أثارت رسالة بعثها
رئيس الوزراء
العراقي مصطفى
الكاظمي إلى
إيران، طالب فيها بكبح جماح المليشيات،
وإلا فإنه مستعد للدخول في مواجهة ضدها، الكثير من التساؤلات حول السيناريوهات
المطروحة، فهل تكون بالفعل رسالته ذات جدوى لردع حلفاء طهران، أم إنها تنذر
بمواجهة محتملة؟
وجاء تحرك الكاظمي، مع
الجولة الثالثة من المحادثات الاستراتيجية مع واشنطن، الأربعاء، وهي الأولى في عهد
الرئيس جو بايدن، وركزت على مجموعة من القضايا، بينها وجود القوات القتالية
الأمريكية المتبقية في العراق، والجماعات المدعومة من إيران التي تعمل خارج سلطة
الدولة.
مضمون الرسالة
وقال مسؤولان عراقيان،
الأربعاء؛ إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، طلب من قادة إيران كبح جماح الجماعات
المسلحة المدعومة من طهران في بلاده، مؤكدا في رسالة شديدة اللهجة إلى طهران، أنه
"سيواجه" الفصائل، حسبما نقلت وكالة "
أسوشيتد برس" الأمريكية.
وأفادت بأن الكاظمي،
أرسل رسالة "شديدة اللهجة" إلى طهران، ردا على العرض العسكري الذي نفذته
الجماعات المسلحة ببغداد، في 25 آذار/مارس الماضي، طالب فيها إيران باستخدام
نفوذها لوقف هذه الجماعات، على حد قول المسؤولين العراقيين اللذين تحدثا شريطة عدم
الكشف عنهما.
وأضاف المسؤولان، أن
الكاظمي هدد في المذكرة "بالإعلان بوضوح عمن يدعم هذه الجماعات"، وقال؛ إنه "مستعد لمواجهتها".
ولم يتضح على الفور
لمن أرسل الكاظمي، لكنها كانت سببا في زيارة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري
الإيراني، إسماعيل قاآني، إلى بغداد، هذا الأسبوع، حيث التقى قادة جماعات مسلحة
وقادة سياسيين، ودعا إلى الهدوء، بحسب سياسي عراقي رفيع المستوى تحدث للوكالة.
خطوة سلبية
لكن الخبير الأمني
العراقي، العميد المتقاعد، أعياد الطوفان، شكك خلال حديث لـ"عربي21" في
موضوع الرسالة بالقول: "لا أعتقد بوجود مثل هذه الرسالة؛ لأنه ببساطة الكاظمي
يمتلك علاقات مع قادة المليشيات المسلحة، وبالإمكان أن يتواصل معهم، ولا علاقة لإيران حتى يطلب منها كبح جماح المليشيات".
من جهته، قال الخبير
الأمني والاستراتيجي، أحمد الشريفي؛ إنها "مجاملة غير مبررة من رئيس الوزراء
إلى إيران، ذلك لأن هناك شأنا داخليّا ومصالح عليا للعراق لا يجوز العبث بها بهذا
الشكل، وأن من يتجاوز على هيبة الدولة العراقية وعلى سيادته يجب ردعه، لا أن
يجري الاتصال بدولة جوار لأخذ الإذن منها
في فرض هيبة الدولة وسيادتها".
وأضاف الشريفي في حديث
لـ"عربي21"، أن "رئيس الحكومة مكلف دستوريا بإنفاذ القانون، لأن الدستور يقول؛ إن المصالح العليا للدولة مؤتمن عليها القائد العام للقوات المسلحة، والمؤسسات التي يفترض أن تؤدي دورها الوظيفي في حماية الجبهتين الداخلية
والخارجية".
وتابع: "لا يجوز
الذهاب إلى إيران وترجّيهم لإسكات فصائل عابثة في مسرح الأحداث بالعراق، فهذه
رسالة سلبية؛ لأننا نمتلك وسائل ردع ولدينا أيضا حوار مباشر مع من يمتلك منهم
تمثيلا سياسيا، وبالإمكان عقد جلسة معهم، ووضعهم وتخييرهم إما بفسح المجال أمامه
لإدارة البلد أو سحب الثقة عنه، أما التدخل في إدارة الدولة، فهذا أمر غير
مقبول".
ورأى الشريفي أن
"هذه الرسالة تعطي رسالة إلى الرأي العام العراقي والمحيط الإقليمي والدول، أننا مرتهنون سياسيا وعسكريا للإرادة الإقليمية، وفي بعض الأحيان نستجدي ونتوسل بها
لتهدئة الساحة العراقية".
سيناريو المواجهة
وبخصوص سيناريو
المواجهة في حال لم يتغير شيء على ضوء الرسالة، قال العميد المتقاعد أعياد الطوفان؛ إن "على الكاظمي مواجهة هذه المليشيات بالفعل وفرض الأمن وهيبة الدولة، دون
الرجوع إلى إيران أو أي أحد في مثل هذه الموضوع".
وأعرب عن اعتقاده بأن
"كل هذه المليشيات تمثل خيوطا بيد إيران، وهي من تديرها ولا أتوقع أنها
ستردعها، بل إنها زادت من تحركاتها في المرحلة الأخيرة بسبب محاولة الكاظمي
إعادة العراق إلى المنظومة العربية وزيارته إلى دول الخليج، وحتى الانفتاح أكثر
على الولايات المتحدة الأمريكية".
واستبعد الشريفي
أن يدخل الكاظمي في مواجهة مع هذه الجماعات، لكنه توقع أن الشعب هو من سيواجهها
قريبا؛ لأن هناك نقمة جماهيرية ستتفجر مجددا وتبدأ بعنوان الفساد وسوء الإدارة
وعدم تحقق العدالة الاجتماعية وتنتهي بمطالب أوسع، منها إعادة فرض النظام واستعادة
هيبة الدولة العراقية من العبث الإقليمي".
وبخصوص حديث الوكالة
أن رسالة الكاظمي كانت سببا في قدوم الجنرال إسماعيل قاآني إلى بغداد، قال الشريفي:
"العراق يؤدي دور الوسيط دائما، وليس دور المستقل الفاعل في الأدوار
الإقليمية والدولة، لذلك يبدو أن هناك مقدمات تمهد للعودة إلى حوار 5 +1، وأن
القناة التي تمثل الوساطة بين إيران والولايات المتحدة هي العراق، وأعتقد أن زيارة
قاآني جاءت لهذا الأمر".
وزاد الشريفي، قائلا:
"أما ما يتعلق بالعراق، فحتى لو كان قاآني زار البلد لهذا الموضوع، فالمفروض
ألا يملي على رئيس الوزراء أي شخص بما فيها الولايات المتحدة؛ لأنها ليست سوى
حليف، وأن الكاظمي هو من يمتلك قراره السياسي والعسكري".
وكان قائد "فيلق
القدس" الإيراني، إسماعيل قاآني، قد أنهى الثلاثاء، زيارة إلى العاصمة
العراقية بغداد استمرت يومين، التقى خلالها مسؤولين عراقيين، وعددا من الشخصيات
الرفيعة في البلاد، وقادة الأحزاب والتيارات السياسية.
وذكرت مواقع إيرانية
وأخرى عراقية، أن "الجنرال الإيراني بحث خلال اللقاءات تطوير العلاقات بين
البلدين وقضايا المنطقة ذات الاهتمام المشترك"، دون الإفصاح عن مزيد من
التفاصيل.