (الصندوق الخاص بالفقراء والمعوزين)، وعندما لم يفلح ذلك لجأ كما هي العادة في الأردن لقرار المنع من النشر لكل ما يرتبط بالقضية، تحت طائلة الملاحقة القانونية والمساءلة أمام النيابة العامة! أملا بتوقف الناس عن التغريد والكتابة حول القصة.
حتى لو توقفت الكتابة حاليا فلا مجال لمحو آلاف المنشورات حول ذلك، ولا مجال لإسكات أحاديثهم في مجالسهم المختلفة. فالقصة ليست قضية راتب زوجة الرئيس بقدر ما هي حجم المفاجأة بالنزق والشخصنة، ما جعل معارضا أردنيا بارزا يرسل رسالة شديدة لهاني الخصاونة، والد رئيس الحكومة، جاء فيها بلهجة محلية: "من ليث إلى هاني، كنت تزاحمنا في صفوف المعارضة الأولى والتي تريد منك اليوم خدمة صغيورة: ضبلنا هالصبي عن غلابا الشعب وخليه يتفلسف على كل الذين كنت تنشر لنا عرضهم متذمرا من جميع الذين جلس الصبي محلهم وصار أسوأ منهم. مش حلوة في حقك بعد هالعمر تسمع يعيش كميل ويسقط ابن هاني. وإلا سنتصدق كشعب عليه بعشرين ألفا".
فراس الروسان، محامي المواطن الأردني المعتقل كميل الزعبي طلب عرض رئيس الوزراء الخصاونة على
طبيب نفسي للتأكد من قواه العقلية خلال جلسة المحكمة، لمعرفة مدى الضرر المعنوي الذي تعرض له الرئيس من نشر قصة عن راتب زوجته المذيعة، فليس من اختصاص المحكمة تحديد مقدار هذا الضرر
هذا الصعود على الشجرة يجعل مهمة الرئيس بالنزول بالغة الصعوبة، إن كانت هناك بقية من اهتمام برأي المواطن وسمعة الحكومة ممثلة برئيسها عنده، في ظل غياب برلمان حقيقي
مواطن آخر من نفس عائلة رئيس الحكومة انزعج من هذه القصة ومن طريقة تصرف الرئيس مع مواطن مغلوب على أمره، فسارع المواطن سامر محمد صلاح الخصاونة، للتعهد بدفع مبلغ التعويض الذي طلبه رئيس الوزراء والبالغ 20 ألف دينار أردني لقاء الإفراج عن الزعبي وإسقاط كافة التهم عنه!
كما قيل، خسر الرئيس كثيرا ولم يكسب بإقامة دعوة قضائية على مواطن، وكان يكفي قيام زوجته بتكذيب الخبر بتوضيح موثق منها وتنتهي القصة.
ولكن هذا الصعود على الشجرة يجعل مهمة الرئيس بالنزول بالغة الصعوبة، إن كانت هناك بقية من اهتمام برأي المواطن وسمعة الحكومة ممثلة برئيسها عنده، في ظل غياب برلمان حقيقي وضياع البوصلة في عدد من النقابات والأحزاب بقرار رسمي.