ملفات وتقارير

تهرب إثيوبي من مأزق سد النهضة بفتح ملف الاتفاقيات القديمة

أشار خبير بالعلاقات الأفريقية إلى أن إثيوبيا ليست طرفا في الاتفاقيات السابقة سواء 1929 أو 1959- جيتي
أشار خبير بالعلاقات الأفريقية إلى أن إثيوبيا ليست طرفا في الاتفاقيات السابقة سواء 1929 أو 1959- جيتي

يبدو أن إثيوبيا لا تعدم الحيل في التهرب من أي اتفاق ملزم بشأن سد النهضة، فقد جاءت تصريحات المتحدث باسم خارجيتها حول اتفاقية 1959 بين مصر والسودان، ووصفها بغير العادلة، ليؤكد هذا المسار بوضوح، وتشتيت المفاوض المصري والسوداني في موضوعات جانبية، بعيدا عن أي اتفاق ملزم بشأن سد النهضة.


وعبّر عدد من الخبراء، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، عن رفضهم لمثل هذه المحاولات من الجانب الإثيوبي، مطالبين مصر والسودان بالانتباه لهذه الألاعيب، ومؤكدين في الوقت نفسه على عدم أحقية إثيوبيا في الحديث عن هذه الاتفاقية، لأنها ليست طرفا فيها.


وكان المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية قد أدلى بتصريحات له حول اتفاقية 1959 بين مصر والسودان، قال فيها: "ليس عدلا أن نقبل باتفاقية عام 1959، وبتخصيص حصص مياه لمصر والسودان".


واتفاقية تقاسم مياه النيل 1959، هي اتفاقية وقعت بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929، وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك، وهو الرغبة في إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل؛ لزيادة إيراد النهر، وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.


وتنص على احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل، وقدره 48 مليار متر مكعب سنويا، وكذلك حق السودان المقدر بثمانية مليارات متر مكعب سنويا، وموافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالي، وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق، وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته.


كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالي، البالغة 22 مليار متر مكعب سنويا، توزع على الدولتين، بحيث يحصل السودان على 20 مليار متر مكعب، وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب، ليصل إجمالي حصة كل دولة سنويا إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان.


محاولة لإضاعة الوقت


وفي سياق تعليقه، قال خبير السدود محمد حافظ إن فتح إثيوبيا قضية اتفاقية 1959 اليوم، هو أمر ليس بذي علاقة مع مفاوضات سد النهضة وفقا لإعلان مبادئ 2015، والذي لم يشتمل إطلاقا على كلمة حصص، وكان الهدف الأساسي منه التفاوض حول سد النهضة تحديدا، ويعد  جزءا من سياسة إضاعة الوقت، والتي تتبعها إثيوبيا منذ بداء المفاوضات، بل أيضا بهدف خلق علاقة تربط فيها مسار مفاوضات سد النهضة الحالية مع اتفاقية عنتيبي، والتي تتحدث أساسا على الحصص وحق كل دولة في استغلال مياه النيل، وفقا لحجم مساهمتها به، والمعروف أن إثيوبيا تساهم بقرابة 86 بالمئة من كامل تدفقات نهر النيل السنوية.


ويضيف خبير السدود لـ"عربي21": "بقوة هذه الاتفاقية، فالدولة الإثيوبية المحتلة اليوم لمقاطعة (بني شنقول)، والتي هي تابعة للسودان في الأصل، يفترض عليها توفير ذاك التدفق الطبيعي السنوي عند الحدود السودانية ،بكمية تعادل 48.5 مليار متر مكعب سنويا في أدني حجم ممكن. وليس لها أي علاقة بكيفية توزيع تلك الكمية بين دولتي مصر والسودان".


منهيا كلامه بالقول: أما العلاقة التوزيعية لذاك التدفق بين مصر والسودان، فهذا شأن ثنائي، ولا يمكن أبدا أن يكون ثلاثيا، وهذا ما تم ترتيبه من خلال اتفاقية 1959، والتي تشمل توزيع الحصص المائية لمصر والسودان وفقا للواردات القادمة من النيل الأزرق والأبيض وعطبرة والسوباط، وليس فقط النيل الأزرق.


جرأة ووضوح


وفي هذا السياق، قال الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية، سامح راشد، إن ما تقوم به إثيوبيا من فتح ملفات قديمة ومناقشة مثل هذه الاتفاقيات، يمثل نوعا من المراوغة، والهروب من توقيع أي اتفاق بشأن سد النهضة، وتوقيت الملء الثاني وخطواته وطريقته، طبقا لما نص عليه إعلان المبادئ لعام 2015 ببن الدول الثلاث، النقطة الأخرى التي تحملها الرسالة الإثيوبية في هذا السباق هي الجرأة الشديدة هذه المرة، حيث كانت تشير إلى هذه الاتفاقيات ضمنا. أما هذه المرة، فهناك وضوح شديد وجرأة غير معهودة، وهو ما يجب الوقوف عنده جيدا والتصدي له.


وأضاف راشد لـ"عربي21": إثيوبيا ليس لها الحق في الحديث عن هذه الاتفاقيات؛ لأنها لم تكن دولة محتلة، وعليه فإنها لم ترغم على مثل الاتفاقيات"، النقطة الأخرى التي يشير إليها الباحث بمركز الأهرام هي ما تتعلق باتفاقية 1959، حيث يؤكد على أنها اتفاقية بين مصر والسودان، وليس لإثيوبيا علاقة بها، وبالتالي لا يجوز الحديث عنها، لكنها تحاول أن تثير أزمة الحصص؛ لتثير باقي دول الحوض، والضغط على مصر والسودان لقبول الأمر الواقع.

 


أما خبير العلاقات الأفريقية هاني رسلان، فقد أكد على أن إثيوبيا ليست طرفا في الاتفاقيات السابقة، سواء 1929 أو 1959، ولم يطلب أحد منها الاعتراف بها، بينما هي طرف في اتفاقية 1902 التي تلزمها بعدم إقامة منشآت على النيل الأزرق، وهذه الاتفاقية حدودية، بمعنى أنها نافذة، وإلا على إثيوبيا إخلاء إقليم بنى شنقول الذي يوجد عليه السد؛ لأنه تابع للسودان في الأصل.


وأضاف في تصريحات صحفية: "المفاوضات الحالية حول السد الإثيوبي تنصب فقط على ملء وتشغيل السد، طبقا لإعلان المبادئ، ولا يوجد أي ذكر أو ارتباط أو علاقة بالاتفاقيات السابقة، وما تثيره إثيوبيا يعكس عدم اتساق الطرف الإثيوبي، الذى يتحدث عن رفض اتفاقيات لا علاقة له بها من قريب أو بعيد.

التعليقات (0)