صحافة دولية

وزير بريطاني سابق يكشف خيوط نفوذ "إسرائيل" في لندن

مستوى نفوذ الاحتلال يرقى إلى "التجسس الراسخ" ويعني أن "مصلحتنا الوطنية يتم الاستيلاء عليها"- جيتي
مستوى نفوذ الاحتلال يرقى إلى "التجسس الراسخ" ويعني أن "مصلحتنا الوطنية يتم الاستيلاء عليها"- جيتي

نشر موقع "ديلي مافريك" تقريرا حول فحوى مذكرات للوزير السابق في الخارجية البريطانية، آلان دنكن، التي برز فيها حديثه عن سطوة الاحتلال الإسرائيلي، وأذرعه في لندن، على دبلوماسية المملكة المتحدة.

 

واعتبر التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن مذكرات دنكن توفر "إطلالة غير مسبوقة على تأثير الحكومة الإسرائيلية وجماعات الضغط الموالية لإسرائيل على وزارة الخارجية البريطانية".


وقال دنكن في مذكراته إن من وصفهم بـ"أصدقاء إسرائيل المحافظين" نجحوا في منع رئيس الوزراء، بوريس جونسون، من تعيينه وزيرا للشرق الأوسط في الخارجية.

وكتب دنكن أن تلك المعارضة لم تكن "لسبب آخر سوى أنني أؤمن بحقوق الفلسطينيين".

 

وأشار في السياق ذاته إلى أن الضغوط أثارت سخط جونسون، الذي صرخ قائلا: "لا ينبغي أن يتصرفوا على هذا النحو".

واعتبر الوزير أن مستوى نفوذ الاحتلال يرقى إلى "التجسس الراسخ" ويعني أن "مصلحتنا الوطنية يتم الاستيلاء عليها".

 

وشغل دنكن منصب وزير الدولة لشؤون أوروبا والأمريكتين في الخارجية البريطانية من 2016 إلى 2019، ويكشف في مذكراته، التي نشرها حديثا تحت عنوان "In The Thick Of It"، الكثير عن خفايا صنع القرار التي عجزت الصحافة عن رصدها.

وفي بداية عام 2017، تواصلت قناة "الجزيرة" القطرية مع دنكن لإبلاغه بتحقيقها في تأثير الاحتلال الإسرائيلي على السياسة البريطانية، والذي تضمن معلومات تتعلق به شخصيا.

وكتب دنكن في مذكراته أن الجزيرة "لديها لقطات لدبلوماسيين من السفارة الإسرائيلية في لندن يتعاونون مع نواب من كل من حزبي العمال والمحافظين".

 

وقال إن ذلك يشمل شاي ماسوت، وهو دبلوماسي من السفارة الإسرائيلية "دعاهم إلى تدمير" نائب وزير الخارجية "(أي أنا)، حتى لا يصبح وزيرا للخارجية أبدا".

وأضاف دنكن: "يقولون إنه إذا تم إقالة [وزير الخارجية آنذاك] بوريس [جونسون]، فسوف أتولى زمام الأمور ولذا يجب إيقاف هاتين اللحظتين".

وبعد أيام، ذهب دنكن إلى وزارة الخارجية لإحاطة سايمون ماكدونالد، الذي كان يدير الوزارة آنذاك، بما تم الكشف عنه.

وأوضح دنكن أنه قال لماكدونالد: "ألم أخبرك؟ يعتقد كل من CFI والإسرائيليين أنهم يسيطرون على وزارة الخارجية. وهم يفعلون!".

وCFI هي مجموعة أصدقاء محافظين للاحتلال الإسرائيلي، وهي مجموعة ضغط قوية في أروقة صنع القرار في لندن، لا تكشف عن مموليها ولكنها تزعم أن 80 بالمئة من البرلمانيين المحافظين هم أعضاء فيها، وفق تقرير "ديلي مافريك".

 

اقرأ أيضا: آخرها جامعة أوكسفورد.. معاداة السامية تلاحق جامعات بريطانيا

وفي نفس اليوم، تحدث دنكن عبر الهاتف إلى مارك ريجيف، سفير الاحتلال لدى بريطانيا آنذاك، حيث اعتبر الأخير أن "ماسوت" مجرد موظف محلي، وليست له صفة دبلوماسية.

