هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شن مسؤولون أوروبيون سابقون هجوما ضد
نقاد المحكمة الجنائية الدولية. وقال في رسالة مفتوحة إلى صحيفة
"الغارديان" إن النقد غير المبرر للمحكمة يعرقل عملها. وخص الموقعون
النقد المتعلق بقرار المحكمة القيام بالتحقيق بجرائم حرب مزعومة في الأراضي
الفلسطينية المحتلة.
وفي تقرير أعده بيتر بيومنت قال فيه إن
أكثر من 50 وزير خارجية سابق ورؤساء وزراء سابقين ومسؤولين دوليين بمن فيهم وزيرين
سابقين من الحزب المحافظ البريطاني وقعوا على الرسالة شجبوا فيها التدخل في جهود
المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق بمزاعم ارتكاب جرائم حرب في فلسطين.
وجاءت الرسالة بعد العقوبات التي
فرضتها إدارة دونالد ترامب على مسؤولي المحكمة والتي ألغتها إدارة جوزيف بايدن
وينظر إليها كتوبيخ لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وفي شهر آذار/ مارس قال
جونسون إن التحقيق الذي أعلنت عنه الجنائية الدولية "أعطى انطباعا بأنه غير
حيادي وهجوم متحيز على صديق وحليف لبريطانيا"، في إشارة منه لرئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إن تحقيق الجنائية لن يكون إلا "معاداة
للسامية واضحة".
وجاء في الرسالة أن "الهجمات
المتزايدة على الجنائية الدولية وفريق عملها ومنظمات المجتمع المدني" له
علاقة بتحركات إدارة ترامب ضد المحكمة التي أثرت على موجة نقد أوسع لها. و
"شاهدنا بقلق جدي الأمر التنفيذي الذي أصدره رئيس الولايات المتحدة السابق
دونالد ترامب والعقوبات المصممة ضد فريق المحكمة وأفراد عائلاتهم" و
"الأكثر إثارة للقلق هو النقد العام الغير المبرر للمحكمة وفيما يتعلق
بتحقيقاتها بمزاعم ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها الاتهامات
التي لا أساس لها بمعاداة السامية".
وجاء فيها: "من المعروف أن
المحاسبة على انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ارتكبتها كل الأطراف في النزاع ضرورية
من أجل التوصل إلى سلام دائم، وهذا هو الحال في إسرائيل وفلسطين، وكذا في السودان
وليبيا وأفغانستان ومالي وبنغلاديش وميانمار وكولومبيا وأوكرانيا".
وأضافوا أن "محاولات نزع
المصداقية عن المحكمة وعرقلة عملها لن يتم التسامح معه لو كنا جادين في الدعوة والالتزام
بالعدالة العالمية".
في وقت رفض فيه الموقعون اتهامات
جونسون التي وردت في رسالة له إلى أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين. وقال الموقعون
على الرسالة "نتفهم المخاوف من التحقيقات والشكاوى المدفوعة سياسيا. ولكننا
مع ذلك نعتقد بقوة أن ميثاق روما يضمن أعلى معايير العدالة ويقدم منفذا حيويا
لمعالجة الحصانة من العقاب في أكثر الجرائم خطورة في العالم. والفشل بالتحرك ستكون
له تداعيات خطيرة".
وعارضت دول أوروبية أخرى تحقيق الجنائية الدولية، بما
فيها ألمانيا التي قال وزير خارجيتها هايكو ماس إن "المحكمة لا صلاحية لها نظرا
لغياب عنصر الدولة المطلوب في فلسطين من القانون الدولي".
وجاء الموقعون على الرسالة من مختلف
الأطياف السياسية الأوروبية بمن فيهم الوزيرة السابقة في حكومة المحافظين سيدة
وارسي وكريس باتن والوزير العمالي السابق لشؤون التنمية الدولية دوغلاس ألكسندر،
وسير مينزي كامبل، الزعيم السابق لحزب الليبراليين الأحرار، وبن برادشو، الوزير
العمالي السابق في وزارة الخارجية.
ومن الموقعين الدوليين على الرسالة
رئيس الوزراء الفرنسي السابق جان مارك إيرو والنرويجي هارليم برونتلاند والأيرلندي
جون بروتون والسويدي إنغار كارلسون والإيطالي ماسيمو داليما. ووقع عليه أيضا الأمين
العام السابق لحلف الناتو خافيير سولانا وهانس بليكس، المدير السابق للوكالة
الدولية للطاقة الذرية.
ودافع كل من وزير الخارجية الدانماركي
السابق وموغينز ليكتفت، رئيس الجمعية العامة السابق في الأمم المتحدة عن تحقيق
الوكالة في جرائم الحرب المزعومة في فلسطين، في تصريحات للغارديان "يقوم
النظام العالمي الذي تديره القوانين على فكرة أن أي انتهاك للقانون الدولي يجب أن
يواجه بتداعيات" و "محكمة جرائم الحرب هي أداة مهمة في هذا المجال، ومن
الواجب علينا حماية استقلاليتها وتقوية قدرتها على العمل. وبخلاف هذا فتحدي
استقلالية المحكمة هو تحد لحماية النظام الدولي المحكوم بالقوانين".
و"يمكن اعتبار التحقيق الحالي
للجنائية الدولية مكون رئيسي مهم ويجب على المجتمع الدولي عمل ما يستطيع لحماية
استقلالية المحكمة وهي تقوم بعملها".
وفي الوقت الذي لا تشير الرسالة إلى
جونسون بالاسم إلا أن تدخله يؤكد القلق حول محاولات منع الجنائية القيام بالتحقيق
الذي أعلنت عنه بداية العام الحالي. ووصفت البعثة الفلسطينية في بريطانيا رسالة
جونسون بأنها "تناقض بشكل مؤسف" القانون الدولي والمواقف البريطانية
السابقة.
و"تعلم مرحلة متدنية في العلاقات
البريطانية- الفلسطينية وتقوض مصداقية بريطانيا على المسرح الدولي" و
"من الواضح أن بريطانيا ترى أن إسرائيل فوق القانون ولا تفسير آخر لتصريح
يعطي إسرائيل صكا مفتوحا".
وأشارت الرسالة في بدايتها إلى الدعم من القادة
الأوروبيين للمحكمة الجنائية الدولية والتفويض المتميز لها من أجل تحقيق العدالة
ومتابعة جرائم الحرب وضد الإنسانية والإبادة. ورأت الرسالة أن الدعم المتناسق من
أوروبا يعبر عن التزام جاد في محاولة منع الانتهاكات ودعم النظام الدولي الذي
يحكمه القانون.
وأشار الموقعون إلى أن أوروبا انتفعت
من المواقف التعددية التي تجذرت في القانون الدولي والمؤسسات التي تدافع عنه. وفي
عالم باتت فيه المواقف التعددية والتشاركية تتعرض فيه للتحدي، بما في ذلك أوروبا
فقد بات محتوما الدفاع عن شرعية والتفويض الممنوح للجنائية الدولية. وأكد الموقعون
على أهمية حماية المحكمة وموظفيها وأفراد عائلاتهم من أي تهديد يعطل عملهم، وهذا
يشمل تجنب نقد قرارات المحكمة التي قد يؤدي إلى تقويض استقلاليتها والثقة العامة
بسلطتها. ورحب الموقعون بقرار الرئيس بايدن إلغاء الأمر التنفيذي ورفع العقوبات
التي فرضها ترامب على موظفي المحكمة.