تعتبر
الانتخابات
البرلمانية
العراقية المقبلة بمثابة "اختبار حقيقي" للمرشحين
المستقلين، لا سيما أن القانون الانتخابي الجديد أتاح للمرشحين الفوز بتحقيق أعلى الأصوات في
دائرتهم الانتخابية، وألغى في الوقت ذاته التنافس على أساس القوائم، كما كان يحصل
منذ عام 2003.
المرشحون المستقلون في
الانتخابات المزمع إجراؤها في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، يبلغ عددهم 857
مرشحا، بمعزل عمن فضل منهم الانضواء مؤقتا تحت قوائم كبيرة بغية الحصول على دعم
مالي ودعائي، إضافة إلى توفير الأمن الشخصي، بحسب مراقبين.
وفي ظل تراجع شعبية
الأحزاب السياسية التقليدية، لا سيما الشيعية منها في مناطق وسط وجنوب العراق،
ومقاطعة العديد التشكيلات السياسية المحسوبة على "حراك تشرين"، توقع
سياسيون وبرلمانيون ارتفاع حظوظ الشخصيات المستقلين في الانتخابات المقبلة.
حظوظ مرتفعة
من جهتها، قالت
البرلمانية العراقية المستقلة، ندى شاكر، في حديث لـ"عربي21"، إن
"الناخب العراقي بدأ يسأل عن انتماء المرشح أولا، فإذا عرف أنه مستقل يبدي
ارتياحه، بينما إذا كان منتميا لأحد الأحزاب التقليدية، فإنه يمتعض وينتقدونهم
بشدهم كونهم لم يقدموا شيئا طيلة 18 عاما".
ورأت البرلمانية أن
"المستقلين أصبح لهم قبول عال جدا بين الناخبين مقارنة بالأحزاب التقليدية، وهذا ما لمسناه
بشكل مباشر من الشارع، وأن التوجه اليوم نحو
المرشحين المستقلين، لذلك دفعت بعض
الأحزاب بمرشحين على أنهم مستقلون".
واستدركت ندى شاكر قائلة: "لكن تبقى النتائج النهائية بعد عملية الاقتراع، لأن الأحزاب تستخدم
المال السياسي في شراء الذمم، وأن بعض الناخبين لا يذهب باتجاه التغيير، رغم أن هذه
الانتخابات أجريت مبكرة من أجل التغيير، وإبعاد الأحزاب التي نقلت البلد من سيئ
إلى أسوأ".
وأكدت البرلمانية أن
"توجه الناخبين نحو تفضيل الشخصيات المستقلة على الأحزاب لمسناه في مناطق
الفرات الأوسط والجنوب (ذات الغالبية الشيعية)، لا سيما بمحافظة واسط التي أرشح
حاليا فيها بشكل مستقل".
فوز مرهون
وعلى الصعيد ذاته، رأى
الباحث في الشأن السياسي العراقي، كاظم ياور، في حديث لـ"عربي21"، أن
"حظوظ المستقلين مرهون بتطبيق إجراءات عديدة من المفوضية والحكومة والبرلمان،
حيث كان من المؤمل توفير ظروف آمنة، لاسيما للمرشحين الجدد".
ولفت ياور إلى أن
"إجراء انتخابات ذات شفافية عالية ومشاركة واسعة من شأنه رفع حظوظ المستقلين،
لكن إذا أمعنا النظر بالظروف التي ستجري بها العملية الانتخابية من حيث أنها آمنة
للناخب والمرشح، وحتى للناخبين، نجدها غير ذلك، وهذا أثّر على مشاركة المستقلين
والحركات المحسوبة على حراك تشرين، وبالتالي إمكانية حصولهم على مقاعد جيدة في
البرلمان".
وأوضح الباحث العراقي
أن "هناك تراجعا كبيرا للمستقلين والمحسوبين على حراك تشرين عن المشهد
السياسي، كونهم قاطعوا هذه الانتخابات، رغم تضحيات الشباب المتظاهر الذي نادى
بانتخابات مبكرة لتحقيق مطالب مشروعة من أجل تغيير واقع البلد".
وتساءل ياور قائلا:
"هل الأحزاب التقليدية هي من كانت وراء وصول الظروف الانتخابية إلى ما نحن
عليه اليوم؟ الجواب: نعم، لأن هذه الأحزاب تمسك بالسلطة وتمتلك المال السياسي،
وبعض الجماعات المسلحة تابعة لها، وتحاول فرض أجندتها السياسية على مناطق انتخابية
ومحافظات معروفة لدى الشارع العراقي".
ولفت إلى أن
"المال السياسي الذي تستخدمه الكتل والأحزاب الكبيرة التقليدية جعل المستقلين
ينسحبون من هذه الانتخابات، فهم يستغلون تردي الوضع الاقتصادي للشعب العراقي،
إضافة إلى أن الستة أشهر الماضية كانت غير كفيلة في تغيير مزاج الشارع العراقي نحو
المشاركة الفاعلة بالانتخابات".
عدد المقاعد
وبخصوص عدد النواب
المستقلين المتوقع صعودهم إلى البرلمان، قالت ندى شاكر إن "التغيير وصعود
المستقلين للبرلمان سيكون بشكل تدريجي، وقد تصل إلى 30 مقعدا في هذه الدورة من أصل
329 مقعدا، وإذا تحقق ذلك فهو أمر جيد، وستنافس الكتل الكبيرة".
ولفتت البرلمانية إلى
أن "النواب المستقلين في الدورة البرلمانية الحالية عددهم قليل جدا، لذلك لا
يسمع صوتهم، وليسوا قادرين على مجاراة القوى السياسية الكبيرة في البرلمان، لكن
تعول على زيادة العدد في هذه الانتخابات المبكرة".
من جهته، استبعد
الباحث كاظم ياور أن تحصل الشخصيات المستقلة على مقاعد كثيرة يمكن أن تحدث تأثيرا
كبيرا في العملية السياسية، لكن معول على فوز الشخصيات المستقلة حتى وإن كانت
منضوية في الوقت الحالي ضمن القوائم الكبيرة التابعة للأحزاب والكتل السياسية
التقليدية.
وأكد ياور أن قانون
الانتخابات يتيح للناخبين اختيار المرشح بشكل منفرد؛ لأنه لا يوجد رقم للكتلة أو
القائمة الانتخابية كما كان في السابق، لذلك ستخرج نوعية جيدة من المستقلين
والمنتمين لحراك تشرين وإن كانوا قلة، لكن ممكن أن تكون لديهم مقاومة سياسية تحدث
تغييرا داخل الكتل السياسية الماسكة للسلطة.
وبحسب الباحث، فإن
"المعول على هذه الشخصيات المستقلة أن تتوحد بعد تشكيل الحكومة، لأن القانون
الانتخابي الجديد يمنع خروجهم من كتلهم قبل ذلك، وأن يكونوا في المستقبل كتلة نشطة
عابرة للطائفية والعرقية داخل البرلمان يمكن أن تصلح العملية السياسية".
ويشارك في الاقتراع
المقبل 21 تحالفا تضم 58 حزبا، فيما بلغ العدد الكلي للأحزاب المشاركة نحو 160
حزبا، بحسب بيان للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.