هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا أشارت فيه إلى عودة سيف الإسلام نجل معمر القذافي إلى السياسة وإمكانية ترشحه للانتخابات الليبية.
وقالت المجلة، إنه قبل عشر سنوات، عندما واجه معمر القذافي نهاية مروعة بعد 42 عاما في السلطة، لم يعتقد أحد أن فردا من عائلته قد ينتهي به المطاف حاكما لليبيا مرة أخرى.
وخلال الربيع العربي، اجتاحت موجة من النشوة البلاد بعد زوال الديكتاتور. وتم القبض على أبنائه السبعة أو قتلهم أو فرارهم إلى المنفى. وسيف الإسلام، ثاني أكبر أبنائه سنا، قبضت عليه إحدى المليشيات، ووضعته في سجن، ووُجهت إليه لائحة اتهام من قبل محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، وحكم عليه بالإعدام من قبل النظام الليبي الجديد.
ومع ذلك، قد يتغير المزاج الوطني، حيث ينظر العديد من الليبيين إلى عهد القذافي على أنه وقت استقرار، مهما كانت وحشية النظام ومهما كانت تصريحات الديكتاتور غريبة. وبعد عقد من الحرب الأهلية، يبدو الآن أن سيف الأكثر قدرة من أبناء القذافي الذين لا يزالون على قيد الحياة، قد يكون في طريقه للعودة إلى السياسة.
من الواضح أنه يعتقد أنه يستطيع التفاوض بشأن لوائح الاتهام التي لا يزال يواجهها في الداخل والخارج وربما يُسمح له بالتنافس في الانتخابات الرئاسية والعامة المقرر إجراؤها في نهاية هذا العام. ويعتقد البعض أنه يمكن أن يفوز.
ويشير الإفراج الأخير عن شقيق آخر، الساعدي، من سجن في العاصمة طرابلس، إلى أنه مع مناورة الفصائل في الفترة التي تسبق الانتخابات، ربما لم تعد عائلة القذافي منبوذة. بعد أن كان مكروها باعتباره رئيس الاتحاد الليبي لكرة القدم، وتم نقل الساعدي على الفور إلى تركيا، الداعم الرئيسي للحكومة في طرابلس. وتم إسقاط جميع التهم الموجهة إليه، بما في ذلك تهمة بالقتل العمد.
اقرأ أيضا: رفع الحراسة عن أملاك أتباع القذافي.. ما علاقتها بالانتخابات؟
وفقا لتقرير في صحيفة "نيويورك تايمز" في حزيران/ يونيو للصحفي روبرت ورث الذي التقى بسيف في أيار/ مايو، لم يعد خلف القضبان، لكنه يعيش الآن في ظروف مريحة، نصف سجين، نصف ضيف، تحت سيطرة ميليشيا في الزنتان، منطقة جبلية على بعد 180 كيلومترا جنوب غرب طرابلس، بعيدا عن متناول الحكومة. يصر المؤيدون على أن سيف رجل حر. يقول محمد الغدي، الذي يدير المكتب السياسي لسيف من ألمانيا: "إنه ليس قيد الإقامة الجبرية... يمكنه أن يأتي ويذهب".
ومن الواضح أنه يخطط للعودة إلى السلطة. وقال سيف لصحيفة نيويورك تايمز: "لقد ابتعدت عن الشعب الليبي لمدة عشر سنوات.. أنت بحاجة إلى العودة ببطء، ببطء، مثل التعري الاستعراضي. تحتاج إلى اللعب بعقولهم قليلا". يبدو أن الميليشيات التي تؤوي سيف قد خاب أملها من الأنظمة والميليشيات المختلفة التي حلت محل والده وتعامله الآن كورقة مساومة.
لم يعلن أي من المرشحين الأكثر مصداقية عن ترشحه للانتخابات الرئاسية في كانون الأول/ ديسمبر، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن قانون الانتخابات لم يتم الانتهاء منه بعد. يقول الغدي إن سيف يفكر في دخول الانتخابات. موضحا: "لا يوجد سبب يمنع القذافي من قيادة ليبيا مرة أخرى".
