نقلت صحيفة
واشنطن
بوست، عن شخصين مطلعين، قولهما إن الرئيس الأمريكي جو
بايدن، يتوقع أن يعترف بما يسمى
"إبادة الأرمن" على يد الإمبراطورية العثمانية إبان الحرب العالمية
الأولى، وهو أمر سيكسر تقليدا دام عقودا للرؤساء الأمريكيين، الذين امتنعوا عن
تعريض العلاقات الأمريكية التركية للخطر.
وقالت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21" إن الخطوة المتوقعة ستفي بوعد حملة بايدن
الانتخابية في تشرين الأول/ أكتوبر، وتعكس استعداده لإغضاب الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان وسط قائمة متزايدة من الخلافات حول صفقات الأسلحة التركية مع روسيا،
والتراجع الديمقراطي، والتدخلات في سوريا وليبيا.
كما ستكون هذه هي
المرة الثانية التي تعلن فيها إدارة بايدن رسميا عن إبادة جماعية مع المخاطرة
بإثارة حنق قوة كبرى، بعد تصميمها على أن الصين تنفذ إبادة جماعية ضد مسلمي الإيغور
في منطقة شينغيانغ.
وبحسب الصحيفة، سيمثل
اعتراف بايدن انتصارا كبيرا للجالية الأرمينية الأمريكية، التي ضغطت من أجل
الاعتراف بها لسنوات.
قال بيان للسناتور
روبرت مينينديز، ديمقراطي من نيوجيرسي، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس
الشيوخ، وزوجته من أصل أرمني: "أنا فخور بأن حكومة الولايات المتحدة على وشك
أن تكون قادرة أخيرا على قول ذلك دون أي تعبير ملطف: الإبادة الجماعية هي إبادة
جماعية بكل بساطة".
ورأت الصحيفة أنه إذا
تحرك بايدن إلى الأمام، فمن المرجح أن يكون رد الفعل التركي سريعا.
ويوم الثلاثاء، قال
وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن التصنيف سيضر بالعلاقة الثنائية ويمثل
إهانة "للقانون الدولي".
وقال تشاووش أوغلو:
"البيانات التي ليس لها أي مستند قانوني لن يكون لها أي فائدة، لكنها ستضر
العلاقات، إذا كانت الولايات المتحدة تريد زيادة العلاقات سوءا، فالقرار قرارها".
ويتماشى التصنيف مع
الجهود التي وصفها كبير دبلوماسيي بايدن، أنتوني بلينكين، بـ "وضع حقوق
الإنسان في صميم السياسة الخارجية لأمريكا"، وهو معيار تعرض للتحدي بشأن نهج
أمريكا تجاه السعودية ومصر وغيرهما من الأنظمة الاستبدادية.
وتحدث الأشخاص
المطلعون على القرار شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة تحركات الرئيس المستقبلية.
ورفضت السكرتيرة
الصحفية للبيت الأبيض جين بساكي التعليق على القرار المعلق الأربعاء لكنها قالت إن
الإدارة سيكون لديها "المزيد لتقوله" بشأن هذا الموضوع يوم السبت.
وتحسبا للقرار، بدأت
الجماعات الأرمينية الأمريكية في الترحيب بالخطوة باعتبارها علامة فارقة في الدفاع
عن حقوق الإنسان.
وقال بريان أردوني،
المدير التنفيذي للجمعية الأرمنية الأمريكية، في بيان: "إن تأكيد الإبادة
الجماعية للأرمن يعزز مصداقية أمريكا ويجدد التزامها بالقضية العالمية لمنع
الإبادة الجماعية".
قال توماس دي وال،
الباحث القوقازي ومؤلف كتاب "الكارثة الكبرى: الأرمن والأتراك في ظل الإبادة
الجماعية": "بالنسبة للعديد من الأرمن الأمريكيين، فإن الصدمة التي تم
إنكارها هي صدمة لم يتم حلها، لذا فإن البيان مهم من الناحية النفسية.. انتهى الأمر
ببعض أجدادهم في قبور مجهولة في سوريا أو شرق
تركيا. لقد شعروا أن المعاناة
والخسائر التي تكبدتها عائلاتهم لم تُمنح الأهمية التي تستحقها".
وأشار الرئيس رونالد
ريغان إلى عمليات القتل على أنها إبادة جماعية خلال فترة توليه منصبه، لكن لم يفعل ذلك أي من خلفائه خشية تنفير تركيا، الحليف في الناتو.
وقالت الصحيفة إن العديد
من الرؤساء الأمريكيين السابقين، حتى أولئك الذين وعدوا بالاعتراف بـ"الإبادة
الجماعية" للأرمن خلال الحملة الانتخابية، ظلوا مدركين لهذه الحساسية وبدلا
من ذلك وصفوا الحادثة بأنها "مجزرة" أو "مأساة مروعة".
وإلى جانب التزام
بايدن المعلن بحقوق الإنسان، يقول المحللون إن الرئيس كان أكثر حرية من الرؤساء
الأمريكيين الآخرين بسبب الانجراف المستمر في العلاقات الأمريكية التركية.
قال سونر كاجابتاي،
الباحث المختص بالشأن التركي في معهد واشنطن: "على عكس الرؤساء السابقين
الذين أطلعهم البيروقراطيون على سبب كون تركيا حليفا مهما ولماذا هذا هو الوقت
الخطأ للقيام بذلك، لم يقدَّم لبايدن شيء من هذا في هذه المرة".
وقالت الصحيفة: في
السنوات الماضية، كانت وزارة الدفاع ومكتب الشؤون الأوروبية والأوروبية الآسيوية
بوزارة الخارجية ينصحون الرؤساء بـ"عدم وصف الفظائع بأنها إبادة جماعية. لكن
المسؤولين الأمريكيين، وخاصة في البنتاغون، غاضبون من أردوغان بسبب شرائه نظام
الدفاع الصاروخي الروسي S-400، والذي يقولون إنه لا
يتوافق مع المعدات العسكرية لحلف شمال الأطلسي ويشكل تهديدا لأمن الحلف".
وقال كاجابتاي:
"كانت وزارة الدفاع من أكبر المعجبين بتركيا"، مشيرا أيضا إلى الخلاف
الشديد بشأن تصرفات تركيا في العراق وسوريا. الآن، العكس هو الصحيح".
تناول مكتب الاتصالات
الحكومي التركي هذه القضية بإيجاز في بيان صدر يوم الخميس، نقلا عن أردوغان خلال
اجتماع مع مجلسه الاستشاري الرئاسي في أنقرة قوله إن تركيا "ستواصل الدفاع عن
الحقيقة ضد ما يسمى كذبة الإبادة الجماعية للأرمن وأولئك الذين يدعمون هذا
الافتراء بحسابات سياسية".