ملفات وتقارير

ماذا وراء زيارة وفد مسقط إلى صنعاء؟

محلل: التحركات الأخيرة تترجم حماس الإدارة الأمريكية الجديدة لوقف الحرب في اليمن
محلل: التحركات الأخيرة تترجم حماس الإدارة الأمريكية الجديدة لوقف الحرب في اليمن
أثار وصول وفد عُماني إلى صنعاء (العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون)، برفقة كبير مفاوضي الجماعة محمد عبدالسلام، السبت، تساؤلات عدة حول نشاط مسقط المكثف مؤخرا، ومدى نجاح جهودها في إنهاء الحرب باليمن.

وجاءت زيارة الوفد العماني بعد أيام من بيان شديد اللهجة أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، وحملت فيه الحوثيين المسؤولية عن استمرار الحرب في اليمن.

والسبت، ذكرت فضائية "المسيرة" التابعة للحوثيين، أن وفدا من المكتب السلطاني العماني برفقة الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام، وصل إلى العاصمة صنعاء.

وقال الناطق باسم الحوثيين، إن زيارة وفد المكتب السلطاني العماني إلى صنعاء هي للتباحث حول الوضع في اليمن على أساس مبدأ حسن الجوار والمصالح المشتركة.

وأضاف: "نعمل على الدفع بعملية ترتيبات الوضع الإنساني وكذلك عملية السلام، واستكمالا للجهود التي بذلناها بسلطنة عمان"، وقال: "نحن اليوم في صنعاء لمناقشة كل ما له مصلحة على المستوى الوطني والمنطقة عموما".

"إحياء عملية السلام"

ويرى علي الفقيه، نائب رئيس تحرير صحيفة "المصدر"، أن زيارة الوفد العماني تأتي في محاولة للسلطنة للعب دور في إحياء عملية السلام في ذات السياق الذي يتحرك فيه المبعوث الأممي والمبعوث الأمريكي.

وقال في حديث لـ"عربي21": "مسقط قدمت نفسها منذ فترة كطرف لديه القدرة على تقديم شيء في هذا الملف ولعب دور"، مضيفا أنه "ظل المسؤولون المعنيون بالسلام في اليمن يتحركون جيئة وذهاباً إلى مسقط سواء للقاء مسؤولين عمانيين أو للحديث مع قيادات حوثية تقيم في مسقط".

وأشار الفقيه: "مع أن التحركات الأخيرة تترجم حماس الإدارة الأمريكية الجديدة وتحمل أفكارا عمانية جديدة فيبدو أنها لاقت استحسانا مبدئيا لدى الحوثيين".

وبحسب الصحفي اليمني فإنه على الرغم من فشل الهجمة التي يشنها الحوثي على مأرب منذ مطلع العام الجاري، إلا أنني لا أعول على إمكانية تحقيق نتائج إيجابية في التوصل لوقف إطلاق النار في الوقت الراهن على الأقل، ما لم تكن هناك عروض مغرية تجعل الحوثيين يشعرون بأنها ستحقق لهم مكاسب جديدة تشرعن سيطرتهم وتجعلهم مهيئين مستقبلاً لابتلاع البلد.

وأوضح نائب رئيس تحرير صحيفة "المصدر" أن عمان لا تتحرك منفردة عن الأمريكان والبريطانيين، وإنما تأتي تحركاتها في ذات السياق وبإيعاز وتشجيع من الأمريكيين والبريطانيين.

وتابع: "تعتبر مسقط غرفة عمليات متقدمة للأطراف الدولية الفاعلة لمحاولة إنضاج أفكار تجذب طرفي الأمة في اليمن إلى طاولة الحوار".

ولفت إلى أنه ربما يكون بيان الأمريكيين ساهم في الضغط على الحوثيين لإبداء مزيد من التجاوب مع التحركات السياسية وإرسال رسالة لهم بأن التصلب ليس في صالحهم.

واستدرك: "لكن استمرار الحوثيين في استهداف المدنيين بشكل ممنهج وبالغ العنف على غرار ما حدث في مأرب، يؤكد أن الجماعة لم تخرج عن إطار المناورة".

"احتواء الازمة"

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن التحرك العماني الأخير هو جزء من الدور المهم الذي تلعبه السلطنة في سياق الأزمة والحرب في اليمن.

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "يزداد الدور العماني أهمية في المنعطفات الحساسة للجهود المبذولة من قبل القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لاحتواء هذه الأزمة وإنهاء مفاعيل الحرب".

وبحسب التميمي فإن السلطنة تستخدم رصيدا كبيرا من الثقة بها من قبل مختلف الأطراف، وهذا لاشك فيه، وبالأخص مليشيات الحوثي.

لكن السلطنة، وفقا للسياسي اليمني، لا تتحرك في هذه الأثناء ضمن مبادرة قررت أن تقوم بها بالأصالة عن نفسها، ولكنها تنقل رسائل بالغة الأهمية من واشنطن إلى الحوثيين، خصوصا بعد التشديد في اللهجة الدبلوماسية من الجانب الأمريكي تجاه الحوثيين.

ومضى قائلا: "وهذا ما يشير إليه طبيعة الوفد الذي اعتاد أن يزور صنعاء للقيام بمهام محددة معظمها كان له علاقة بالإفراج عن أسرى لدى مليشيات الحوثي معظمهم أمريكيون".

ويؤكد الكاتب التميمي أن تحرك وفد عماني إلى صنعاء يهدف إلى الالتقاء بالمستويات المخولة بالقرار في الهرم التنظيمي لجماعة الحوثي.

وأردف قائلا: "وقد تزامن وجود وزير الخارجية الدكتور أحمد بن مبارك في مسقط مع وجود وفد من الديوان السلطاني في صنعاء"..

ما يعني، بحسب التميمي أن الوفد العماني ربما يسَّرَ، إذا جاز التعبير، مفاوضات بين الشرعية والحوثيين، مبنية على الموقف الأمريكي وعلى السقف الذي حددته واشنطن والذي لا يتجاوز نهاية الشهر الجاري للوصول إلى نتائج واضحة بشأن وقف إطلاق النار في اليمن.

واستطرد: "ولهذا فإن النتائج التي ستسفر عنها جهود الوفد العماني، لن تؤثر على دور عمان كوسيط محايد في ما تبقى من فصول الصراع في اليمن".

وقال: "وفي أحسن الأحوال يمكن للحوثيين أن يتعاملوا هذه المرة بحذر مع التشدد الأمريكي ويقدموا بعض التنازلات التكتيكية التي تسمح لهم بالانحناء للعاصفة".

والأسبوع الماضي، قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها إن "الحوثيين يتحملون مسؤولية رفضهم الانخراط في وقف إطلاق النار واتخاذ خطوات لحل النزاع المستمر منذ ما يقرب من سبع سنوات ما تسبب في معاناة لا يمكن تصورها للشعب اليمني".

وأضافت: "الحوثيون يواصلون هجومهم المدمر على مأرب وهو الأمر الذي يدينه المجتمع الدولي ويترك الحوثيين في عزلة متزايدة".

التعليقات (0)