هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فشلت جولة المباحثات بين مصر والسودان وإثيوبيا التي عقدت على مدار يومين في كينشاسا بالكونغو الديمقراطية بعد شهور من تجمد المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، بسبب تمسك جميع الأطراف بمواقفها المعلنة مسبقا.
وفي الوقت الذي تصر فيه دولتا المصب على تشكيل وساطة رباعية دولية تضم الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وهيئة الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، ترفض دولة المنبع المقترح جملة وتفصيلا، وتتمسك بالوساطة الأفريقية، ما يزيد الهوة بين أطراف النزاع.
وقالت الخارجية المصرية، إن جولة المفاوضات التي عقدت خلال يومي 4 و5 نيسان/ أبريل 2021 لم تحقق أي تقدم ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات، حيث رفضت إثيوبيا المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية.
وأضافت في بيان لها، أن إثيوبيا رفضت كذلك خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر وأيدتها السودان من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط في المباحثات والمشاركة في تسيير المفاوضات وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.
وكشفت الخارجية المصرية عن مقترح جديد قدمته القاهرة وأيدته الخرطوم ورفضته إثيوبيا بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونجولي وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، إلا أن إثيوبيا رفضت هذا الطرح مما أدى إلى فشل الاجتماع في التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات.
واتهمت الخارجية بغياب الإرادة السياسية لديها للتفاوض بحسن نية وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، محذرة في الوقت نفسه من أن ذلك سيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة.
إثيوبيا وأزمة الوساطات
وحمّل مستشار وزير الري المصري الأسبق، الدكتور ضياء الدين القوصي، الحكومة الإثيوبية مسؤولية فشل المفاوضات بسبب ما قال إنه "تعنت إثيوبي واضح ليس من الآن وإنما منذ بدء المفاوضات قبل سنوات لحل الأزمة بين الأطراف الثلاثة".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "إثيوبيا لا ترفض الوساطة الرباعية فقط، وإنما ترفض أي وساطة أخرى؛ لأنها لا تريد التوقيع على اتفاق ملزم بشأن سد النهضة، وتهدف إلى إطالة عمر المفاوضات، وهذا سيؤدي إلى تعقيد الأمور".
وكان رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، بعث يوم 13 آذار/ مارس خطابات إلى الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لتشكيل آلية رباعية للوساطة في عملية مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.
اقرأ أيضا: بدء مباحثات سد النهضة بالكونغو.. والسودان ينتقد إثيوبيا
وفي 9 آذار/ مارس الجاري، رفضت إثيوبيا مقترحا سودانيا، أيدته مصر، بتشكيل وساطة رباعية دولية، لحلحلة مفاوضات السد المتعثرة على مدار 10 سنوات.
واعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأحد، أن جولة مفاوضات سد النهضة الراهنة في العاصمة الكونغولية كينشاسا بمثابة "فرصة أخيرة" للتوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد.
مباحثات الفرصة الأخيرة
في هذا السياق، استبعد السياسي والبرلماني السوداني السابق الدكتور إسماعيل الحاج موسى، أن تكون تلك المباحثات الفرصة الأخيرة كما أشار إليها وزير الخارجية المصري، قائلا: "لا أعتقد، ولن تكون الفرصة الأخيرة".
واعتبر في حديثه لـ"عربي21" أن "البديل للمفاوضات هو الصدام المسلح والحرب بين البلدان الثلاثة، ولا أعتقد أن أي طرف مستعد أو راغب في حرب، غير محمودة العواقب".
وبشأن تمسك مصر والسودان بالوساطة الرباعية، أكد الحاج موسى أن "موقف مصر والسودان موقف موضوعي؛ لأنك إذا عددت الوسطاء من جهات تثق في إخلاصها وموضوعيتها ستستمع لآراء مفيدة، ولذلك لا أرى سبباً لرفض إثيوبيا إلا إذا كانت لا تثق في صحة موقفها في هذه القضية".
في المقابل، تصر إثيوبيا على بدء الملء الثاني للسد حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق، بينما تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي؛ حفاظا على حصتهما السنوية من مياه نهر النيل ومنشآتهما المائية.
وكانت الخارجية السودانية ذكرت في وقت سابق أن إثيوبيا رفضت طلبا بتأجيل موعد بدء المرحلة الثانية من ملء السد، والمقررة في تموز/ يوليو المقبل.
تكتل مصري سوداني ترفضه إثيوبيا
واختتمت مناورات عسكرية باسم "نسور النيل-2"، قبل يومين، بين القوات الجوية السودانية والمصرية في مدينة مرَوي (شمالي السودان)، بحضور رئيس هيئة الأركان السودانية، ورئيس أركان حرب الجيش المصري، وعدد من قادة جيشي البلدين.
ردا على الاتهامات المصرية السودانية، وصف الكاتب والصحفي الإثيوبي، أنور إبراهيم، تحول المباحثات بين الدول الثلاث بشأن أزمة سد النهضة من مفاوضات ثلاثية "إلى تكتل"، قائلا: "الآن الموضوع أصبح تكتلا واضحا في قضية المباحثات".
وأعرب رئيس القسم العربي بالإذاعة والتلفزيون الإثيوبي عن اعتقاده في حديثه لـ"عربي21": أن إصرار مصر والسودان على الوساطة الرباعية "هو بسبب عدم الثقة في الاتحاد الأفريقي من جانب الدولتين، أو تقليل لجهود الاتحاد الأفريقي".