هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يوم الأحد 13 يونيو (حزيران) 2021، تعين على بنيامين نتنياهو ترك منصب رئيس وزراء إسرائيل، الذي شغله مرتين وعلى مدى 15 عاما، في أطول فترة يشغلها مسؤول في هذا المنصب في تاريخ إسرائيل.
وخسر نتنياهو وحزبه «ليكود» بصوت واحد في الكنيست الإسرائيلي أمام ائتلاف متنوع من المعارضين، يضم متشددا مؤيدا للمستوطنات، هو نفتالي بينت الذي سيشغل منصب رئيس الوزراء لمدة عامين قادمين، وصحفي سابق من الوسط هو يائير لابيد الذي سيتولى المنصب بعد بينت، ويضم أيضا لأول مرة في السياسة الإسرائيلية حزبا عربيا صغيرا، يعرف باسم «القائمة العربية الموحدة».
وحتى التصويت النهائي، بذل نتنياهو كل ما في وسعه لتدمير الائتلاف الجديد. وحين خسر المعركة، زعم -مثل صديقه دونالد ترامب- أن الانتخابات تم تزويرها. ولم يغادر بطريقة سلسة، بل تعهد بأنه كعضو في الكنيست، سيبذل كل ما في وسعه ليلحق الفشل بالائتلاف الحاكم الجديد. وهاجم الرئيس الأمريكي جو بايدن قائلا؛ إن إسرائيل ستواجه تهديدات شديدة إذا لم يستطع زعماؤها الوقوف في مواجهة الولايات المتحدة، خاصة في ملف التعامل مع إيران. كما وصف خصومه بأنهم فاشيون وشبَّههم بزعماء إيران وكوريا الشمالية.
وفي أثناء الفترة الطويلة التي قضاها نتنياهو في منصب رئيس الوزراء، أنعش الاقتصاد وأقام علاقات أفضل مع معظم البلدان في المجتمع الدولي. وبفضل ترامب، نقلت الولايات المتحدة سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وقبلت ادعاء إسرائيل بضم مرتفعات الجولان، وأيدت التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة. ومع الدعم القوي من جانب ترامب، استطاع نتنياهو توسيع علاقات إسرائيل الخارجية وحضورها الدولي.
ويجادل منتقدو نتنياهو، رغم إقرارهم بإنجازاته، بأن سياسته الداخلية كانت الأكثر شقاقا واستقطابية، وبأنها خلقت فجوة متزايدة بين الأغنياء والفقراء من الإسرائيليين؛ فقد كان التعهد «بإعادة الوضع الطبيعي» إلى المجتمع المنقسم بشدة من أكثر الدعوات جاذبية خلال حملة الائتلاف الجديد. ومستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة سيحتل موضعا متقدما في قائمة أولويات الائتلاف.
واتصل الرئيس بايدن بـ«بنيت» على الفور لتهنئته بالفوز. بينما لم يتحدث بايدن مع نتنياهو على مدار أسابيع بعد تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) الماضي. وسيواصل بايدن دعمه لاحتياجات الأمن الإسرائيلي، حيث رحّب هو وفريقه باتفاقات إبراهيم. لكن بايدن، على خلاف ترامب، سيضغط على إسرائيل للدخول في محادثات أكثر بنائية مع الفلسطينيين، خاصة بعد الأعمال القتالية خلال الآونة الأخيرة في غزة، والاشتباكات بين عرب إسرائيل ويهودها في كثير من المدن والبلدات. وسيدعم بايدن تعزيز العلاقات مع الأردن، وسيكون أقل تأييدا بكثير لمساعي التشدد الإسرائيلي لبناء المزيد من المستوطنات، وتحديهم لحقوق العرب في الأراضي في القدس.
وما لم تجبره أحداث غير متوقعة على أرض الواقع، لن يجعل بايدن من السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين أولوية أولى في قائمة سياسته الخارجية، التي تركز على روسيا وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وفي المقابل، ستتجنب الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وتحديدا بسبب تنوعها الشديد، تدشين مبادرات كبيرة في قائمة أولويات عملية السلام؛ لأن هذه القضية قد تتسبب ببساطة في انهيار الائتلاف الدقيق، وستقدم لنتنياهو فرصة أخرى لاستعادة الاستيلاء على السلطة.
وأقرب التحديات الإقليمية التي يواجهها الإسرائيليون والعرب والولايات المتحدة معا، هو احتمال تحقيق المتشددين في إيران انتصارا في الانتخابات التي تجري اليوم (الجمعة 18 يونيو "حزيران"). ونتيجة هذه الانتخابات ستحدد مدى إمكانية التوصل إلى اتفاق في المحادثات النووية بين أعضاء «خطة العمل الشاملة المشتركة» (الاتفاق النووي الإيراني)، لتقييد برنامج إيران النووي في مقابل الحصول على امتيازات مالية. وحدوث انهيار في هذه المحادثات، قد يعجل بحدوث أزمة إقليمية جديدة قد تقود إلى خلافات خطيرة بين أوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين، في كيفية وقف ما يتوقع البعض أنه تقدم لا مفر منه نحو إنتاج قنبلة نووية إيرانية.
(الاتحاد الإماراتية)