 

لكن دنكن كتب في مذكراته أن ذلك الشخص هو فعليا سكرتير أول أو سكرتير ثان في السفارة، وعضو في استخبارات الاحتلال العسكرية.


وأعرب دنكن عن انزعاج شديد إزاء محاولة تتفيه الحقائق من قبل السفير، وأشار في مذكراته إلى أنه أخبر جونسون بما جرى، ما أثار سخط الأخير أيضا.

 

واعترف دنكن بأنه حجب بعض المعلومات عن جونسون: "تقول أشرطة الجزيرة بشكل أساسي إنني أدير [وزارة الخارجية]، جونسون أحمق، وأتخذ القرارات الجادة، وإذا حدث أي شيء لبوريس، سأصبح وزيرا للخارجية وهكذا يجب أن أُدمر. إنها قراءة ضعيفة للحقائق.. ولا تعطي فكرة مفيدة عن عقلية إسرائيل".

وكشف فيلم الجزيرة الوثائقي عن مدى تأثير الاحتلال الإسرائيلي على حزب العمال المعارض.

ففي محادثة تم تصويرها خارج حانة في لندن، كشف مايكل روبين، المسؤول البرلماني عن الأصدقاء العماليين لإسرائيل (LFI)، الذي يضم العشرات من نواب الحزب كأعضاء أو مؤيدين، عن الروابط الوثيقة بين المجموعة وسفارة الاحتلال في لندن.

وقال روبين إنه وشاي ماسوت "يعملان معا بشكل وثيق.. لكن الكثير من العمل يجري وراء الكواليس".

 

وأضاف أن "السفارة [الإسرائيلية] تساعدنا كثيرا. عندما تظهر روايات سيئة عن إسرائيل، ترسل لنا السفارة معلومات حتى نتمكن من مواجهتها".

 

وإدراكا منه لحقيقة تلك المعلومات، تحدث دنكن مع إميلي ثورنبيري، وزيرة خارجية الظل آنذاك، لمعرفة ما إذا كان حزب العمال يعتزم طرح سؤال عاجل في البرلمان بشأن هذه المسألة.

وقال دنكن: "لن يفعلوا ذلك لأنه يخاطر بإثارة المزيد من الاتهامات بمعاداة السامية ضدهم"، مشيرا إلى "أزمة معاداة السامية" المستمرة منذ فترة طويلة والتي هزت حزب العمال بقيادة جيريمي كوربين.

وبالعودة إلى الحديث عن الأصدقاء المحافظين للاحتلال الإسرائيلي، كتب دنكن: "في حين أنهم يتظاهرون بأنهم يؤمنون بدولتين متوازيتين، فمن الواضح أنهم لا يؤمنون بذلك، ولذلك شرعوا في تدمير جميع المدافعين الحقيقيين عن فلسطين".

وتابع: "إنهم يريدون فقط التقليل من شأن الفلسطينيين وإخضاعهم".

 

ورغم تقدمه باقتراح وسط، يفيد بأن يتولى وزارة الشرق الأوسط في الخارجية، بدون ملف القضية الفلسطينية، ورضى جونسون عن الفكرة، لكن الأذرع التجسسية للاحتلال في مقر رئاسة الحكومة التي سربت الأمر تسببت بإجهاضه، بضغط شارك فيه نواب عماليون أيضا.


وقال دنكن: "على أي مستوى، من المروع أن تخضع تعيينات [رئيس الوزراء] لمثل هذا الضغط. مصلحتنا الوطنية يتم الاستيلاء عليها.. في أي دولة أخرى، سيُنظر إلى سلوك إريك بيكلز وستيوارت بولاك على أنه تجسس راسخ يجب أن يدفع إلى التحقيق في سلوكهما".

 

ويلقي دنكن الضوء أيضا على فضيحة أخرى تورطت فيها حكومة الاحتلال الإسرائيلي وCFI التي اندلعت في عام 2017. وظهر أن بريتي باتيل، وزيرة التنمية الدولية آنذاك، عقدت عددا من الاجتماعات "خارج الرادار" مع مسؤولين إسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال "عطلة عائلية" في البلاد.

