قضايا وآراء

أفغانستان.. سر الثقة العالمية في الدوحة

أحمد القديدي
1300x600
1300x600

بالرغم من تسارع الأحداث بعد دخول طالبان إلى كابل، وبالرغم من بعض التخوفات المشروعة لهذا الطرف أو ذاك، فإن ثقة جميع شركاء الملف الأفغاني تبقى كبيرة في الوساطة القطرية الخيرة والمسالمة والقادرة بفضل توجيهات أميرها على استكمال مسار المفاوضات التي لا محيد عنها لبلوغ الحلول النهائية المنتظرة، والتي ترضي كل الفصائل وتؤدي رسالة السلام للطرف الأمريكي.

الأهم في القضية بعد قرار الرئيس بايدن سحب كل قواته من أفغانستان والذي عبر في مناسبات عديدة وعلى مستويات مختلفة على تقديره للدور القطري، مع نيل قطر لاحترام الإتحاد الأوروبي وروسيا والصين وتركيا وإيران لاحتضان الدوحة للحوار الأفغاني، كما أن السيد (دو جاريك) الممثل الخاص للسيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة عبر عن تقدير الأمم المتحدة لدولة قطر وأميرها على الاستمرار في رعاية المفاوضات الأفغانية، اليوم كما بالأمس وغدا بدون كلل حتى ترسي السفينة الأفغانية على شاطئ السلام الدائم وغير القابل للإنتكاس. 

وكانت أفغانستان محور الحديث بين أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد والسيدة ميركل أمس الإربعاء وكذلك محور المكالمات بين الشيخ محمد بن عبد الرحمن ونظرائه في دول عربية وأوروبية وآسيوية عديدة، كما أشاد بهذه الثقة المسؤول عن حل الأزمات مطلق القحطاني تحت إشراف الشيخ مدآف بن عبد الرحمن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية. 

بهذه الروح المتفائلة كان التعليق القطري من أكثر التعليقات على أحداث أفغانستان عمقا وفهما وانتظرته جميع الأوساط الدبلوماسية في العالم. وكما جاء في تعليق الموقع الأمريكي (ستراتجيك ألرت): "قطر هي التي احتضنت ولعلها تواصل احتضان القضية الأفغانية بالوساطة الذكية والمدربة على حل الأزمات الساخنة فوق أرض الدوحة غير المنحازة حتى في عز حرارة الأحداث وتشعب الأزمات واختلاف الرؤى و المصالح...". 

ونعلم أن الشيخ محمد بن عبد الرحمن في مؤتمره الصحفي مع نظيره أيمن الصفدي وزير خارجية المملكة الأردنية قال بأن قطر ترصد تطور الأحداث في أفغانستان باهتمام وأمل وتطالب جميع الأطراف بالتزام الإنتقال السلمي للسلطة مباركا هذا الإنتقال الذي تم دون عنف ودون سفك دماء. 

 

قطر هي التي احتضنت ولعلها تواصل احتضان القضية الأفغانية بالوساطة الذكية والمدربة على حل الأزمات الساخنة فوق أرض الدوحة غير المنحازة حتى في عز حرارة الأحداث وتشعب الأزمات واختلاف الرؤى و المصالح..."

 



وفي لقاء مع الجزيرة صرح مطلق القحطاني المكلف من وزارة الخارجية القطرية برعاية المحادثات بين كل أطراف الملف الأفغاني، حيث قال يوم 15 آب (أغسطس) الجاري، يوم دخول قوات طالبان إلى كابل، بأن دولة قطر تبارك سلمية دخول طالبان إلى العاصمة وعدم سيل قطرة دم واحدة، كما تدعو إلى وقف فوري لكل عنف وإلى العودة إلى المفاوضات المؤدية إلى تشكيل حكومة وفاقية تعمل بتضافر الجهود على الانتقال السلمي للحكم وعلى احترام الالتزامات السياسية والأخلاقية التي قطعتها حركة طالبان وجميع الأطراف على نفسها وعلى تابعيها لتعود أفغانستان إلى محيطها التاريخي والجغرافي سليمة معافاة ناهضة وشريكة المجتمع الدولي في رعاية الأمن وصون السلام. 

ومن جهة أخرى حلل الرئيس بايدن قرار الإنسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان بعد أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في الأزمنة الحديثة مع بقاء الولايات المتحدة إلى جانب الشعب الأفغاني، وأكد أن كابل سقطت في أيدي مقاتلي طالبان دون مقاومة وأن الجيش الأفغاني الذي سهرنا على تدريبه لم يحرك ساكنا مؤكدا "إن الجيش الأمريكي لا يمكن أن يتصدى لمسلحي طالبان عوض الجيش الأفغاني".

وعبر الرئيس الأمريكي عن استغرابه من ظاهرة غياب الجيش الأفغاني من التصدي لتأخير دخول طالبان إلى كابل بعد أن مولت واشنطن تسليحه وتدريبه بـ 830 مليار دولار! وألح بايدن على حقيقة أن الإنسحاب كان ضروريا بعد عشرين عاما من المشاركة مع حلف الناتو في حرب لم تعد لها أية جدوى بعد أن خسروا من جنودهم 2300 ضحية خلال هذه الحرب مع أملهم كما قال أن تتعظ طالبان بحقائق تغيير موازين القوى في المنطقة والعالم وتفتح الباب للمشاركة الأوسع في تشكيل الحكومة القادمة مع التزامها كما وعدت في الدوحة باحترام حقوق المواطنين وخاصة إعطاء المرأة الأفغانية حقوق التعلم والمشاركة في المجتمع والسياسة بما تستحقه. 

ولا بد أن نحلل مواقف مختلف القوى العظمى والإقليمية إزاء دخول طالبان إلى كابل، فنبدأ بالولايات المتحدة التي اكتفت بإجلاء دبلوماسييها وجنودها و مواطنيها من بؤرة الحريق الأفغاني والإصرار على تعزيز زعامة الولايات المتحدة لما يسمى العالم الحر! أما روسيا اليوم فيهمها أن لا تتحول أفغانستان إلى حليف لأمريكا ويحافظ الطالبيون على حيادهم ليشعر بوتين بأن حدود الدول التابعة لإتحاد الجمهوريات الروسية أمنة من ناحية أفغانستان وباكستان وإيران. 

بينما يبدو أن هم الصين مرتكز على ضمان عدم إعانة أفغانستان تحت إدارة طالبان للمتمردين الأيغور المسلمين ويظل من الجانب الأوروبي الرئيس ماكرون هو المنشغل أكثر بالملف الأفغاني بسبب أهمية قضية الهجرة السرية الراهنة إلى أوروبا و ظهور بعض الجرائم الإرهابية المنفردة في فرنسا وإقرار قانون الأمن الشامل ومقاومة الإنعزالية العرقية والدينية في فرنسا تمهيدا للإنتخابات الرئاسية القادمة في أيار (مايو) 2022!


التعليقات (0)