قضايا وآراء

الوجه الإيجابي لتأجيل الانتخابات الفلسطينية

مصطفى أبو السعود
1300x600
1300x600
يُحكى أن ناديا رياضيا أعلن عن تنظيم مارثون رياضي وحدد الموعد، فبدأ عشاق رياضة الجري الاستعداد لذلك المارثون، وقبيل تنظيمه بأيام تم الإعلان عن تأجيله، غضب البعض على اعتبار أن تدريباتهم راحت "فشنك"، بينما نظر آخرون للتأجيل بعين الإيجابية قائلين: "كسبنا لياقة أجسامنا".

ما جرى على المارثون الرياضي ينطبق على المارثون السياسي "الانتخابات"؛ حيث حدث ما توقعه العقلاء فتأجلت الانتخابات حتى إشعار آخر، تحت حجة أن الاحتلال لا يسمح بإجرائها في القدس.

وبما "أن الانتخابات "الله أعطاك عمرها" على رأي عجائز الحارة، وبغض النظر عن موقفي منها ومن تأجيلها، وقد توقعت ذلك في مقال حمل عنوان "هل ستؤجل الانتخابات الفلسطينية؟"، فإنها تدفعنا لأن ننظر لفكرة التأجيل من باب الإيجابية وليس الإعجاب بالتأجيل، وسندنا قول الله عز وجل: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم".

وبالعودة لعنوان المقال، فأرى أن تأجيل الانتخابات لا بد أن له أوجها إيجابية، وهي على سبيل المثال:

1- عرف المغفلون من هو المعطل الحقيقي لأي تغيير إيجابي في الحياة الفلسطينية بتفاصيلها كافة.

2- عرفنا مدى الانبطاح الرسمي الفلسطيني للرغبات الصهيونية، وعجز أو عدم رغبة رأس السلطة في مجرد الاشتباك الدبلوماسي مع الاحتلال.

3- ظهر أصحاب التبريرات السخيفة الذين برروا بأن الانتخابات لا تخدم القضية الآن، وأن "أم الجماهير" حركة تحرر، والانتخابات لا تنسجم مع حركات التحرر.

4- عرفنا أن رأس السلطة ورئيسها لم ينظر للانتخابات كمخرج من المآزق التي يعيشها الشعب والقضية، بل كانت له مآرب أخرى ليست خافية على أحد؛ من حيث إحراج حماس وأخواتها وإظهارها بمظهر الرافض للانتخابات، والظهور أمام "بايدن" بأنه رئيس محبوب الجماهير التي تغني له: "خليك هنا خليك بلاش تفارق".. "دي حنا من غيرك ولا حاجة".

5- ظهر حجم الغضب الشعبي والفصائلي من فكرة التأجيل، فالشعب تواقٌ لأن يمارس دوره الانتخابي ويقول كلمته فيمن يحكمه.

6- توحيد الجهود الفصائلية بشكل أكبر من ذي قبل، خاصة بين أقطاب كانت على خصومة شديدة، دحلان وحماس.

7- ظهرت البدائل السخيفة التي طرحها عباس، فلو تأملناها بعمق سنجد أنه "يضحك علينا"، ففكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية ليست اختراعا أو اكتشافا جديدا، بل هي رؤية طرحها كثيرون سابقا، لكنه طرحها بشكل يبعث على السخرية، وكأنها حل سحري جاء به "فانوس علاء الدين" ليشغلنا ويلهينا بها عن فكرة رفض تأجيل الانتخابات.

8- كما أن دعوة المجلس الوطني للانعقاد وتشكيل لجنة تنفيذية جديدة في أقرب وقت، هي فكرة مثل الإسفنج يمتص الماء فقط، ويراد بها امتصاص غضب الجماهير. والوقت القريب عند الزعيم لا يعلمه إلا الله، يعني في "علم الغيب"، وما أن يقول المعترضون "حاضرين"، حتى يرد الزعيم" أمك في العش أو طارت".

9- عرفنا أن فكرة الانبطاح تحت بساطير الاحتلال وسيف الاتفاقيات الدولية المذلة لنا، هي أمر لا مفر منه في عرف الجبناء والعبيد، حيث سيطلب من حكومة الوحدة الوطنية الاعتراف بالاتفاقيات الدولية وعلى رأسها "الاعتراف بإسرائيل"، وهي رسالة يعرف عباس جوابها سلفا من شرفاء الوطن وعقلائه.

رغم ما سبق، يبقى القول واجبا بأن الانتخابات هي حقٌ قانونيٌ ووطنيٌ، ليشعر المواطن أن له حقّا في أي يقول رأيه ويمنح ثقته لمن يرغب، ويمنع ثقته عمن خاب فيه ظنه، ورغم ما بدا لنا في التأجيل من إيجابيات، فأرجو ألا يُفهم أنني ضد إجراء الانتخابات، وفي موعدها.
التعليقات (0)