هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على إثر اغتيال الناشط المدني إيهاب الوزني في كربلاء، الأحد، أعلنت 22 حركة سياسية قريبة من "حراك تشرين"، الانسحاب من الانتخابات البرلمانية المبكرة، وذلك احتجاجا على تصاعد الاغتيالات وعدم توفر البيئة الملائمة لإجراء الانتخابات.
انسحاب القوى القريبة من "حراك تشرين" أثار تساؤلات عن مدى شرعية الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها بعد خمسة أشهر، كونها جاءت استجابة لأحد المطالب التي نادى بها المتظاهرون في احتجاجات اندلعت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019.
"شرعية تشرين"
من جهته، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" العراقي الدكتور إحسان الشمري لـ"عربي21" إن "الانتخابات المبكرة جاءت نتيجة حركة تشرين كثورة مجتمعية تجاه الأخطاء التي ارتكبتها العملية السياسية بحق الدولة والمؤسسات والنظام الديمقراطي، لذلك انتظام جزء من تشرين في عمل سياسي كان جزءا من عملية التصحيح".
ورجح الشمري أن الانسحاب "لن يعطي شرعية تشرين للانتخابات ونتائجها، لذلك لن يكون هناك تمثيل لتوجهات تشرين، وعليه فإن القوى المستقلة ستكون ضعيفة جدا ولا يمكنها التحالف مع القوى التقليدية، وهذا يعيد نفس المعادلة التي كانت سببا أساسيا لما وصل إليه العراق".
وتابع: "إذا استمرت هذه المعادلة لصالح القوى التقليدية، فإن ذلك سيفتح الباب مرة أخرى للتظاهرات ويمكن أن تدفع باتجاه عصيان مدني، خصوصا أن القوى المقاطعة بدأت تتحدث الآن عن إسقاط النظام وليس انتخابات مبكرة، لأنها تعتقد أن الانتخابات ستكون مزورة، ولن تنتج ما يمكن أن يدفع باتجاه إصلاح النظام السياسي".
وحول دعوات الناشطين للمجتمع الدولي لعدم الاعتراف بالانتخابات، قال الشمري إن "الأمم المتحدة كانت متواجدة ودافعة لحركة تشرين الاحتجاجية، لذلك فإنها وفق المهام الموكلة إليها كتفويض من مجلس الأمن، ستأخذ بالاعتبار هذه الدعوات".
اقرأ أيضا : خطوة مفاجئة.. لماذا انسحب "حزب الكاظمي" من الانتخابات؟
ولفت إلى أن "الحكومة العراقية اتفقت مع الأمم المتحدة حول موضوع مراقبة الانتخابات، لكن قضية الإشراف عليها رفضت من القوى التقليدية، وهذا قد لا يتحقق كمطلب بالنسبة لأحزاب تشرين، لكن مع ذلك فإن الأمم المتحدة ستأخذ بالاعتبار دعوات المقاطعة، وقد يراقب المجتمع الدولي إذا ما قاطعت هذه القوى، وبالتالي قد تفقد الانتخابات جزءا من شرعيتها الدولية".
ورقة ضغط
وفي المقابل، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي نجم المشهداني في حديث لـ"عربي21" أن "الانسحاب سيكون له أثر إعلامي، دون ضغط حقيقي على أرض الواقع ما لم يُتخذ القرار الدولي بإفشال الانتخابات، وهو ما لا يبدو إلى يومنا هذا".
وأوضح المشهداني أن "تشرين وثورتها تحولت منذ مدة إلى ورقة ضغط، وهي أقرب إلى النار التي يحركها الكثير ولكن وقودها أبناء البلد، وأن موازين القوى غير متكافئة كما نرى، ولا تأثير كبير مع هزالة الدور الذي يقوم به الكاظمي تجاه الملفات المختلفة".
ولفت إلى أن "الأحداث الأخيرة أوجدت حالة ترقب لما ستؤول إليه، ومدى تأثيرها على مستقبل الانتخابات، ولكن إجراء الانتخابات خيار دولي ولا تراجع فيه، وإعادة ترتيب المشهد العراقي ضرورة".
وبرأي المشهداني فإن "واحدة من عوامل إعلان هذه القوى الانسحابات هو الإدراك المبكر بعدم القدرة على تحقيق نتيجة مؤثرة، ففي نهاية المطاف القوى الكبرى ما تزال تمسك بزمام المشهد، وربما ستكون عودة الوجوه القديمة وسيلة لتغيير قادم أكبر في الدورة التالية".
الدور الحكومي
وبخصوص دور الحكومة لمعالجة الأزمة، قال الشمري إن "الحكومة هي انتقالية وجاءت للعمل على تنظيم الانتخابات، ولا يحق لها التدخل في قرارات سياسية، لكن من باب الحوار الوطني الذي دعت إليه سابقا من الممكن أن تتحاور سريعا مع هذه القوى السياسية، وبالتالي قد تجد الحكومة أنها ليس من مسؤوليتها أن يشترك الجميع في الانتخابات. لكن هي يقع على عاتقها توفير المناخات المناسبة والدعم اللوجستي".
وأعرب الشمري عن اعتقاده بأن "الكاظمي يسعى إلى مزيد من الاستقرار وسيذهب إلى عقد تفاهمات من خلال الحوار الوطني- إذا ما تحقق- لكن فيما يبدو أن هذه القوى ليست لديها مشكلة مع الكاظمي، ولكن مشكلتها مع القوى التقليدية وأجنحتها المسلحة التي تتهمها القوى التشرينية بأنها هي المسؤولة عما يجري".
وفي السياق ذاته، أعلنت مفوضية الانتخابات، أن الأحزاب والتحالفات والمرشحين في الانتخابات البرلمانية، لا يجوز لهم الانسحاب، حسب قانون المفوضية، مشيرة إلى أن الانسحاب أو تعديل القائمة يكون بطلب من المفوضية وليس بطلب من الأحزاب.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة غلاي في تصريح صحفي، الاثنين، إن "طلبات الانسحاب تقابل بالرفض سواء من حزب أو مرشح لحين الانتهاء من الانتخابات وتشكيل الحكومة".
وأشارت إلى أن "إجراءات التحالف والأحزاب السياسية تنص على أنه لا يحق للحزب السياسي الدخول والخروج من التحالف بعد انتهاء فترة التحالفات الانتخابية لحين تشكيل الحكومة ولرئيس التحالف حصرا سحب أي حزب من التحالف لحين فترة انتهاء التحالفات، وفترة التحالفات انتهت الآن، أي لا يجوز الانسحاب".
وتضمنت قائمة القوى المنسحبة حتى وقت كتابة التقرير كلا من: "البيت الوطني، الاتحاد العراقي للعمل والحقوق، حزب الأمة العراقية، حزب الشعب، الحزب الشيوعي العراقي، الجبهة المدنية العراقية، تيار بناة العراق، حركة أحرار العراق، حراك البيت العراقي، التيار الاجتماعي الديمقراطي".
وشملت القائمة أيضا: "تنسيقية بغداد/ مستمرون، تجمع السلام والتقدم، تجمع القبة البيضاء، الملتقى الوطني للمساءلة والعدالة، حزب المصير الوطني، تحالف الحركات المدنية للثورة، تنسيقية رسالة معتصم، حراك موطني حق، مجلس تشرين المركزي، الحزب العراقي الليبرالي، الحراك المدني المستقل، حزب المواطنة".