كتاب عربي 21

صراع داخلي في حزب الشعب الجمهوري

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
اشتد التنافس في الآونة الأخيرة بين المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية التركية، كمرشح تحالف الملة المعارض الذي يشكله حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، بالإضافة إلى حزب السعادة وحزب الشعوب الديمقراطي، بعد أن صرح رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، بأنه قد يترشح للانتخابات الرئاسية، وبدأ يتحرك وكأنه جاد في رغبته في الترشح.

كليتشدار أوغلو كان في البداية يرغب في دعم مرشح توافقي، بدلا من الترشح أو ترشيح أحد من أعضاء حزبه، إلا أن رغبة رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور ياواش، في الترشح لرئاسة الجمهورية دفعته لإبداء رغبته في الترشح. وهناك من يرى أن تصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري مجرد مناورة سياسية لقطع الطريق أمام إمام أوغلو وياواش، وأنه لم يغير موقفه من ضرورة تحديد مرشح توافقي. وبالتالي، ترشح كليتشدار أوغلو للانتخابات الرئاسية غير مؤكد، حتى اللحظة، إلا أن المؤكد هو أن إمام أوغلو يرى نفسه مرشح حزب الشعب الجمهوري والمعارضة لرئاسة الجمهورية، ويتصرف وكأن موضوع ترشيحه أمر مفروغ منه.
الصراع الدائر في صفوف حزب الشعب الجمهوري سيخدم في نهاية المطاف أردوغان وتحالف الجمهور؛ الذي يشكله حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، بالإضافة إلى حزب الاتحاد الكبير، سواء نجح إمام أوغلو في فرض نفسه كمرشح للمعارضة أو لم ينجح؛ لأن إمام أوغلو لن يتقبل على الإطلاق عدم ترشيحه

إمام أوغلو بدأ يقضي أوقاته في زيارات مدن تركيا، بدلا من أن يجلس في إسطنبول ليحل مشاكلها التي تتراكم منذ توليه لرئاسة بلديتها. وتوحي تلك الزيارات بأنها حملات انتخابية أطلقها كمرشح لرئاسة الجمهورية، كما تحرج تحركات إمام أوغلو الفردية رئاسة حزب الشعب الجمهوري. وكان آخر تلك التحركات زيارته لمدينة ديار بكر برفقة عدد من الإعلاميين. ويدور الحديث في الأوساط السياسية والإعلامية حول استياء كليتشدار أوغلو من الزيارة، وأنه طلب من إمام أوغلو إلغاءها، إلا أن هذا الأخير ذهب إلى ديار بكر، متجاهلا طلب رئيس حزب الشعب الجمهوري.

الصراع الدائر في صفوف حزب الشعب الجمهوري سيخدم في نهاية المطاف أردوغان وتحالف الجمهور؛ الذي يشكله حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، بالإضافة إلى حزب الاتحاد الكبير، سواء نجح إمام أوغلو في فرض نفسه كمرشح للمعارضة أو لم ينجح؛ لأن إمام أوغلو لن يتقبل على الإطلاق عدم ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وقد يتمرد على قيادة حزب الشعب الجمهوري ليثير مشاكل عديدة لتحالف الملة المعارض إن تم ترشيح غيره للانتخابات الرئاسية. وأما في حال ترشيحه فلن يكون مرشحا قويا، كما يحلم به، لأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن شعبية رئيس بلدية أنقرة الكبرى أكثر من شعبية إمام أوغلو، كما أن شعبية هذا الأخير في تراجع مستمر بسبب فشله الذريع في إدارة بلدية إسطنبول، ومن المتوقع أن يتفاقم هذا الفشل في ظل إهماله لشؤون البلدية وانشغاله بتسويق نفسه كأفضل مرشح لمنافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية.

إمام أوغلو فاز برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى في الانتخابات المحلية بفضل دعم حزب الشعوب الديمقراطي وحزب السعادة، بالإضافة إلى الحزب الجيد. كما أن عوامل أخرى لعبت دورا في فوزه، كاستياء العنصريين من اللاجئين السوريين وتضامن الناخبين من مواليد مدينة طرابزون مع إمام أوغلو باعتبار أنه من مواليد تلك المدينة، إلا أن نجاح هذا التحالف في إسطنبول لا يعني بالضرورة أنه سينجح في عموم البلاد.
أجواء الانتخابات الرئاسية تختلف عن أجواء الانتخابات المحلية، كما تتباين دوافع الناخبين في كلتيهما في التصويت لصالح هذا الحزب أو ذاك

حزب الشعب الجمهوري فاز في الانتخابات المحلية في العاصمة أنقرة، بفضل حصول مرشحه منصور ياواش على أصوات نسبة من القوميين الأتراك، بالإضافة إلى أصوات مؤيدي حزب الشعب الجمهوري. وكان ياواش يمارس السياسة في صفوف حزب الحركة القومية حتى عام 2013، كما أنه كان مرشح ذاك الحزب لرئاسة بلدية أنقرة الكبرى في الانتخابات المحلية التي أجريت عام 2009. وكونه من مواليد أنقرة فقد أسهم هذا في فوزه، لأن منافسه، مرشح حزب العدالة والتنمية مهمت أوزهاسكي، من مواليد مدينة قيصري، كما تولى رئاسة بلدية تلك المدينة لمدة حوالي 17 عاما.

أجواء الانتخابات الرئاسية تختلف عن أجواء الانتخابات المحلية، كما تتباين دوافع الناخبين في كلتيهما في التصويت لصالح هذا الحزب أو ذاك. ويرى إمام أوغلو أنه يمكن أن يفوز في الانتخابات الرئاسية من خلال دعم حزب ميرال آكشينار وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني، كما فاز برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى في الانتخابات المحلية الأخيرة، إلا أن هذا التحالف يصعب حصوله على أصوات الناخبين في محافظات وسط الأناضول التي تعد من قلاع تحالف الجمهور.

twitter.com/ismail_yasa
التعليقات (0)