ملفات وتقارير

لماذا ترفض قوات "حميدتي" الاندماج بصفوف جيش السودان؟

قال خبير سوداني إن اندماج قوات الدعم السريع بالجيش يتطلب شروطا- الأناضول
قال خبير سوداني إن اندماج قوات الدعم السريع بالجيش يتطلب شروطا- الأناضول

تصاعدت التحذيرات من أكثر من طرف في السودان من انقسام البلاد مجددا بسبب إصرار عدة أطراف عسكرية ومدنية على دمج قوات الدعم السريع في الجيش، مقابل رفض محمد حمدان دقلو (حميدتي)، زعيم هذه القوات لهذا الطلب.


ومنذ ظهورها الأول كقوة شبه عسكرية في 2013، لم تبارح "قوات الدعم السريع"، محطة الرفض والقبول في السودان.


فعلى الدوام كانت قوات الدعم السريع مثار جدل ومحط الأنظار داخليا وخارجيا، حتى عقب سقوط الرئيس المعزول عمر البشير، الذي منحها الشرعية القانونية ودعمها. و"الدعم السريع" قوة مقاتلة جرى تشكيلها لمحاربة المتمردين في دارفور، ثم لحماية الحدود لاحقا، وحفظ النظام في البلاد.


ويشهد الإقليم، منذ 2003، نزاعاً مسلحا بين الجيش ومتمردين، ما خلف نحو 300 ألف قتيل وشرد نحو 2.5 مليون شخص، بحسب إحصائيات أممية.


وظلت قوات الدعم السريع على الدوام محل اتهام بارتكاب انتهاكات في دارفور وفي تظاهرات سبتمبر 2013 التي راح ضحيتها العشرات بالعاصمة الخرطوم، وكذلك في حادثة فض اعتصام القيادة بالخرطوم في حزيران/ يونيو 2019، وهو ما تنفيه قياداتها.


وتأسست هذه القوات في 2013 كقوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، لكن لا توجد تقديرات رسمية لعددها، إلا أن المؤكد أنها تتجاوز عشرات الآلاف.

 

إعادة هيكلة


وفي كانون ثاني/ يناير 2017، أجاز البرلمان قانونا بشأن هذه القوات المثيرة للجدل يجعلها تابعة للجيش.


وإعادة هيكلة القوات الحكومية وتنظيمها، إحدى مهام السلطة في الفترة الانتقالية، التي بدأت في 21 آب/ أغسطس 2019، وتستمر 53 شهرا تنتهي بانتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش، وقوى مدنية، وحركة مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاقا للسلام، في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2020.


وبدأت هذه المرحلة في أعقاب عزل قيادة الجيش، في 11 نيسان/ أبريل 2019، لعمر البشير من الرئاسة (1989- 2019)؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية‎.


وخلال حزيران/ يونيو الماضي، عادت قضية دمج قوات الدعم السريع في الجيش، إلى السطح مرة أخرى، مع مؤشرات على توتر بين قيادتي الطرفين، رغم نفيهما ذلك.


وفي 24 يونيو، أكد كل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه (حميدتي)، تماسك الجيش وقوات "الدعم السريع".


وشدد البرهان وحميدتي، على أنهما "قوة واحدة"، لدى مخاطبتهما ضباطا برتبة عميد فما فوق لقوات الجيش والدعم السريع، في مقر القيادة العامة، في العاصمة الخرطوم.


وفي 23 يونيو، حذر مستشار رئيس الوزراء فيصل محمد صالح، من أن الخلافات بين العسكريين تهدد وحدة البلاد، مضيفا أن "الخلاف بين المدنيين ينتهي بانسحابات وبيانات، لكنه بين العسكريين يكون خطيرا على أمن وسلامة ووحدة البلاد".

 

اقرأ أيضا: هل يشهد السودان فوضى بعد رفض حميدتي الاندماج مع الجيش؟


وفي الـ22 من الشهر ذاته، دعا رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، إلى إصلاح القطاع الأمني والعسكري ضمن 7 محاور، طرحها في مبادرته، مشيرا إلى أن "القوات المسلحة يجب أن تكون الجيش الوطني الوحيد، وذلك يتطلب إصلاحات هيكلية وعقيدة عسكرية جديدة وتمثيل التنوع السوداني في كافة مستوياتها وتنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية الوارد في اتفاق جوبا للسلام".


