سياسة تركية

هل يتصاعد مناخ التوتر بين أنقرة وواشنطن بعد بيان بايدن؟

 أنقرة تدرس العديد من الخيارات للرد على بيان بايدن- جيتي
أنقرة تدرس العديد من الخيارات للرد على بيان بايدن- جيتي

أكد محللون أتراك، أن مناخ التوتر بين واشنطن وأنقرة سيتصاعد رغم تأكيد البلدين الشريكين في حلف شمال الأطلسي الحفاظ على مسار التحالف بينهما.

وقال الكاتب التركي، اتشيتين اتشيتينار، في مقال على صحيفة "خبر ترك"، إن السلطات في أنقرة كانت تتهيأ منذ ثلاثة أشهر بالفعل لإقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ"الإبادة الجماعية للأرمن".

 

وأوضح أن أنقرة لم تكن تنتظر تلك الرسالة المتوقعة وغير المرغوب بها، وخلال هذه الفترة، تم وضع خارطة طريق للعمليات في سوريا والعراق كجزء من مكافحة منظمة العمال الكردستاني والهياكل التابعة لها.

 

ولفت إلى أن السلطات التركية لا تزال تدرس تفاصيل العملية التي أطلقتها عام 2021، وستستمر حتى تموز/ يوليو 2021.

 

وأشار إلى أن بيان بايدن جاء في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الأمريكية التركية توترا متصاعدا، ولذلك جاء الإسناد الشعبي للحكومة التركية من المجتمع.

 

وتابع أنه على الرغم من أن بيان بايدن، الذي لا يستند إلى أطروحات قانونية وله دوافع سياسية بحتة، وهو رمزي إلى حد كبير، إلا أنه يسلط الضوء أيضا على نوع العلاقة التي ستقيمها الإدارة الأمريكية مع تركيا في المستقبل القريب.

 

ورأى أن بايدن سيصر على عدم تغيير موقفه، رغم حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيناقش معه في قمة الناتو في حزيران/ يونيو كافة التوترات بين البلدين.

 

ولفت إلى أن ما يهم تركيا، ألا يكون أمامها أي عائق من دون ضمانات الشراء خلال شراء الأسلحة والمعدات العسكرية، وإلا قد تحول مسارها لدول أخرى على صعيد الاتفاقيات العسكرية لا سيما مع الجارة روسيا.

 

اقرأ أيضا: محللون أتراك: بايدن لا يهمه الأرمن.. وهذه أهدافه في تركيا
 

خيارات تركيا للرد على بيان بايدن

 

وأشار إلى أن أنقرة تدرس العديد من الخيارات للرد على بيان بايدن، وقد يكون منها تجميد اتفاقية دفاعية مهمة مع واشنطن، مستدركا أن الخطوات التي ستتخذها تركيا بمرور الوقت ستكون مرتبطة بمواقف الولايات المتحدة المتلاحقة.

  

وأكد أن تركيا لن تقبل أي مشاورات مع الولايات المتحدة بشأن منظومة "أس400" الروسية، لا سيما بعد بيان بايدن، لافتة إلى أنها قد تنتهي من تثبيت المنظومة الروسية بحلول تموز/ يوليو المقبل.

 

ولفت إلى أن تركيا ستزيد من أنشطتها الاستخباراتية والعملياتية داخل سوريا والعراق، وستقوم بمراقبة كافة الأنشطة التي تدعمها الولايات المتحدة عن كثب ومتابعتها، لا سيما في الأراضي السورية.

 

وأضاف أن تركيا ستقوم بإيصال رسائل تحذيرية عبر "الناتو" إلى الولايات المتحدة في حال أي تصرف مخالف لاتفاقية الدفاع والتعاون مع الولايات المتحدة عام 1980، لا سيما في مناطق النزاع الإقليمية كما هو الأمر في سوريا والعراق.

 

وأشار إلى أن اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة، توفر لكلا البلدين المساعدة الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريبات المشتركة، كما يسهل وصول الجيش الأمريكي إلى القواعد في تركيا.

