هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسعى قوى عراقية منبثقة عن "حراك تشرين" والتي حققت الفوز في الانتخابات الأخيرة، إلى تشكيل كتلة برلمانية كبيرة قد تتجاوز الـ 70 مقعدا، وذلك بالتحالف مع المستقلين والقوى القريبة من نهجها، والتي من المرجح أن تنتقل بعدها إلى تبني خيار المعارضة.
وأظهرت نتائج الانتخابات الأولية أن "التيار الصدري حصل على 73 مقعدا، تقدم 38، دولة القانون 34، الفتح 17، عزم 15، الديمقراطي الكردستاني 33، الاتحاد الوطني الكردستاني 18، امتداد 9، الجيل الجديد 9، العقد الوطني 5، إشراقة كانون 6، والمستقلون 40".
تحالف معارض
وقالت حركة "امتداد" (9 مقاعد) التي تعتبر إحدى قوى "تشرين" أنهم سيتحالفون مع كتلة "إشراقة كانون" (6 مقاعد) و"الجيل الجديد" (9 مقاعد) وبعض المستقلين، لافتا إلى أن "الهدف من هذه التفاهمات هو إنشاء كتلة مستقلة بعيدا عن توجهات الأحزاب القديمة".
وأكد المتحدث باسم "امتداد" منار العبيدي في تصريحات صحفية، الأحد، أنهم سيقدمون أنفسهم "بديلا سياسيا لبرنامج تنفيذي ممكن أن يقدم خيارا أفضل، ولا يوجد تقارب أو تحالف مع الكتل الكبيرة، لأن مبدأنا هو المعارضة، بحسب حجم الكتلة في البرلمان المقبل".
وأشار العبيدي إلى أن "حركة امتداد تجري مفاوضات مع الكتل السياسية القريبة من نهجنا، وكذلك المستقلين من أجل الاستماع إلى وجهات النظر الأخرى وتبني مشروع كتلة خاصة بنا داخل البرلمان".
وبين أنه "اعتمادا على الكتلة التي سيتم تشكيلها سيكون موقفنا واضحا وسنكون جزءا من النظام التشريعي لأن النظام الداخلي للبرلمان حدد أن تقديم التشريعات والقوانين يحتاج إلى 50 نائبا فما فوق، أما موضوع الاستجواب والمراقبة فيحتاج إلى 25 نائبا".
وأشار العبيدي إلى أنه "بناء على حجم الكتلة التي ستتشكل مع الأحزاب الأخرى وبعض المستقلين والأحزاب المشابهة لتوجهاتنا وبعدها سنقرر توجهنا في المرحلة القادمة".
وبحسب نتائج الانتخابات، فإن "امتداد" حصلت على 300 ألف صوت أي نصف الأصوات التي حصل عليها التيار الصدري (600 ألف) لكن الأخير حقق 73 مقعدا، فيما حازت الأولى على 9 مقاعد فقط، كونها لم توزع مرشحيها بين الدوائر الانتخابية بشكل يتيح لها الفوز بمقاعد أكثر.
وتعبر "امتداد" إلى جانب "إشراقة كانون" من أبرز القوى الصاعدة التي حجزت لنفسها مقاعد برلمانية رغم أنها حديثة النشأة وانبثقت عن الاحتجاجات التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، فيما تعتبر حركة "الجيل الجديد" الكردي من أبرز القوى المعارضة في إقليم كردستان.
اقرأ أيضا: استمرار جدل الانتخابات بالعراق.. ومئات يتوجهون لـ"الخضراء"
تفاؤل حذر
وبخصوص مدى فاعلية هذه القوى وإمكانية دور يقلب الموازين السياسية في البرلمان المقبل، قال المحلل السياسي العراقي، أسامة السعيدي، إننا "نراهن على التغييرات التي حصلت بالانتخابات، لكن ليس بدرجة كبيرة، لأن التغيير يحتاج إلى عدد مقاعد كبير، ويحتاج كذلك إلى تفكيك القيم القديمة التي تأسست عليها العملية السياسية".
واستدرك السعيدي في حديث لـ"عربي21" قائلا: "لكن نستطيع القول إن صعود قوى سياسية جديدة ومستقلين إلى البرلمان هي بداية التغيير المنشود، والتي من الممكن أن تساهم في تغيير القيم التي تأسست عليها العملية السياسية والنظام السياسي بعد عام 2003".
