هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانسحاب من الانتخابات البرلمانية المقبلة الكثير من التساؤلات، بخصوص الأسباب الحقيقية وراء هذه الخطوة، والتداعيات التي يمكن أن تحدثها على العملية الانتخابية المقررة في 10 تشرين/ أكتوبر المقبل.
الصدر قال في خطاب تلفزيوني، الخميس، إن "ما يحدث في العراق هو مخطط لإذلال الشعب العراقي"، مضيفا: "أسحب يدي من المشاركين في الحكومة الحالية والمقبلة".
وتابع الصدر قائلا: "حفاظا على ما تبقى من الوطن، وإنقاذا للوطن الذي أحرقه الفاسدون وما زالوا يحرقونه، أعلمكم بأنني لن أشترك بهذه الانتخابات، فالوطن أهم من كل ذلك".
أسباب الانسحاب
من جهته، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" العراقي، الدكتور إحسان الشمري، لـ"عربي21" إن "موضوع الانسحاب يرتبط بتغول منافسي التيار الصدري، الذين يوظفون المال السياسي، ويتحكمون بمؤسسات الدولة، ولديهم القدرة على تسقيط الخصوم".
وأضاف: "كذلك استشعار الصدر بأن المعادلة السياسية القادمة مع انتخابات لا تحظى بشرعية بوجود مقاطعة، وقد يزور هامش منها، كل ذلك قد يكون وراء إعلان الصدر الانسحاب، لأن المعادلة السياسية القادمة قد تفتح الباب لانهيار النظام السياسي في حال عادت القوى التقليدية والفاسدة إلى السلطة".
اقرأ أيضا: مقتدى الصدر يعلن مقاطعته الانتخابات العراقية المبكرة (فيديو)
وعلى نحو مماثل، قال المحلل السياسي أثير الشرع لـ"عربي21" إن "كثرة ملفات الفساد وحوادث الحرائق التي اندلعت في المستشفيات والمباني الأخرى، والاتهامات التي طالت التيار الصدري بأنه يمسك بمناصب في الصحة والكهرباء والموارد المائية والبنك المركزي، كانت سببا في إعلان انسحاب الصدر".
وأوضح الشرع: "لاحظنا في خطاب الصدر بعض الكلمات المبطنة بأنه بالفعل يوجد بين الصدريين من لم يلتزم بأوامره، وشارك في الحكومة، واستلم مناصب ذات مسؤوليات عالية".
ولفت إلى أن "الصدر آثر أن يكون الابتعاد أفضل من تواصل الهجمات، وربما هناك بعض الأمور الداخلية التي تخص الصدريين جعلت من الانسحاب هو الحل الأنسب بالنسبة لهم".
وفي السياق، كتب القيادي المنشق عن التيار الصدري، غيث التميمي، تغريدة على "تويتر" قال فيها: "قبل أن يتكهن المحللون في طبيعة قرار مقتدى الصدر الانسحاب من الانتخابات، أعطيكم المعلومة الحقيقية: أبلغه الكريماوي (قيادي صدري) ومن معه في الماكنة الانتخابية بالأرقام بأنه لن يحصل على أكثر من 30 مقعدا في أحسن الأحوال، وهنا جن جنونه، وصرح بأنه سيقتل لتحريك الشارع الصدري، ثم أعلن انسحابه من أجل الوطن".
وأردف: "الوجه الثاني لإعلان مقتدى الصدر انسحابه من الانتخابات تكشفه الرايات خلفه، وأهمها راية (جيش المهدي) التي ترمز للحرب الأهلية، التي أعلن مقتدى استعداده لها بعد انسحابه من الانتخابات، لم يبق للقوى الشيعية مسار سوى تغيير قواعد اللعبة، أو مواجهة مسلحة بعد انحسار الحلول عبر الانتخابات".
— غيث التميمي GHAITH ALTAMIMI (@altamimi1981222) July 15, 2021
تداعيات محتملة
وبخصوص تداعيات انسحاب الصدر على الانتخابات، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" العراقي، إحسان الشمري، إن "الانتخابات قائمة دستوريا، ولا يعني انسحاب الصدر إلغاء الانتخابات، وإنما يحق لكل القوى والأحزاب السياسية أن يكون لها رأي في الانتخابات".
