يلزم
كل فكرة كي تحيا وتبقى وتستمر، توفر عنصرين مهمين: المال والرجال، فإن توفر المال
النقي في يد الرجال الأنقياء الأتقياء، أبحرت سفينة الفكرة إلى بر الأمان، وحتى لو
لم يكن المال نقيا، والرجال غير أنقياء أتقياء، فسفينة الفكرة ستسير، المهم إيمان
الرجال بالفكرة.
يلجأ
الطغاة والغزاة دوما إلى محاربة الفكرة التي تعارضهم من خلال التأثير على العنصرين
المهمين للفكرة، فيقتلون الرجال، ويجففون منابع المال، ويتم تجفيف المال من خلال
منع الناس من التبرع بالمال للفكرة، وإغلاق المؤسسات الخيرية التي تشغلها الفكرة،
ووضع العراقيل أمام قطار الفكرة ومنع الامتيازات عن رجال الفكرة أو من يتقرب منهم.
لجأ العدو لمنع وصول الأموال لغزة، سواء للأفراد أو المؤسسات إلا بشروط تعجيزية، كي يؤثر على معيشة السكان ومنع أي نوع من أنواع التطور والتنمية
في
حالتنا الفلسطينية عامة، وخاصة
غزة، لجأ العدو لمنع وصول الأموال لغزة، سواء للأفراد
أو المؤسسات إلا بشروط تعجيزية، كي يؤثر على معيشة السكان ومنع أي نوع من أنواع
التطور والتنمية.
ومنذ
اندلاع العدوان الصهيوني على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2024 بدأت أزمة مالية
بغزة تتمثل في عدم وجود سيولة مالية كافية، فالحوالات المالية القادمة من الخارج
سواء للأشخاص أو المؤسسات، وجدت صعوبة في صرفها بسبب إغلاق البنوك وعدم إدخال
العدو للعملة لقطاع غزة، وهذا أدى إلى تلف العملة الموجودة سواء الورقية أو
الحديدية.
حتى إن
وكالة الغوث الدولية تعجز عن إدخال أموال لصرف رواتب موظفيها يدا بيد، فاستمرت
بوضع الرواتب في البنوك التي هي مغلقة أصلا، فيضطر الموظف لاستلام راتبه من خلال
مكاتب الصرافة التي تخصم ما يقارب 20 في المئة من راتبه. هذه الطريقة أثارت شبهات أمنية،
فلجأت الأجهزة الأمنية بغزة إلى التحقيق في ذلك فتوصلت إلى نتيجة مفادها أن
المخابرات الإسرائيلية تتواصل مع الصرافين وتطالبهم بخصم هذه النسبة وتهددهم
بقصفهم إن لم يستجيبوا لذلك، فمنهم من استجاب ومنهم من رفض فكان نصيبه القصف
والموت.
ولعل
الحرب
الاقتصادية على غزة أكثر شراسة من الحرب العسكرية، الاقتصادية تنهش الأجساد
رويدا رويدا، بينما العسكرية تقتل مرة واحدة.
ومن
أوجه الحرب الاقتصادية على غزة خلال عدوان 2024:
- قصف
الجهات التي تؤمن المساعدات القادمة لغزة وقصف المخازن.
-
اغتيال رجال المال والأعمال الذين تزعم إسرائيل أن لهم علاقة بتحويل المال أو جلب
المال للمقاومة.
العدو قبل الحرب كان يحسب كمية السلع التي يدخلها لغزة وفق عدد السكان، ويحسب متوسط الاستهلاك لكل فرد من سلعة معينة ويضربها بعدد السكان، ويحسب المدة ما بين إدخال سلعة ما في المرة الأولى والثانية، ولا تستغرب أن بعض مسؤولي العدو طالبوا بخصم نسبة الشهداء
- منع
إدخال
البضائع المهمة وإدخال البضائع الأقل أهمية أو التي يمكن الاستغناء عنها.
- اختيار
شخصيات تجارية معينة للتعامل معها بإدخال البضائع والإيعاز لها برفع أسعار السلع،
حتى يعجز المواطن عن الشراء.
- إطلاق
الإشاعات حول فئة نقدية معينة بأنها مزورة أو غير صالحة للاستخدام.
- عدم إدخال عملة نقدية جديدة بدل القديمة المهترئة.
- قصف
المنشآت التجارية والمصانع والبنوك.
- إغراق
الأسواق بأصناف معينة لفترة طويلة مع حرمان السوق من أصناف أخرى، مثال: قد يسمح
الاحتلال بإدخال أدوات التنظيف لفترة ثلاثة شهور مع منعه للمواد التموينية لنفس
الفترة، كما يحدث في فترة كتابة هذا المقال.
أختم بما أدعوك إلى ألا تستغرب منه، وهو أن العدو
قبل الحرب كان يحسب كمية السلع التي يدخلها لغزة وفق عدد السكان، ويحسب متوسط
الاستهلاك لكل فرد من سلعة معينة ويضربها بعدد السكان، ويحسب المدة ما بين إدخال
سلعة ما في المرة الأولى والثانية، ولا تستغرب أن بعض مسؤولي العدو طالبوا بخصم
نسبة الشهداء من كمية ما يدخل من البضائع لغزة، لأنهم قد ماتوا وبالتالي لا داعي
لإدخال نسبتهم إلى غزة.