وتابع حمدوك: "قوات الدعم السريع ذات طبيعة خاصة، وساهمت بدور إيجابي في التغيير (الإطاحة بحكم البشير)، ودمجها في القوات المسلحة يتطلب توافقا بين قيادة القوات المسلحة والدعم السريع والحكومة، للوصول إلى خارطة طريق متفق عليها، تخاطب القضية بكل أبعادها".


وفي تصريح سابق، حذر حمدوك من تشظي بلاده، وانقسامها بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.


من جهتها كشفت، أمينة محمد، المتحدثة باسم قوى إعلان الحرية والتغيير، أنهم بصدد نقاش دمج قوات الدعم السريع في الجيش، مشيرة إلى أن الوثيقة الدستورية تحدثت عن وجود جيش واحد، بحسب ما نقله عنها موقع "سودان تربيون".


ودعا رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة (يونيتامس) فولكر بيرتس، إلى إيجاد خارطة طريق لبناء جيش واحد تحت مظلة الدستور، بحسب وكالة الأنباء السودانية.


غير أن ما أثار القلق والجدل، رفض حميدتي، دمج قوات الدعم السريع في الجيش، في كلمة له بحفل تأبين قيادي في حركة تحرير السودان، التي يتزعمها مني أركو مناوي، في 6 يونيو.


وحذر حميدتي، من أن الحديث عن دمج قوات الدعم السريع في الجيش "يمكن أن يفكك البلد"، دون مزيد من التفاصيل، مضيفا أن "الدعم السريع مكون بقانون مُجاز من برلمان منتخب، وهو ليس كتيبة أو سرية حتى يضموها إلى الجيش، إنه قوة كبيرة".

 

أسباب رفض الاندماج


ويوضح الخبير الاستراتيجي، اللواء أمين مجذوب، للأناضول، أن قوات الدعم السريع تعتقد أنها تكونت بغرض معين (محاربة التمرد في دارفور)، في فترة زمنية سابقة وجدت تأييدا وتقنينا من النظام السابق، لذلك فقد جاء رفض اندماجها في الجيش.


واستدرك مجذوب، بأن "النظام السابق مضى، وما قام به انتهى، والآن العالم كله والإقليم والشعب، جميعهم يرفضون وجود قوات أخرى خلاف الجيش، لذلك فإن الرفض (الاندماج في الجيش) قد يضع الجميع في عداء مع الشعب".


ويوضح: "الجيش موجود منذ 1905، حين كانت قوات دفاع السودان، وتحولت لاحقا إلى قوات الشعب المسلحة، وأخيرا القوات المسلحة، وهو جيش قوي، وله تجارب في الدمج من قبل، وحدث ذلك في اتفاقية 1972، واتفاقية السلام مع الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق في 2005، وكذلك في اتفاقية أبوجا للسلام في دارفور في 2006.


وتابع: "لذلك فهو جيش قوي وذو عقيدة، وقادر على التعامل مع دمج قوات الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام وفق الترتيبات الأمنية".


ويشير مجذوب، إلى أن الحركات المسلحة الآن تطالب أيضا بوجود جيش موحد، وفق اتفاقية جوبا، والدعوة إلى وجود جيش واحد تحتاج لفتح نقاش قانوني وسياسي.


ويضيف أن اندماج قوات الدعم السريع في الجيش يتطلب شروطا، ولا يستطيع أحد أن يقول إنها مؤهلة أو غير مؤهلة، ولكنْ هناك شروط تتمثل في: السن، واللياقة البدنية، والصحيفة الجنائية، والتأهيل والتدريب، والرغبة في العمل في الجيش.


ويلفت الخبير الاستراتيجي إلى أهمية تكوين جيش قومي موحد، والدمج لكل القوات، وإنفاذ الترتيبات الأمنية، وفق اتفاق جوبا، باستيعاب الحركات المسلحة، وتوفير التمويل حتى يتحقق ذلك.


وفي 29 آب/ أغسطس الماضي، وقعت الحكومة و"الجبهة الثورية" (حركات مسلحة) بروتوكول الترتيبات الأمنية، تضمن تشكيل قوات مشتركة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة، لحفظ الأمن وحماية المدنيين.


وفي 3 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وقعت الخرطوم اتفاقا لإحلال السلام مع حركات مسلحة تنتمي إلى "الجبهة الثورية".

التعليقات (1)
ناقد لا حاقد
الجمعة، 09-07-2021 07:09 ص
العسكر لا يصلحون لتسيير و ادارة الدول ...........