وأضاف: "لكن ما يمثله التيار الصدري من قاعدة شعبية وقوة سياسية هي من قد تفتح الباب أمام سيناريوهات لأزمة سياسية قادمة، سواء قبل الانتخابات أو بعدها، خصوصا أن دعوات مقاطعة الانتخابات أخذت تتصاعد، ففي وقت سابق أعلنت أحزاب حراك تشرين الانسحاب، واليوم التيار الصدري".
وأعرب الخبير السياسي عن اعتقاده بأن "تتسبب الانسحابات بخلل كبير في نتائج الانتخابات والمعادلة السياسية المقبلة، لذلك أعتقد أن إحدى الرئاسات الثلاث ستتحرك باتجاه إنهاء حالة المقاطعة، وهذا بحد ذاته سيكون المخرج لإنهاء الأزمة الحالية".
ورأى الشمري أن "موضوع تأجيل الانتخابات قد يكون محل تدارس ما بين القوى السياسية، ولا بد من توافق بين القوى السياسية، ثم تقديم طلب إلى البرلمان ورئيس الجمهورية للعدول عن المرسوم الجمهوري، أيضا لا بد من الاحتكام إلى رأي الحكومة التي تصر على موعد الانتخابات، وكذلك مفوضية الانتخابات، الموضوع يتسم بالتعقيد، لكن بالنهاية بحاجة إلى توافق بين القوى السياسية".
اقرأ أيضا: هل دخلت مؤسسات العراق ضمن دائرة الاستهداف السياسي؟
من جهته، قال المحلل السياسي، أثير الشرع، إن "هناك بالفعل مخاوف من عدم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، لكن المفوضية أبدت استعدادها لأن تجري الانتخابات في الموعد، وأن التحدي اليوم هو أن لا تؤثر هذه الانسحابات على مجرى الانتخابات".
وأضاف: "لا يمكننا التكهن حاليا بخصوص إجراء الانتخابات من عدمها، لكن انسحاب مرشحي التيار الصدري قد يتسبب بفوارق في تسلسل أرقام المرشحين، ويمكن حل ذلك بإجراء قرعة جديدة، وينتهي الأمر في يوم أو يومين".
وأشار الشرع إلى أن "المشهد السياسي ضبابي، ولا يمكننا التكهن بما ستؤول إليه الأحداث خلال الـ45 يوما المقبلة، ربما ستكون هذه الأيام حبلى بالكثير من الأحداث، ويبدو أن الصدر جاد هذه المرة، وسوف يدحض نظرية أنه يقرر ثم يعدل عن قراره".
صراع شيعي
حاولت "عربي21" جاهدة الحصول على تعليق من التيار الصدري حول إعلان الصدر الانسحاب المفاجئ من سباق الانتخابات التي كان قبل أشهر يرفض تأجيلها، إلا أنها لم تفلح في ذلك.
لكن عضو التيار الصدري عصام حسن، صرح لشبكة "رووداو" الكردية بالقول إن "كلام الصدر كان واضحا جدا، وهو أنه لن يشارك في الانتخابات المقبلة"، عازيا القرار إلى "المعطيات الأخيرة، خصوصا ما حدث في الناصرية، وتعامل الكتل السياسية مع الموضوع بشكل ساذج وكافر وهزلي".
وانتقد حسن "عملية رمي الاتهامات في هذه الأحداث، من دون أن يكون هناك حل جذري لأرواح الناس"، لافتا إلى أن "المرشحين الموجودين حاليا قدموا بيانات انسحابهم من السباق الانتخابي المقبل، والذي سيقام في وقته المحدد".
ولفت إلى أن "انسحاب التيار الصدري فسح المجال أمام مرشحي الكتل السياسية الأخرى"، معربا عن اعتقاده بأن يكون "التنافس بين الكتل السياسية في الوسط والجنوب شريفا"، عازيا انسحاب التيار الصدري إلى "تحول التقصير الحكومي إلى صراع سياسي وكراهية وتسقيط".
وبخصوص موقف باقي الكتل من هذا الانسحاب، قال حسن إن "نصف الكتل السياسية مسرورة، لأنه سيتاح المجال لهم، ونصفها قلق لأنه لا يعرفون ما القادم"، متوقعا أن "تتقاتل فصائل مسلحة فيما بينها للسيطرة على السلطة".