هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا كشفت فيه عزم تركيا على منح الأولوية للعمل على برنامجها الخاص المتعلق بتصنيع مركبة قتالية من طراز "تي إف إكس" مماثلة لمقاتلة الجيل الخامس، على خلفية استبعادها من برنامج الإنتاج المشترك للمقاتلة "إف 35".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الولايات المتحدة قررت إخراج تركيا من البرنامج المشترك لصناعة طائرات "إف 35"، بعد إصرار أنقرة على شراء منظومة "إس 400" الروسية للدفاع الجوي.
وأضافت الصحيفة أن الشركة التركية لصناعات الفضاء تعمل على مشروع "تي إف إكس"، وستُجري المقاتلة أول رحلة لها بين سنتي 2025 و2026. من جانبه، صرح الرئيس والمدير التنفيذي للشركة التركية لصناعات الفضاء، تيميل كوتيل، خلال لقاء تلفزيوني بتاريخ 27 نيسان/أبريل أن الحكومة التركية خصصت حوالي 1.3 مليار دولار إضافية لإتمام المرحلة الأولى من برنامج "تي إف إكس" كما يعمل حوالي ستة آلاف مهندس على هذا البرنامج.
وأضاف كوتيل أن الشركة ستقوم قريبًا ببناء أول مستودع طائرات "تي إف إكس"، مشيرا إلى امتلاك تركيا نفق رياح لاختبار الطائرة، يصنف في المرتبة الثانية في أوروبا من حيث مجموع خصائصه. بالإضافة إلى ذلك، وقع عرض الحجم الطبيعي لمقاتلة الجيل الخامس من طراز "تي إف إكس" في معرض باريس الجوي في حزيران/يونيو سنة 2019. إلى جانب ذلك، وقع تحديد خصائص المركبة القتالية المستقبلية. وبناء عليه، أخذت تركيا في البحث عن موردي مكونات ومعدات هذه الطائرة.
أكد ممثلو الشركة التركية لصناعات الفضاء خلال معرض باريس الجوي، أن مكونات مقاتلة "تي إف إكس" ستكون محلية الصنع بنسبة 65 بالمئة، وهو ما طالب به الجيش التركي. بناء على ذلك، بدأت شركة روكيستان لصناعة الصواريخ والتجارة في تطوير أسلحة خاصة بالمقاتلة، بينما ستتكفل شركة صناعة الإلكترونيات العسكرية التركية بتصنيع الأجهزة الإلكترونية التي ستُثبّت داخل الطائرة. في المقابل، لم يقع الكشف عن اسم الشركة التي ستتكفل بصنع محرك المقاتلة.
وذكرت الصحيفة أن عرض "تي إف إكس" خلال معرض باريس الجوي أظهر بشكل مقنع القدرات المتنامية لصناعة الدفاع التركية. وأثناء المعرض، قال كوتيل: في برنامج الإنتاج المشترك للمقاتلة "إف 35"، تقوم الشركة التركية لصناعات الفضاء ببناء الجسم المركزي للمقاتلة، وهو ما يعني أن الشركة التركية لصناعات الفضاء تمتلك القدرات الكافية لإنشاء مقاتلة "تي إف إكس".
وأظهر الإعلان الذي أصدرته الشركة التركية لصناعات الفضاء، والذي استعرضت من خلاله قدرات "تي إف إكس" والسرعة القصوى لهذه الطائرة، فضلا عن الوزن الأقصى للإقلاع الذي يبلغ 60 ألف رطل والقطر القتالي الذي يصل مداه إلى 600 ميل بحري. ويشبه جسم المقاتلة إلى حد كبير مقاتلة "إف 35"، إذ تتميز بشكلها الضيق مقارنة "بإف 35"، التي سيقع تعديلها ضمن إطار برنامج جوينت سترايك فايتر، وسيقع تشغيلها بمحركين بقوة دفع تبلغ 20 ألف رطل.
وأوردت الصحيفة أنه من وجهة نظر صناعية، يجعل وجود تعاون وثيق ومتعدد الجوانب بين المشاركين العالميين من الناحية النظرية إنتاج مقاتلات "إف 35" أقل عرضة للاضطراب، مما يسهل على الرئيس التنفيذي لشركة لوكهيد مارتن توزيع المكونات من أجل التركيب النهائي للمقاتلة في جميع أنحاء العالم.
في الوقت نفسه، يعود البرنامج المشترك لصناعة المقاتلة "إف 35"، بمزايا اقتصادية كبيرة على الولايات المتحدة نفسها، في ظل ضمان المشاركة الدولية للعمل على إنتاج هذا النوع من الطائرات، من خلال تحقيق نسبة عالية من المبيعات المستقبلية، الأمر الذي يخدم مصالح شركات صناعة الدفاع ووزارة الدفاع الأمريكية. من جهته، أشار الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، إلى العيوب التي يتضمنها نموذج مقاتلات "إف 35"، معلنا أن توطّد علاقات واشنطن مع أي من الدول المصنعة لمكونات هذا النوع من الطائرات، يترتب عنه تعطيل إصدار المقاتلة في وقت لاحق.
والجدير بالذكر أن تسع دول، وهي أستراليا وكندا والدنمارك وإيطاليا وهولندا والنرويج وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، شاركت في البداية في برنامج إنتاج مقاتلات "إف 35". في المقابل، استبعدت الولايات المتحدة تركيا من البلدان المشاركة في برنامج التصنيع بعد حصولها على منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس 400".
وبينت الصحيفة أن تنفيذ مشروع "تي إف إكس" بالشروط التي أعلن عنها الجانب التركي، أمر غير واقعي في الوقت الراهن، علما وأن إنتاج مقاتلة من الجيل الخامس يستغرق 15 أو 20 سنة في أحسن الأحوال. وفي الواقع، استغرق عمل الولايات المتحدة على تنفيذ برنامج جوينت سترايك فايتر المدة نفسها تقريبا، والأمر سيان بالنسبة لروسيا خلال تنفيذها لمشروع "سو 57".
في الحقيقة، تعتبر صعوبة تأمين جهة مصنعة للمحرك من العوائق التي تقف أمام تنفيذ تركيا لهذا المشروع. فبعد استبعادها من برنامج إنتاج مقاتلات "إف.35"، من المستبعد توفير الولايات المتحدة محركا لأنقرة. ومن الناحية النظرية، يمكن تجهيز المقاتلة التركية بمحرك من طراز داسو رافال الفرنسي أو بمحرك أوروبي، أو ببدائل روسية أو صينية.
مع ذلك، تُعتبر الصين بعيدة كل البعد عن مجال الإنتاج التجاري لمثل هذه المحركات، كونها لا تزال تعتمد على روسيا في تأمين محركات مقاتلاتها. أما بالنسبة للفرضية القائمة على الحصول على المحرك الروسي، فيُعدّ الأمر صعبا في الوقت الراهن في ظل تأزم العلاقات التركية الروسية. في المقابل، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت أوروبا ستؤمن تزويد تركيا بمحركاتها، علما وأن ذلك يجعلها عرضة للعقوبات الأمريكية.
ونوهت الصحيفة بأنه على الرغم من المشاكل التي تعترض تنفيذ مشروع "تي إف إكس"، إلا أن تركيا تُعتبر بلدا ديناميكيا يتمتع بإمكانيات عالية، سبق له تحقيق نجاحات في مجال إنتاج الطائرات دون طيار، وهو ما يضفي على تصريحات مسؤولي صناعات الفضاء التركية، بشأن جعل مقاتلة "تي إف إكس" أفضل مقاتلة في أوروبا، قدرا من المصداقية.