سياسة تركية

هل ترد أنقرة بالمثل على بايدن.. خبراء أتراك يقرأون الخيارات

سبق أن هدد أردوغان باعتراف تركيا بمذابح الهنود الحمر-جيتي
سبق أن هدد أردوغان باعتراف تركيا بمذابح الهنود الحمر-جيتي

أثار إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس السبت، الاعتراف بـ"إبادة الأرمن" غضبا تركيا رسميا، ووحد الداخل التركي لرفضه، وسط تكهنات عن طبيعة رد أنقرة المتوقع على هذه الخطوة من واشنطن.

 

ورأى خبراء تحدثوا لـ"عربي21"، الأحد، أنهم لا يتوقعون تصعيدا وخطوات سريعة من تركيا بعد قرار بايدن، إلا أنهم تطرقوا إلى كيف سيكون تعامل أنقرة مع هذا الأمر.

 

وبدأ رد الفعل التركي على لسان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بالقول إن بلاده ترفض تماما القرار الأمريكي، مشدد على أن "الكلمات لا يمكنها تغيير أو إعادة كتابة التاريخ".

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد استبق الإعلان بتصريح، قال فيه إن "تسييس أطراف ثالثة النقاشات حول أحداث 1915، وتحويلها إلى أداة تدخل ضد تركيا، لم يحقق منفعة لأي أحد".

 

وقامت تركيا بالفعل باستدعاء السفير الأمريكي؛ احتجاجا على إعلان بايدن.

 

خطوات استباقية

 

من جهته، قال الكاتب والصحفي التركي حمزة تكين، لـ"عربي21": "رغم أن القرار معنوي لا قيمة له قانونيا، خاصة على الصعيد الدولي، إلا أن تركيا ردت بالفعل وعمليا وفورا، من خلال إطلاق عمليتين عسكريتين جديدتين شمالي العراق، ضد تنظيم مدعوم من واشنطن، وهو تنظيم PKK الإرهابي"، ويقصد به حزب العمال الكردستاني، المصنف في أنقرة تنظيما إرهابيا.

 

وأوضح أنه "لا يمكن فصل توقيت إطلاق العمليتين عن قرار بايدن، وهذا الأمر يشير إلى أن تركيا ستزيد في المرحلة المقبلة من ضغطها على الجهات التي تدعمها واشنطن في المنطقة، خاصة الإرهابية منها".

 

اقرأ أيضا: تركيا تعلن عملية "مخلب البرق والصاعقة" شمال العراق
 

وأضاف إلى ذلك، أنه يتوقع ردود فعل دبلوماسية، كما فعلت تركيا بالفعل من استدعاء السفير الأمريكي في أنقرة.

 

وقال إنه في البداية ولتحليل طبيعة رد الفعل التركي، يجب الإشارة إلى أنه "من الناحية القانونية لا قيمة لقرار بايدن في هذا الخصوص، فهو توجه معنوي ليس إلا، ومحاولة لإزعاج تركيا واستفزازها، لكن هذا لا يعني تجاهل أن القرار بمثابة اعتداء سافر على التاريخ الإسلامي العثماني، لأنه يزور الحقائق التاريخية، باستخدام السلطة السياسية بعيدا عن الدراسات التاريخية". 

 

الرد بالمثل؟


وسبق أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في عام 2019، أن بلاده قد تتخذ قرارا بشأن الإبادة الجماعية للهنود الحمر في أثناء "الاستعمار الأمريكي"، ردا على اعتراف أمريكي بـ"إبادة الأرمن".

وقال: "هل من الممكن عدم الحديث عن الهنود الحمر في الولايات المتحدة؟.. التاريخ المتعلق بالهنود الحمر وصمة عار في جبين الولايات المتحدة".

ورأى تكين أن "هذا الأمر موجود على الطاولة في تركيا، وهو أمر ليس مستبعدا".

 

اقرأ أيضا: رغم "تضامنها" مع الأرمن.. جرائم إبادة أمريكية لا تعتذر عنها

وأضاف: "لكن نقطة مهمة هنا يجب أن نوضحها، أن التوجه التركي هذا سيكون مبنيا على حقائق تاريخية ودراسات أعدها متخصصون بالتاريخ، ولن يكون مبنيا على مناكفات سياسية، فتركيا لن تقع بالفخ نفسه الذي وقع فيه بايدن ودول أخرى، وهو فخ تفريغ الخلافات السياسية بقرارات تتعلق بأمور تاريخية".

 

لا خطوات سريعة

 

من جهته، رأى المحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، في حديثه لـ"عربي21"، أنه لا يتوقع تصعيدا وخطوات سريعة من تركيا بعد قرار بايدن.