وتابع: "لا نستطيع الإفراط في التفاؤل، لأن المكونات والتوازنات والحسابات السياسية كلها لا تزال موجودة، وكأننا لم نخرج من المربع الأول، لكن صعود هذه القوى هي بداية للتغيير، ولو كان الناخبون قد خرجوا بأعداد أكبر للانتخابات لكانت بداية مشجعة، لكن لم يحصل التغيير الذي ينشده العراقيون".
ورأى السعيدي أن "هذه القوى والشخصيات المستقلة يتعرضون اليوم إلى الإغراءات، حيث بدأت عمليات استقطابهم واستمالتهم للكتل الكبيرة التقليدية، بشراء الذمم والحصول على مناصب تنفيذية"، مشيرا إلى أن "تأثيرهم بالبرلمان يتوقف على مدى صمودهم أمام المغريات، والاستمرار بنهج المعارضة".
وخلص إلى أن "مضي القوى الرئيسة التقليدية في البرلمان (سنية شيعية كردية) بنفس النهج والمحاصصة، فإن كتلة المعارضة البرلمانية لن تفعل فعلتها إلا إذا كان عددها كبيرا، لذلك فإن هذه القوى الجديدة والشخصيات المستقلة هي اليوم على المحك وتحت الاختبار".
اقرأ أيضا: 8 شخصيات تتنافس على رئاسة الوزراء بالعراق.. هذه فرصهم
بداية مشجعة
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد في حديث لـ"عربي21"، إن "صعود قوى تنتمي إلى الحراك الشعبي هي بداية مشجعة نحو تغيير القوى التقليدية، لذلك فإنها قد تتشكل كتلة من الشخصيات المستقلة وهذه القوائم المدنية التي فازت في الانتخابات".
وأكد العابد أن "المغريات كبيرة بلا شك، واليوم بدأت تنهال ملايين الدولارات على الفائزين المستقلين للانضمام إلى هذه الكتلة أو تلك، تقدمها القوى الكبيرة، حيث صارت المقاعد تشترى".
ولفت إلى أنه "ممكن لهذه القوى إذا صمدت في البرلمان وأخذت جانب المعارضة أن تراقب الحكومة وتحاسبها على أدائها، وبذلك تكون هي التي تحمل هموم الشارع الذي انتخبها للوصول إلى البرلمان".
وبيّن العابد أن "التيار الصدري يحاول اليوم استقطاب أكبر عدد من الفائزين المستقلين للانضمام إليهم، وكذلك القوى الشيعية والسنية الأخرى، كلها تسعى إلى استقطاب أكبر عدد من المستقلين والقوى الصاعدة الجديدة".
وأشار إلى أن "هؤلاء سيكونون أمام أنظار الشارع، فإذا نجحوا في أن يحملوا همومهم فأتوقع أن يؤسسوا إلى مرحلة جديدة تشجع على انتخاب القوى والحركات المنبثقة عن حراك تشرين والشخصيات الشابة المستقلة، وبالتالي سحب السلطة من الأحزاب التقليدية في المستقبل".
وأعرب الخبير في الشأن العراقي عن اعتقاده بأن "يكون لهذه القوى تأثير في البرلمان إذا تشكلت كتلة كبيرة ولم ينجرفوا وراء المغريات والمناصب، لأن لعب دور المعارضة هو المكان المناسب الذي يعزز من وجودهم في المستقبل".
وبحسب قول العابد، فإن "الكتل والقوى الكبيرة لم تحصل على عدد المقاعد هذا إلا بشراء أصوات الناس، وكذلك مقاطعة الشارع للعملية الانتخابية بشكل كبير، لكن رغم ذلك كله فإن صعود هذه القوى وحصولها على مقاعد برلمانية يعد مؤشرا جيدا".
وينقسم البيت الشيعي إلى فريقين، الأول يمثله التيار الصدري منفردا بـ 73 مقعدا، والآخر يضم قوى "الإطار التنسيقي" القريبة من إيران، وهم: ائتلاف دولة القانون، تحالف الفتح، حركة حقوق، النهج الوطني، العقد الوطني، ويشكلون نحو 58 مقعدا.
وبحسب مواقع عراقية، فإن التيار الصدري لديه 4 مرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة، هم: نصار الربيعي، حسن الكعبي، جعفر الصدر، مصطفى الكاظمي. أما "الإطار التنسيقي" فمرشحهم هو نوري المالكي.
ويدور الحديث كذلك عن طرح شخصيات أخرى، أبرزها عدنان الزرفي، وأسعد العيداني، ومحمد شياع السوداني.