لطالما اعتقد البعض أنّ فلسطينيي الدّاخل قد انخرطوا ولو بشكل جزئيّ مع المحتلّين، واعتادوا على وجودِهم بينهم كأحد مكوّنات المجتمع الطّبيعية. ولكن، نجد بين الفينة والأخرى الرّد من الدّاخل
الفلسطيني نفسه على هذا الاتهام الباطل، فيظهر الشّباب الثّائر والرّافض للاحتلال بكلّ أشكاله.
وكلّما اعتقد المجتمع الدّولي أنّ سكّان الدّاخل الفلسطيني قد انسجموا مع النّسيج
الإسرائيلي بشكل تدريجي، انفجر الشّباب كقنبلة موقوتة احتضنها
الاحتلال بين ذراعيه وعوّل على انصهارهم.. تلك الأقليّة التي كان يعتقد الكيان أنّها ضئيلة منقسمة وغير قادرة على التّحرك، نمَت واشتدّ عودها حتى بات الكيان يعتبرها اليوم تهديدا لأمنه واستقراره. فما أن يعتدي المستوطنون معتقدين أنّ الطّرف الآخر في سبات عميق، حتى تهبّ فوّهة البركان بوجههم كأنّهم هزّوا وكر دبابير كانت تنتظر اللّحظة التي ترى فيها النّور.
وقد عوّدنا شباب
القدس على مواجهة العدو الغاشم وهم عزّل إلا من الكرامة والإيمان، فنجدهم يواجهون بصدورهم العارية الجّنود المدجّجين بشتّى أنواع الأسلحة والحماية والوقاية. كيف لا، فصاحب الحق سلطان، لا يخشى المنايا، ينظر إلى عين الشّمس دون أن ينكسر، على عكس المعتدي الذي يعيش في خوفٍ دائمٍ وارتجافٍ داخليٍّ يقفز إلى هيئته فاضحا أسطورة الجّيش الذي لا يُقهر، ومؤكّدا بأنّه أوهن من بيت العنكبوت، وأنّه مجرّد خيال كاريكاتيري لمنظومة ضعيفة داخليا مُنمّقة خارجيّا، لتُظهر شراستها المصطنعة بدعم أمريكيّ أحيانا وخليجيّ غالبا!
ولأنّ الجبروت الزّائف يضعف أمام الحقّ ويتمرمغ أنفه أمام الإرادة والإيمان، انتصر المقدسيون وأجبروا الاحتلال على إزالة الحواجز من ساحة باب العامود.
استطاعت إرادة المقدسيّين كسر الطّوق الذي حاول الالتفاف مُطبقا على عنق القدس، فكيف إذا اجتمعت قوى الفلسطينيّين في الدّاخل والشّتات والمؤمنين بالقضيّة الحق؟