 

ولفت إلى أن الولايات المتحدة إذا واصلت تقديم الدعم لمنظمة العمال الكردستاني، فإن أنقرة ستنفذ خطة تدريجية بثلاث مراحل.

 

وأوضح أن تركيا ستنفذ عمليات مشابهة للعملية الأخيرة في شمال العراق والتي جاءت ردا على بيان بايدن، وستتواصل حتى تموز/ يوليو 2022.

 

عمليات تركية في سوريا والعراق

 

وأضاف أنه في السابق كانت هناك آلية تبادل واستشارات استخباراتية قبل العمليات في العراق وسوريا، ولكن في الفترات المقبلة، قد تتخذ تركيا تحركات تطلب فيها من البنتاغون وقاعدة انجرليك سحب القوات الأمريكية من مناطق عمليات القوات التركية.

 

وأشار إلى أنه قد تجري تركيا 13 عملية عسكرية منفصلة تستهدف حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري بين عامي 2021 و2022 في مناطق شمال العراق وسنجار وداخل سوريا.

 

اقرأ أيضا: هل ترد أنقرة بالمثل على بايدن.. خبراء أتراك يقرأون الخيارات
 

من جهته قال الكاتب التركي، سيدات أرغين، إنه رغم علاقات التحالف التي استمرت سنوات طويلة بين البلدين، إلا أنه من الجانب الآخر توجد أزمات كبرى وخلافات وصدمات خطيرة للغاية تركت بصماتها على العلاقات.

 

وذكّر أرغين في مقال على صحيفة "حرييت"، بأزمة "رسالة جونسون" الشهيرة عام 1964 لتركيا، والتي جاءت بسبب التوتر في جزيرة قبرص، والطلب الأمريكي بعدم استخدام تركيا الأسلحة التي وصلت إليها من الناتو ضمن خارج مهامه، بالإضافة لقرار الكونغرس الأمريكي فرض حظر توريد الأسلحة لتركيا عام 1975، ما تسبب في إلحاق ضرر جسيم بالقدرات الدفاعية لجيش الناتو.

 

وأشار إلى أن كلمة "لا" الصادرة عن البرلمان التركي، في أذار/ مارس 2003، على اقتراح أمريكي بفتح الجبهة إلى شمال العراق عبر تركيا، شكلت خيبة أمل كبيرة لدى الجانب الأمريكي، أعقبها "حادثة السليمانية" وطرد الجنود الأتراك من قبل قوات أمريكية.

 

ولفت إلى أنه رغم ذلك، تمكنت العلاقات بطريقة ما من تحمل المشاكل التي اندلعت، على الرغم من موجات التوتر الشديدة التي خلفتها، وتم إثبات الإرادة المتبادلة بأهمية العلاقات بين البلدين، ما يوحي بأنه يمكن إجراء بدايات جديدة في كل مرة حتى وقت قريب.

 

تزايد المشاكل تضع عبئا على مسار العلاقات

 

لكن المشاكل التي تشكلت بين البلدين في السنوات الأخيرة وضعت عبئا كبيرا على مسار العلاقات كما يقول الكاتب التركي، والنتيجة في ذلك أنها تفقد مسارها باستمرار بفعل هذا العبء، "وعلى سبيل المثال يمكن لزعيم منظمة إجرامية حاولت الانقلاب في تركيا في 15 تموز/ يوليو 2016، أن يعيش في الولايات المتحدة اليوم في بيئة آمنة موفرة له"، كما أن هناك لا مبالاة أمريكية من انزعاج جبهة تركيا من تحالفها العسكري مع الفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني، والسعي لتشكيل "دولة" في شرق الفرات.

 

وأضاف أنه على الجانب الآخر، كان الأولى لصناع القرار في تركيا التوقع بأن شراء منظومة "أس400" الروسية، سيؤدي إلى عدم الثقة في الولايات المتحدة، والأبعاد التي قد تنجم عنها.

