هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر سيرغي لافروف من محاولات حلف الناتو إعادة نشر قواته في آسيا وإرسال اللاجئين إلى المنطقة؛ لتعويض خسارته الناجمة عن انسحاب واشنطن من أفغانستان.
تصريحات لافروف أطلقها في (نور سلطانوف) عاصمة كازخستان أثناء اجتماع وزراء خارجية الدول المشاركة في مؤتمر التفاعل وبناء الثقة في آسيا (سيكا) يوم أول أمس الثلاثاء 12 تشرين أول (أكتوبر) الحالي؛ سبقها تصريحات ليوري بوريسوف، نائب رئيس الوزراء الروسي منتصف أيلول (سبتمبر) الفائت أكد فيها أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي توسع التعاون العسكري التقني مع أوزبكستان وتركمانستان، على خلفية التهديدات الناجمة عن الوضع الراهن في أفغانستان علما بأن البلدين لا يعتبران أعضاء في معاهدة الأمن الجماعي.
التطورات في أفغانستان أسهمت في استعادة روسيا نشاطها وزخمها في آسيا الوسطى؛ وهي في الآن ذاته تعمل على إغلاق الأبواب في وجه واشنطن للتمدد في المنطقة لتعويض خسارتها في أفغانستان؛ إذ قال المسؤول الروسي بوريسوف إن موسكو تساعد أوزبكستان وتركمانستان عبر توريد أسلحة ومعدات عسكرية لهما، وتوسع التعاون معهما من خلال بيع بعض أنواع الأسلحة والمعدات لهاتين الدولتين.
موسكو بذلك عمقت روابطها بكافة الدول الآسيوية على خلفية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان سواء عبر منظمة الأمن الجماعي أو عبر دول منظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت أعمالها في دوشنبة عاصمة طاجيكستان نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الفائت أو عبر اتفاقات ثنائية كما هو الحال مع أوزبكستان وتركمستان.
تصريحات لافروف لم تطلق بالفراغ إذ تزامنت مع زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكي فيكتوريا نولاند إلى موسكو الإثنين الفائت والتي تختتم مساء الأربعاء الموافق 13 تشرين الأول أكتوبر الحالي؛ لقاء جمعها بنظيرها الروسي نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف؛ بعد إلحاح أمريكي دفع واشنطن لتقديم تنازلات لموسكو أبرزها رفع الحظر والعقوبات عن عدد من المسؤولين الروس مقابل رفع الحظر والعقوبات الروسية عن المسؤولة الأمريكية نولاند التي ترأس وفد بلادها إلى موسكو؛ وعلى رأس اهتماماتها أفغانستان إلى جانب عدد كبير من الملفات التي تجمع البلدين.
الولايات المتحدة الأمريكية استبقت زيارة نولاند بتقديم طلب مباشر إلى موسكو للسماح لها باستخدام القواعد العسكرية في دول آسيا الوسطى المجاورة لأفغانستان؛ وهي ذاتها الدول الموقعة على معاهدة الأمن الجماعي مع روسيا؛ الأمر الذي رفضته موسكو من قبل ورفضته مجددا بحسب مراقبين ومصادر صحفية متابعة للقاءات المسؤولة الأمريكية في موسكو.
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أعاد رسم المشهد الجيوسياسي في آسيا الوسطى باقتراب دول آسيا الوسطى من موسكو وبعث الحياة بالمنظمات الإقليمية ذات الصبغة الروسية؛ معيدا لروسيا عافيتها السياسية والدبلوماسية؛ ومقدما لحركة طالبان في الآن ذاته ورقة قوية
لم تقتصر الاستعدادات الروسية لزيارة المسؤولة الأمريكية على التحضيرات الدبلوماسية إذ ترافقت مع إعلان المسؤوليين الروس عن مناورات عسكرية على الحدود الأفغانية بمشاركة دول معاهدة الأمن والتعاون الجماعي والتي تضم (روسيا وأرمينيا وبيلاروسيا وقرغيزستان وطاجيكستان وكازخستان) يوم 22 تشرين أول (أكتوبر) الحالي .
روسيا تشدد قبضتها على الحدود؛ فموسكو معنية بعدم نقل مشكلة اللجوء والأزمة الإنسانية والأمنية إلى حلفائها في آسيا الوسطى؛ وسد الأبواب أمام محاولات الناتو وأمريكا والدول الأوروبية لاختراق الساحة تحت عنوان الأزمة الإنسانية ومكافحة الإرهاب؛ خصوصا أن الاتحاد الأوروبي خصص مليار يورو كمساعدات إنسانية لأفغانستان ودول الجوار للتعامل مع أزمة اللجوء والمعابر.
تطور دفع الإدارة الأمريكية الرجوع خطوة للخلف والتراجع عن الكثير من الإجراءات التي أعلنها جو بايدن لفرض عقوبات وعزلة على القيادة الروسية؛ فروسيا تحولت إلى لاعب أساسي في آسيا الوسطى تدفع الناتو ومن ورائه واشنطن والاتحاد الأوروبي إلى تنشيط القنوات السياسية والأمنية مع موسكو على أمل تجنب الارتدادات السلبية الأمنية والإنسانية الناجمة عن الانسحاب الأمريكي العشوائي من أفغانستان؛ تطور من الممكن أن يقود إلى جنيف 2 في قمة تجمع بايدن ببوتين مجددا.
ختاما.. الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أعاد رسم المشهد الجيوسياسي في آسيا الوسطى باقتراب دول آسيا الوسطى من موسكو وبعث الحياة بالمنظمات الإقليمية ذات الصبغة الروسية؛ معيدا لروسيا عافيتها السياسية والدبلوماسية؛ ومقدما لحركة طالبان في الآن ذاته ورقة قوية تعزز من خلالها قدرتها على التفاوض والمناورة مع واشنطن من جهة ومع موسكو من جهة أخرى التي تربطها بها مصالح تتقارب وتتقاطع رغم التباينات والخلافات الظاهرة.
hazem ayyad
@hma36