هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سرعان ما انتهى شهر العسل القصير بين الإدارة الأمريكية الديمقراطية برئاسة جو بايدن، وبين الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة نفتالي بينيت، بعد تبادل الاتهامات في الأيام الأخيرة حول جملة من الملفات التي ظهرت فجأة، والتي تدحرجت إلى أشبه ما يكون بملاسنة كلامية بين المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين.
وقد شهد الأسبوع الماضي تعامل حكومة الاحتلال الإسرائيلي الذي يمكن وصفه بـ"العشوائي" مع الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة، لاسيما أنه لم يتوفر هناك إجماع بين معظم وزراء الحكومة الإسرائيلية على بعض قراراتها، خاصة ذلك القرار المتعلق بإعلان ست منظمات مدنية فلسطينية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "إرهابية".
تال ليف-رام الضابط الإسرائيلي ذكر في صحيفة معاريف أن "مرور القرارات الإسرائيلية الأخيرة بتوصيات ومصادقات أجهزة الأمن لا تكفي لتمريرها عبر القنوات الدبلوماسية الدولية، حتى لو كانت ملاحظاتها على صواب، الأمر الذي تطلب من وزارات الحرب والقضاء والخارجية ومكتب رئيس الوزراء أن يفهموا ذلك مقدمًا، وأن يشيروا إلى الصعوبات التي يمكن أن تسببها هذه الخطوة في المجتمع الدولي والولايات المتحدة على وجه الخصوص".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" إلى أن "قرار تصنيف المنظمات الفلسطينية، وبعدها إعلان العطاءات الاستيطانية، أخذا طابع التحركات الإسرائيلية غير المتوقعة، الأمر الذي جعل تل أبيب تتفاجأ من شدة الإدانة الأمريكية الواضحة، ما قد يدفعها لأن تبذل كل جهودها، وتستثمر علاقاتها العملية الوثيقة مع المؤسسة الأمنية والعسكرية الأمريكية، للحيلولة دون انزلاق العلاقة إلى مستوى غير مسبوق من التوتر".
ربما وقع الاحتلال في سوء تقدير الموقف هذه المرة، حين اعتقد أنه بإعلانه عن خطواته الأخيرة وقراراته المتعسفة ضد الفلسطينيين، لن يواجه الانتقادات القادمة من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وربما لو توقع ذلك لأخضع تلك القرارات لمزيد من المناقشات الداخلية، ولعل هذا هو الفرق الأساسي الذي لم يره الإسرائيليون بين إدارة بايدن الديمقراطية وبين إدارة ترامب الجمهورية.
لقد ساهم الخطأ الذي ارتكبه الاحتلال بقراراته الأخيرة في إثارة حساسية المجتمع الدولي، لاسيما أنها صدرت في الأيام التي تخطط فيها إدارة بايدن للعودة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ولذلك ظهرت إسرائيل وهي تحاول تسويق خطواتها وقراراتها وكأن لديها بضاعة صينية لا تجد من يشتريها، لأنها كاسدة.
تتداول المحافل الإسرائيلية حالة من النقد الذاتي والتقييم الداخلي للقرارات الأخيرة، ويطرحون أسئلة تطفو عليها جوانب الحسرة وخيبة الأمل، ومنها: لماذا لم تتم مناقشة القرارات والخطوات قبل إعلانها، كما جرت العادة، مع الأمريكيين على المستويين السياسي والاستخباراتي، وما يعنيه ذلك من تقديم المواد اللازمة، والاستماع للتحفظات، والتوصل لاستنتاجات مبكرة بشأن إعلانها وتوقيتها؟
يزداد القلق الإسرائيلي إزاء هذه الأزمة مع واشنطن لأن أي توتر معها نتيجته خاسرة، لا سيما بسبب توقيتها الحرج الحالي الذي تحتاج فيه إسرائيل لإسناد أمريكي كامل، والطرفان منخرطان في مناقشة اتفاقات النووي المقبلة مع إيران، والضغط الذي يمارسه الإسرائيليون على الأمريكيين لكبح جماح الإيرانيين، لكن هذه الجهود الإسرائيلية قد تتبخر بعد أن تلقت إسرائيل إدانتين رسميتين من الولايات المتحدة بشأن تصنيف منظمات حقوق الإنسان والبناء الاستيطاني في الضفة الغربية.