وأشار إلى أن "هناك دولا كثيرة اعترفت بهذا الأمر قبل أمريكا، ولم يؤثر ذلك على تركيا"، مشددا على أنه "طالما أن تركيا دولة قوية، فإنه لا يمكن التأثير عليها بمثل هكذا قرارات رمزية".

 

اقرأ أيضا: هذه البلدان سبقت الولايات المتحدة بالاعتراف بـ"إبادة الأرمن"

رد بالتدريج


بدوره، اعتبر الأكاديمي التركي أستاذ العلاقات الدولية، برهان كور أوغلو، في حديثه لـ"عربي21"، أن 
"الرد على هذا القرار أظن أنه سيأتي بالتدريج".

 

وأوضح: "أولا استنكار القرار، وهذا تم منذ يومين، على صعيد الحكومة التركية والجهات المعنية، ستتخذ بعض القرارات التي ستؤثر على مستقبل العلاقات بين البلدين، بما فيها مراجعة وجود القاعدة العسكرية "إنجرليك"، ومراجعة الاتفاقيات بين تركيا وأمريكا بشكل عام".

 

ومنذ إعلان بايدن، تصدرت مطالب الأتراك عبر موقع "تويتر" بإغلاق قاعدة "إنجرليك" الأمريكية، قائمة الترند في تركيا.

 

اقرأ أيضا: لماذا أعلن بايدن الاعتراف بإبادة الأرمن.. وماذا يترتب عليه؟

وأضاف أن من خيارات الرد كذلك: "زيادة التنسيق والتعاون مع الدول التي لها مصالح مع تركيا، في حين أن أمريكا تتخذ معها عداوة".


وأكد كور أوغلو أن كل هذا على الطاولة، ومن ناحية أخرى لا بد من أن تركيا ستقوم بتعريف هذا الموضوع "إبادة الأرمن"، لدى الغرب وأمريكا، خاصة لبيان الموقف التركي، الذي يقول إنه لم يكن هناك إبادة جماعة، بل اقتتال بين الطرفين: الأرمن والمواطنين العثمانيين، مصيفا: "لذلك أعتقد أن هذا مهم، التحدث عن الحقائق التاريخية".


ولفت إلى أن "تركيا تطالب منذ بداية هذه المحاولة الأمريكي، أن تقام لجنة تتشكل من المؤرخين لمناقشة هذه الأمور، وتركيا بدورها قامت بنشر كثير من الوثائق والكتب التي تتحدث عن الموضوع وبشكل واضح، لتدلل أنه لم يكن هناك إبادة، بل تهجير شهد حوادث قتل بين الجانبين". 

 

يذكر أن تركيا تؤكد عدم إمكانية إطلاق "الإبادة الجماعية" على تلك الأحداث، بل تصفها بـ"المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراع السياسي، وحل القضية دون النظرة الأحادية إلى التاريخ، وتفهّم كل طرف ما عاشه الآخر.

التعليقات (1)
كاظم صابر
الأحد، 25-04-2021 06:29 م
لا أستطيع الخوض في تفاصيل تبادل رسائل بالبريد الالكتروني جرت بيني و بين عدة أكاديميين أمريكيين مختصين برتبة بروفيسور - ذكوراً و إناثاً - منذ حوالي ربع قرن و مع بدء الانترنت . خلاصة الحديث ، أننا اتفقنا بالأدلة و البراهين على أنه لم تكن هنالك سوى مشاكل بين طرفين أدت إلى القتل المتبادل و لم ترقى إلى الكلمة الكبيرة (جريمة إبادة). تركيا في عام 1915 كانت تحت سيطرة الاتحاديين "أي جماعة الاتحاد و الترقي " و زالت عنها صفة الإمبراطورية العثمانية و معلوم لمن كان ولاء الاتحاديين الذين ورطوا تركيا في الحرب العالمية الأولى و حددت لها الجهة التي تتحالف معها حتى تنهزم و يتم تقاسم البلدان التي كانت تحت سيطرة تركيا . معلوم أيضاً أن الاتحاديين مهَدوا للكماليين "أي جماعة مصطفى كمال أتاتورك" و هؤلاء معروف ولاؤهم لمن . الغريب أن من ناصرني في النقاش العلمي الموضوعي كان رجلاً أمريكياً واسع الثقافة في التاريخ من أصل أرمني و كان يعرف أصل و فصل أتاتورك . من العجيب أن بايدن كان محكوماً من جهة أملت عليه ما يقول من دون تمحيص و من دون وثائق موجودة في أرشيفات الدول (تركيا و روسيا و حتى أمريكا) . ما فعله بايدن لا يليق برجل دولة فهو فعل سياسي ضد دولة (يزعمون أنها حليف) لا يمت للحقائق بصلة ، مع أن هذه الدولة ليست امتداداً للإمبراطورية بل و يوجد فيها قانون ساري حتى الآن يسجن من ينادي بالعودة إلى العثمانية .