يتفق بعض المراقبين، فتقول أليس غاور من شركة "Azure Strategy"، وهي شركة استشارية في لندن: "يأتي سيف الإسلام في وقت تحتاج فيه السياسة الليبية إلى منقذ".
تبث حركة القذافي الخضراء خطبا مثيرة على قناة فضائية مقرها في القاهرة، مشيرة إلى العصر الذهبي المفترض للديكتاتور. إنها رسالة قد يتردد صداها بين الليبيين المحبطين. فعلى الرغم من ضخ 1.2 مليون برميل من النفط يوميا، إلا أن الكهرباء لا تزال تنقطع لساعات طويلة والتضخم آخذ في الارتفاع. فبالنسبة لمعظم سكان ليبيا البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة، فإن الازدهار والأمن، ناهيك عن الديمقراطية، هما سراب بعيد المنال.
ليست الحكومة التركية الوحيدة التي قد تفكر في السماح لعائلة القذافي بالعودة إلى الساحة. ربما تفكر روسيا في ما إذا كانت ستستعيد علاقاتها القديمة معها. ربما تبحث الإمارات ومصر عن بديل لخليفة حفتر، الجنرال السابق المقيم في شرق ليبيا والذي كان مرشحهم منذ فترة طويلة. لكنه في العام الماضي حاول وفشل في الإطاحة بالحكومة في طرابلس.
كان المتسابقون الأوائل في الانتخابات الرئاسية في كانون الأول/ ديسمبر منشغلين في محاولة استبعاد بعضهم البعض. وأشرف رئيس البرلمان، عقيلة صالح، على إقرار قانون يمنع مزدوجي الجنسية والجنود من الترشح - والذي ينبغي أن يستبعد حفتر، الذي يُعتقد أنه مواطن أمريكي. (يقول حفتر إنه لم يعد يقود رسميا الجيش الوطني الليبي الذي يتخذ من الشرق مقرا له). كما يحرص صالح على تقويض رئيس الوزراء الحالي، عبد الحميد دبيبة، الذي ربما يكون السياسي الأكثر شعبية في ليبيا، من خلال رفض تمرير ميزانيته المقترحة.
اقرأ أيضا: إطلاق سراح قيادات تابعة للقذافي.. ما تداعياته على ليبيا؟
عندما أصبح الدبيبة رئيسا للوزراء في شباط/ فبراير بموجب اتفاق تفاوضت عليه الأمم المتحدة، وعد بعدم الترشح لأي منصب بعد انتهاء ولايته. لكنه قد يغير رأيه. بعد أن كان رئيسا لإحدى أكبر الشركات المملوكة للدولة في عهد الديكتاتور القديم، جدد هو أيضا علاقاته مع عائلة القذافي. لقد أعاد الممتلكات التي تم الاستيلاء عليها من أعضاء نظام القذافي بعد الإطاحة بالديكتاتور إلى أصحابها الأصليين (بما في ذلك عائلته). هناك تذمر بأن حكومته قد تطلق سراح بعض أقرب رفاق القذافي، بمن فيهم رئيس مخابراته. يقال إن وزير الداخلية على اتصال بأسرة القذافي. تم تعليق محاكمة الجناة المزعومين في مذبحة أكثر من 1200 سجين سياسي في عام 1996.
يسود السلام في ليبيا نسبيا منذ توسطت الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار لإنهاء الحرب الأهلية قبل عام. يمكن لليبيين السفر مرة أخرى بين نصفيها الشرقي والغربي. ومع ذلك، لا أحد يراهن على إجراء الانتخابات كما هو مخطط لها في 24 كانون الأول/ ديسمبر. الميليشيات التي أرهبت السكان على مدى العقد الماضي لا تزال جامحة. قد تفضل تركيا وروسيا، ولكل منهما شخصياته المفضلة، إفساد الانتخابات والحفاظ على مناطق نفوذهما. ومع ذلك، في خضم المناورات الجيوسياسية وندرة أي راية أخرى قد توحد الفصائل المتناحرة في ليبيا، قد يتسلل القذافيون مرة أخرى إلى الساحة.