كتاب عربي 21

هل سيمر قانون تجريم التطبيع أخيرا؟

طارق الكحلاوي
1300x600
1300x600
لم يتم عرض أي قانون للتطبيع على التصويت في البرلمان التونسي، لكن ما حصل هو تعطيل مسار مناقشته في اللجان. والامتحان القادم هو التالي: هل سيتم منح قانون تجريم التطبيع إمكانية تجاوز اللجان الى الجلسة العامة؟ إذ يبدو أن المناورات ستتركز هناك تحديدا. 

استمعت الأسبوع الماضي إلى نائب رئيس حركة النهضة عبد اللطيف المكي يبدي استعدادا لمناقشة قانون لتجريم التطبيع: "المهم نبتعد عن المزايدة". لا أدري إن كان ذلك موقفا رسميا جديدا أم لا، خاصة أن بعض نواب النهضة أمضوا اليوم مع نواب بقية الكتل على عريضة للتعجيل في النظر في مشروع القانون الذي تقدمت به الكتلة الديمقراطية في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

تبقى لدي ملاحظة على كلام عبد اللطيف المكي الذي قال بشكل جازم: "لا توجد أي دولة عربية لديها قانون لتجريم التطبيع"، وهذا كلام خاطئ.

أستعرض فيما يلي بعض الأمثلة:

أولا، القانون اللبناني (قانونُ مقاطعة إسرائيل) الذي صدر سنة 1955 ولا يزال ساري المفعول. وينص مثلا على: "يحظَّر على كلّ شخصٍ، طبيعيٍّ أو معنويّ، أن يَعْقد، بالذات أو بالواسطة، اتفاقاً مع هيئاتٍ أو أشخاصٍ، مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيّتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوعُ الاتفاق صفقاتٍ تجاريّةً أو عمليّاتٍ ماليّةً أو أيَّ تعاملٍ آخرَ مهما كانت طبيعتُه...".

ثانيا، تبنى البرلمان السوري سنة 1963 صيغة القانون الصادرة عن الجامعة العربية، وما زالت قوانين مناهضة التطبيع سارية بهذا الشأن حتى الوقت الحالي. وترتكز هذه القوانين بشكل أساسي على العلاقات التجارية، التي كانت هي الشكل الأساسي للمشاركة المدنية غير الحكومية عبر الحدود.

ثالثا، المثال العراقي الذي تعود فيه أول مادة قانونية مخصصة على تجريم التطبيع إلى سنة 1969. إذ تنص المادة 201 على أنه "يعاقَب بالإعدام كل من حبّذ أو روج مبادئ صهيونية بما في ذلك الماسونية، أو انتسب إلى أي من مؤسساتها أو ساعدها مادياً أو أدبياً أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها".

ومن المفهوم من جانب المحامين والقضاة في العراق اليوم أن هذا يعني فرض قيود شاملة على أي شكل من أشكال الاتصال مع الإسرائيليين. وفي عام 2003، علّق أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 7، القسم 3 (1)، قانون العقوبات الصادر عام 1969، ثم أعيد العمل بالقانون وعُدّل في 14 آذار/ مارس 2010، مع تعديل العقوبة القصوى للمادة 201 من الإعدام إلى السجن المؤبد.

رابعا، أعلنت قطر حظر التعامل مع الكيان الإسرائيلي اقتصادياً، بقانون رقم (13) لسنة 1963 بتنظيم مكتب مقاطعة "إسرائيل"، حيث "يُحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بذاته أو بالواسطة اتفاقاً تجارياً، أو ذا طبيعة مالية مع هيئات، أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إلى جنسيتها، أو يعملون لمصلحتها أو لحسابها أينما أقاموا".

خامسا، قانون مقاطعة الكيان الإسرائيلي الذي أصدرته الجمهورية السودانية عام 1958، والذي يحظر التعاملات مع الإسرائيليين أو المقيمين في "إسرائيل"، وكذلك يحظر أي علاقة تجارية أو اقتصادية مع الشركات الإسرائيلية أو مع أي جهة لها مصلحة في الكيان. وألغى مجلس الحكم العسكري منذ فترة قليلة القانون في سياق إعلان التطبيع مع إسرائيل.

سادسا، تتم مناقشات الآن في كل من البرلمان الجزائري والبرلمان الكويتي لتبني قانون لتجريم التطبيع.

ما يهمنا الآن هو ما سيحصل في السياق التونسي. حدسي بناء على بعض المعطيات الأولية أن التوجه الذي سيناور بالقانون الذي اقترحته "الكتلة الديمقراطية" (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) سيبدأ أساسا بالضغط من أجل انتظار "استشارة من رئاسة الجمهورية"، وستعول أساسا على عدم تحمس الرئيس لمصطلح "التطبيع". ثم ستعول على عدم ختمه بعد تمريره. سيكون اختبارا قويا للرئاسة، ومن الواضح أن فخ عدم تمريره سيعود بالوبال على صورة الرئيس الذي تمسك دائما بالتأكيد على مبدأ تخوين أي "انكار للحق الفلسطيني". 

twitter.com/t_kahlaoui
التعليقات (0)