هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على الرغم من وجود أدلة قاطعة تفيد بالعكس، فإن دونالد ترامب ومساعديه الموالين له ما زالوا مصرين على أن انتخاب جو بايدن غير قانوني، إذ تواصل مجموعة محامي ترامب الآخذة في التقلص الطعن في نتائج الانتخابات في ولايات محورية مثل أريزونا وميتشيغان وجورجيا وبنسلفانيا، غير أن جهودهم رُفضت من قبل المحاكم حتى الآن، بما فيها المحاكم التي يهيمن عليها قضاة محافظون.
والواقع أن
الانتخابات انتهت؛ فقد فاز بايدن بشكل حاسم وسيصبح الرئيس السادس والأربعين
للولايات المتحدة في 20 يناير 2021، بيد أن نقل السلطة في بدايته فقط، وترامب يفعل
كل ما في وسعه لجعل حياة الإدارة المقبلة صعبة، كما أنه يعرّض أرواح الأميركيين
للخطر على اعتبار أن نقل السلطة يحدُث على خلفية وباء منفلت ما فتئ يزداد خطورة
وفتكاً مع تأثير أشهُر الشتاء الباردة على معظم البلاد، ولئن كانت أخبار اللقاحات
الناجحة مشجعة جداً، فإن تلك اللقاحات لن تكون متاحة لمعظم الأميركيين إلا بعد
أشهر من بداية 2021، وفي غضون ذلك، تستمر حصيلة الوفيات اليومية في الازدياد، وحتى
الآن، لم تُتخذ أي ترتيبات لتنسيق توزيع اللقاح بين إدارة ترامب وفريق بايدن
الانتقالي.
ترامب يستغل
أيضاً سلطاته الرئاسية الهائلة لاتخاذ تدابير من أجل تعقيد مهمة خلَفه، ومن ذلك
مبادرات عسكرية انتُقدت بشدة حتى من قبل بعض مؤيديه «الجمهوريين» في الكونجرس،
ويشمل ذلك مقترح ترامب القاضي بتقليص الوجود العسكري الأميركي بشكل أحادي الجانب
في أفغانستان والعراق، ففي حالة أفغانستان، يرغب ترامب في خفض أعداد العسكريين
الأميركيين من 5 آلاف إلى 2500 بحلول 20 يناير المقبل، قصد الوفاء بالوعد الذي
قدّمه لأتباعه خلال الحملة الانتخابية بخصوص إعادة الجنود إلى البلاد من مناطق
الحروب في الشرق الأوسط الكبير.
غير أن
المشكلة هي أن مفاوضات دقيقة ما زالت جارية الآن بين الولايات المتحدة والحكومة
الأفغانية وحركة «طالبان» من أجل ربط الانسحاب الأميركي بتقدم في ما يتعلق بقطع
«طالبان» علاقتها مع «القاعدة» وتقدم بخصوص اتفاق سلام مع الحكومة، والحال أن
الجيش الأميركي يقول إن «طالبان» لم تف بالتزاماتها، وبالتالي فأي انسحاب أميركي
أحادي الجانب سيُنظر إليه في هذا الوقت باعتباره ضعفاً، ومن شأنه أن يقلّص
احتمالات التوصل لتسوية عامة وشاملة، والجدير بالذكر هنا أنه حينما أصبح الانسحاب
المقترح علنياً، صرّح السيناتور ميتش ماكونل بأن من شأن مثل هذا العمل أن «يُسعد
الأشخاص الذين يريدون بنا الأذى».
ووفق صحيفة
«نيويورك تايمز»، فإن ترامب عقد، في 12 نوفمبر، اجتماعاً مع فريقه للأمن الوطني
ليسأله عن الخيارات العسكرية المتاحة لدى الولايات المتحدة لمهاجمة منشآت إيران
النووية التي قيل إنها زادت إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب. ووفق تقارير، فإن
مستشاريه، بمن فيهم نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، والجنرال
مارك ميلر قائد هيئة الأركان المشتركة، ذهبوا جميعهم إلى أن المخاطر عالية جداً،
وأن من شأن مثل هذا الهجوم أن يؤدي إلى حرب واسعة ممكنة، ولا شك أن هذا ليس هو
التركة التي يرغب ترامب في أن يتركها وراءه، ولئن كان هذا الخيار العسكري قد عُلق
الآن، فإنه ما زال لدى ترامب شهران متبقيان ليمارس خلالهما سلطاته الرئاسية
الهائلة، وهو قادر على اتخاذ مزيد من المبادرات، وخاصة في وقت يواصل فيه إقالة بعض
من كبار مستشاريه واستبدالهم بموالين طيّعين، كما أنه عاقد العزم على الاستمرار في
إلغاء الكثير من القيود القانونية الصارمة التي كانت إدارة أوباما قد وضعتها ضد
أنشطة التنقيب عن الغاز والنفط واستخراج المعادن وقطع الأشجار من أجل خشبها في
المنتزهات الوطنية والمناطق الطبيعية العذراء المحمية من الاستغلال التجاري، حيث
سارع ترامب إلى إصدار تراخيص للشركات لتتنافس على حقوق استخراج المعادن والتنقيب
والحفر في محمية الحياة البرية الوطنية القطبية في ألاسكا.
وفي
الأثناء، تفيد تقارير بأن بعض مستشاري ترامب المقربين، بمن فيهم ابنته إيفانكا
وصهره جارد كوشنر، يحثّونه على الاعتراف بالهزيمة، والتعاون مع فريق بايدن
الانتقالي، وربما أيضاً الإعراب عن تمنياته بالنجاح والتوفيق لخلفه، بيد أن تاريخ
ترامب يؤشر إلى أن هذا لن يحدث، ومع ذلك ما زال بعض المراقبين يأملون في معجزة.
(الاتحاد الإماراتية)