 

وأشار إلى أن جزءا كبيرا من هذه المشاكل بدأ خلال رئاسة باراك أوباما، ثم اشتدت في عهد دونالد ترامب، ومع حقبة بايدن، أدى تجنب الرئيس الجديد للحوار مع أردوغان لأكثر من ثلاثة أشهر إلى القضاء على إمكانية بدء بداية جديدة، وتسبب في حالة أخرى من عدم اليقين على صعيد العلاقات.

 

بيان بايدن يسهم في زيادة المناخ المناهض للولايات المتحدة في تركيا

 

وأوضح أن هذه المرة، تمت إضافة ملف "الإبادة الجماعية للأرمن" إلى المشاكل غير القابلة للحل بين البلدين، إلا أنها تختلف بأنها جاءت مع الإدارة الأمريكية، بخلاف تلك التي كانت في أغلبها مع الكونغرس، والمشكلة الآن تكمن مع الرئيس بايدن.

 

وأشار إلى أن بيان بايدن في 24 نيسان/ أبريل، سيسهم في تصليب المناخ المناهض للولايات المتحدة في تركيا، مما يزيد من صعوبة الحفاظ على العلاقات.

 

اقرأ أيضا: مسؤول لبلومبيرغ: تركيا ستنتقم باتفاقية دفاعية وبضرب قسد
 

قضايا التعويض في المحاكم الأمريكية ستؤثر على العلاقات

 

بالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال رفع دعاوى التعويض في الولايات المتحدة من قبل الجماعات الأرمنية، يشير بالفعل إلى منطقة أزمة محتملة جديدة لمستقبل العلاقات، كما يشير الكاتب.

 

وأوضح أنه على الرغم من أن السلطات التركية تعتقد أنها تقف على أرضية صلبة من حيث القانون الدولي في مواجهة مزاعم "الإبادة الجماعية"، فإن المحاكم في الولايات المتحدة قد تكون مسرحا لمفاجآت لا يمكننا توقعها.

 

ورأى أنه حتى الآن لم تسفر هذه المحاكم عن أي نتائج، لكنها ستكون قادرة على استهلاك جزء كبير من طاقة تركيا على الجبهة الأمريكية في السنوات والعقود المقبلة، مما يضفي تأثيرا سلبيا على العلاقات التركية الأمريكية، ومن المرجح أن تؤدي كل هذه العمليات إلى إبعاد الجمهور التركي عن الولايات المتحدة والغرب بشكل أكبر.

التعليقات (1)
تركيا لن تفعل شيئاً
الأربعاء، 28-04-2021 07:20 م
لن تفعل تركيا شيئاً. فقد اتخذ الكونغرس هذا القرار بالفعل منذ عامين ولم تفعل تركيا شيئاً، واتخذوا قراراً بوقف تصدير طائرات إف-35 الحديثة إلى تركيا رغم مشاركتها في إنتاجها ولم تفعل تركيا شيئاً وظلت التهديدات والتصريحات المعادية تصدر من ترامب ثم بايدن دون أن تفعل تركيا شيئاً وأيدوا التنظيمات الكرية الإرهابية وأمدوها بكميات رهيبة من الأسلحة التي تقتل بها القوات التركية ولم تفعل تركيا شيئاً، وأخيراً قررا إخراج تركيا تماماً من برنامج هذه الطائرة وعدم تسليمها الطائرات التي دفعت ثمنها بالفعل ولم تفعل شيئاً. بل إنهم أجبروا تركيا على عدم استخدام شبكة الصواريخ المضادة للطائرات إس-400 الروسية بعد أن دفعت فيها تركيا المليارات ولم تفعل تركيا شيئاً وكانت فرصة لتركيا أن ترد على خطوة إنهاء علاقتها بالطائرة بأن تنشّط شبكة الـ إس-400 التي اشترتها بالمليارات وتحتاج إليها. موقف تركيا يتسم بالتردد إن لم لكن بالجبن.