ويلاحظ دنكن أن باتيل أمضت أسبوعا في إسرائيل "في برنامج وضعه بولاك، دون إخبار [وزارة الخارجية] أو حتى إدارتها الخاصة، وحضر اجتماعات على أعلى مستوى، برفقة ضابط الضغط الرئيسي المؤيد لإسرائيل للمانحين في المملكة المتحدة"، في إشارة إلى بولاك.

 

اقرأ أيضا: استنكار لتعيين ضابط مخابرات "إسرائيلي" بـ"العمال البريطاني"

وخلص إلى أن "هذا دليل آخر على التأثير الضار لبولاك وCFI، وهو أمر يرقى إلى التأثير الخارجي المتأصل في قلب سياستنا".

واستقالت باتيل في نهاية المطاف لكن دنكن أشار إلى أنه لا يوجد في "الرسائل المتبادلة حتى ذكر إسرائيل والخطأ العميق لأفعالها.. وتظل اللجنة الانتخابية المستقلة في مكانها، دون اعتراض وتم ذكرها بشكل غير مباشر فقط".

وخلص دنكن إلى القول: "إن حزب المحافظين ورئيس الوزراء ما زالا في حالة إنكار تام، ومرة أخرى يغطيهما تحت البساط. تفوح منها رائحة كريهة، تنفث، تتقيح، تتعفن - كلها متعفنة حتى النخاع. قواعد اللياقة وجميع الأخلاق والمبادئ التي تتماشى معها، يتم تجاهلها وإعادة كتابتها لاستيعاب هذا التسلل الاستثنائي المؤيد لإسرائيل في قلب حياتنا العامة".

ويعتقد دنكن أيضا أن سياسات الحكومة البريطانية الأخرى كانت خاضعة لأذرع الاحتلال، بما في ذلك قرار حظر الذراع السياسية لحزب الله اللبناني، عام 2019.


وأضاف: "من المفترض أن نكون بريطانيا العظمى، لكنني أخشى أننا مستعدون جدا للسماح للآخرين بالسيطرة على خيوطنا".

 

ولا يتوقف الأمر في الملفات السياسية والدبلوماسية، ويتعداها إلى الجوانب العسكرية، رغم الرفض الشعبي الهائل لممارسات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.

 

وكشفت معلومات رفعت عنها السرية مؤخرا أن ثلث وزراء حكومة بوريس جونسون قد تم تمويلهم من قبل إسرائيل أو CFI.

وفي الأسبوع الماضي، سافر وزير الخارجية دومينيك راب إلى "إسرائيل" للقاء بنيامين نتنياهو.

 

وشكر نتنياهو جونسون على "دعمه القوي الذي لا يتزعزع" في قصف غزة الأخير، ورد راب قائلاً: "يمكنك دائمًا الاعتماد علينا".

ووصف راب نفسه بأنه "صديق" و"داعم كبير" لدولة الاحتلال.

التعليقات (1)
من سدني
الأحد، 06-06-2021 05:14 ص
قبل ان يحتل الصهاينه ارض فلسطين ب وعد بلفور فان الصهاينه قد احتلوا بريطانيا من قبل بعقود واذا كان الصهاينه احتلوا فلسطين بغفلة من بعض الحكام وخيانة البعض الاخر فان الصهاينه احتلوا الفكر والعقول البريطانيه وسيطروا على حكامها وجعلوهم الى بغال وببغاوات لهم من زمن بعيد اما بالنسبة لبعض حكام وسياسي العرب فمنذ حين مايسمى بالاستقلال وزوال الاحتلال الفرنسي والبريطاني وباقي المستعمرين لم نرى فيهم الا الخنوع والركوع وتنفيذ رغبات الغرب والذي بدوره. خاضع للصهاينه ومؤسساتها واننا كشعوب عربيه واسلاميه نبقى في وضع افضل وارقى من الحكومات والشعوب الغربيه التي اصبحت دمى بيد الصهيونيه العالميه ويبدو انه يجب على الشعوب الغربيه ان تقوم بانتفاضة ضدد اذرع وعملاء الصهاينه وان يطالبوا بالتحرر من هذه العبوديه وسيطرتها على جميع شؤونهم. وليتعلموا من الشعوب الحره وخاصة الشعب الفلسطيني كيف يناضلوا ضدد الاحتلال وخاصة احتلال العقل والفكر حيث انه أبشع واسوء واخطر من احتلال الارض