هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت صحيفة "ذا غازيت" الأمريكية عن استقدام الولايات المتحدة قوة عسكرية إلى العراق، من قاعدة "فورت كارسون" في ولاية كولورادو، عُرفت باعتقال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في ديسمبر/ كانون الأول 2003.
الخطوة هذه أثارت تساؤلات ملحة حول المهام التي جاءت من أجلها هذه القوة الخاصة، وانعكاس ذلك على الصراع الدائر في العراق بين القوات الأمريكية والمليشيات العراقية الموالية لإيران.
"رسالة رادعة"
وبحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، الأربعاء، فإن قرار الاستقدام يتعلق باللواء الأول للقوة العسكرية، التي تلقت الأوامر بالتوجه إلى العراق لتحل مكان وحدة من "الحرس الوطني" المنتشرة في العراق حاليا.
ونقلت الصحيفة عن قائد اللواء العقيد إيكي سالي، قوله؛ إن "جنودنا وقادتنا كانوا يتدربون ويسعون لتلبية نداء الوطن. نحن مستعدون لهذه المهمة ونحن محظوظون بأفضل الجنود لدينا".
وفي مهمتها الحالية، فإن القوة ستنضم إلى جهود تدريب ودعم القوات العراقية في مواجهة تنظيم الدولة، الذي سبق له أن احتل مساحات شاسعة من العراق وسوريا قبل أن يلحق به تحالف دولي الهزيمة، وفقا للصحفية.
وذكرت أن "اللواء الأول يتألف من 4 آلاف عسكري، وتلقى تدريبات على الانتشار العسكري والسيطرة على أراض واسعة، ويتمتع بالقدرة على التحرك بسهولة وسرعة على الطرقات السريعة في أثناء عمليات نقل القوات في عربات مدرعة بهدف الانتشار والتمركز القتالي، كما تتمتع هذه القوة بمعدات عسكرية من المدافع إلى المسيرات الجوية المخصصة للمراقبة".
لكن "ذا غازيت" أشارت إلى أن "اللواء الأول سيدخل إلى العراق في وقت يشهد ملف التعامل الأمريكي مع المليشيات سخونة متزايدة، حيث إن بادين كان في شهر حزيران/ يونيو الماضي، أمر بشن غارات على مواقع لمليشيات عراقية على الحدود مع سوريا بعد تعرض مواقع امريكية إلى هجمات بالصواريخ".
ونوهت الصحيفة إلى أن "الولايات المتحدة اتخذت خطوة ضرورية ومناسبة ومدروسة هدفها الحد من مخاطر التصعيد، وأيضا من أجل توجيه رسالة رادعة واضحة لا لبس فيها".
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد تعهد في العام الماضي، بإعادة كل قوات بلاده من العراق وأفغانستان. وفي العام الجاري، أعلن بايدن أن القوات الأمريكية ستغادر أفغانستان بحلول 11 سبتمبر/أيلول المقبل، لكنه لم يحدد جدولا زمنيا لإنهاء الالتزام الأمريكي في العراق.
تصعيد مستمر
وتعليقا على ذلك، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، سرمد البياتي؛ إنه "إذا صح الخبر- كون البنتاغون لم يصدر شيئا معتمدا- فإن هذه القوة التي تتبع الفرقة الرابعة الأمريكية، من المقرر أن ترسل 1800 مقاتل، لكن ليس للعراق فقط، وربما تقسّم في المنطقة بين سوريا والكويت وغيرهم".
وأوضح البياتي في حديث لـ"عربي21" أن "الموضوع كله يتعلق في الهجمات الأخيرة التي شُنت على القواعد العسكرية العراقية، والتي توجد فيها قوات أمريكية".
وتابع: "لكن الموضوع الأكبر والأخطر، هو عدم وجود أي هدنة، وإنما تصعيد مستمر حتى موعد زيارة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي إلى واشنطن، وخلال هذه المدة سنرى تصعيدا مستمرا".
وفيما إذا كان العراق يشهد عمليات نوعية أمريكية، أشار البياتي إلى أن "هذه الفرقة ربما قد تكون للردع بخصوص أي هجمات، لكن حتى الآن لم يخصص لها أي واجب معين في هذا السياق".
وفي 25 تموز/ يوليو الجاري، من المقررة أن يزور رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، العاصمة الأمريكية واشنطن، تلبية لدعوة وجهها إليه الرئيس الأمريكي جو بايدن.
خطوة مستبعدة
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، يحيى الكبيسي، في حديث لـ"عربي21"؛ إنه "لا وجود لإعلان رسمي حتى اللحظة يؤكد معلومات إرسال هذه الفرقة العسكرية الأمريكية إلى العراق".
وأوضح الكبيسي أن "الكل يعلم كان هناك مفاوضات قد جرت بين العراق والولايات المتحدة في نهاية عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وحصل قرار أمريكي بخفض القوات إلى 2500 جندي".
وتابع: "بمعزل عن عددها ونوعها، لم يصدر حتى الآن تصريحا رسميا بإرسال قوات أمريكية إلى العراق، ولاسيما أن الكاظمي سبق أن ذكر في أكثر من مرة بأن العراق طالب بسحب كل القوات الأمريكية القتالية، وأن الموجودين هم إما مدربون أو بعض القوات الجوية التي جاءت إلى العراق في إطار الحرب ضد تنظيم الدولة".
ولفت الكبيسي إلى أنه "لا يزال من المبكر الحديث عن وجود قرار أمريكي بشأن المواجهة مع إيران في العراق، ولو عدنا إلى تصريحات ترامب فإنها أكثر عنفا وتحديا، لكن مع هذا لم تتطور الأمور إلى مواجهة المباشر بالعراق".
وأردف: "وإذا حصلت فلن يكون 4 آلاف جندي كافين للقتال في العراق؛ لأنها ستتورط مجددا في العراق. وأنا اعتقد أن الانسحاب من أفغانستان، فإن الولايات المتحدة تريد فتح صفحة جديدة في هذا الموضوع".
ورأى الكبيسي أن "الصراع الأمريكي - الإيراني في العراق مرتبط بتطور المفاوضات بخصوص الملف النووي، ولا ترتبط بأي محادثات مع الجانب العراقي؛ لأن الحكومة عاجزة عن إيقاف هذه المليشيات، ومن ثم لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستكون جادة في مناقشة هذا الأمر مع الكاظمي في زيارته إلى واشنطن".
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الولايات المتحدة سحبت غالبية قواتها من العراق في العام 2020، لكن أحد الألوية العسكرية المرتبطة بجهود مكافحة تنظيم الدولة، بقيت هناك، وهي تنتشر في بلدات بالقرب من أربيل وبغداد.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في 27 حزيران/ يونيو الماضي، أنهم "موجودون في العراق بدعوة من حكومة العراق لهدف وحيد، هو مساعدة قوات الأمن العراقية في جهودها لإنزال الهزيمة بتنظيم الدولة".