على وقع زيارة رئيس الوزراء
العراقي مصطفى
الكاظمي إلى
السعودية وإبرامه
اتفاقيات عدة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان،
برزت تساؤلات عدة حول مدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع.
واختتم الكاظمي ووفده الوزاري زيارته إلى
الرياض التي استمرت مدة يومين، الأربعاء والخميس، حيث كانت الحصيلة إبرام 5
اتفاقيات ومذكرات تفاهم ركزت في معظمها على الجانب الاقتصادي، إضافة إلى الطاقة
والأمن.
العائق الإيراني
وحول إمكانية تنفيذ هذه الاتفاقيات، قال المحلل
السياسي العراقي، رعد هاشم، في حديث لـ"عربي21"؛ إن "الحكومة
العراقية لم تفلح حتى الآن في تأدية متطلبات أي اتفاقية مع دول الجوار ما عدا
الجانب
الإيراني، وذلك بسبب حجم النفوذ والتأثير الكبير للأخيرة، الذي من شأنه
أن يشجع على تنفيذ الاتفاقيات مع إيران حصرا".
وتابع: "أما مع دول الإقليم والعالم بشكل
عام، فإن إيران تقف عائقا أمام تنفيذ أي اتفاقية أو تفاهمات مشتركة، كونها تعتبر
العراق من حصتها، وأن طبيعة العلاقة السياسية التبعية التي تربط إيران بكثير من
سياسيي البلد النافذين، تحتم عليهم أخذ موافقتها قبل الشروع بتنفيذ أي خطوة باتجاه
تعزيز علاقات العراق مع دول الجوار والعالم".
وأشار هاشم إلى أن "التبعية هذه لإيران، تكلف الشعب العراقي كثيرا؛ لأنها تعيق حركة التنمية وتجعله أحادي الاقتصاد والتجارة
والتعامل مع الجانب الإيراني، وأن القضية هو استغلال العراق لصالح تنفيذ الأجندة
الإيرانية".
ورأى الخبير العراقي أنه "من الصعب تنفيذ
الاتفاقيات مع الجانب السعودي، لكن من السهل على الكاظمي أو أي رئيس حكومة أن يبرم
ما يشاء من الاتفاقيات، فكيف يجري تنفيذها وعلاقة إيران متأزمة مع السعودية، لذلك؛ فعملية تنفيذها صعبة، بل ستجابه بعرقلة كبيرة وستوضع المعوقات أمام تطبيقها".
وأردف: "إذا نظرنا إلى مدة بقاء الكاظمي
في الحكومة، فإنه سيبقى إلى ما بعد الانتخابات (في 10 تشرين الأول/ أكتوبر
المقبل)، بأشهر قليلة، ومن ثم يصار إلى
اختيار حكومة وشخصية أخرى لرئاستها، وربما هذه الشخصية تعيد النظر في هذه
التفاهمات، خاصة إذا جاء رئيس وزراء موال لإيران".
ونوه هاشم إلى أن "المليشيات ستبقى تختلق
مشاكل عدة حتى تحول دون تنفيذ هذه الاتفاقيات، فالكثيرين يرون أن الأجدى برئيس
الوزراء هو حل ملف المليشيات وتحجيمها بدلا من التعامل الدبلوماسي المرن معها،
وإنما تقزيمها ولجمها حتى يتمكن هو وغيره من أن يختطوا طريقا مستقلا سياديا، يمّكن
العراق من تنفيذ التزاماته".
ونصح الخبير العراقي "الدول التي تعقد
اتفاقيات مع العراق، أن تربطها بضوابط والتزامات قانونية دولية وأممية، تجبره رغما
عن إيران ومليشياتها بتنفيذها؛ لأنه لا ضمان لتنفيذ أي اتفاقية تتعارض مع مصلحة
إيران في العراق، وهذه عملية ثابتة يجب أن يعلمها الجميع".
مصالح خاصة
من جانبه، قال المحلل السياسي، حسين السبعاوي،
في حديث لـ"عربي21"؛ إن "رئيس الوزراء الكاظمي في وضع لا يحسد عليه
بخصوص زيارته إلى السعودية وإبرام هذه الاتفاقيات، لكن علينا ألا ننسى أن
المليشيات الموالية لإيران تنظر إلى جانب الاستثمار السعودي في العراق من مصلحة
خاصة".
واستدل السبعاوي على حديثه بالقول: "عندما
أرادت المملكة بناء ملعب كرة قدم في العراق بمنطقة اليوسفية جنوب بغداد- ذات
الغالبية السنية-، جرى بعد الاتفاق تحويل الملعب من هذه القوى الموالية لإيران إلى
منطقة أخرى ذات غالبية شيعية".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "هذه المليشيات تتبع أسلوبا براغماتيا، إضافة إلى جانب الضغط الذي تمارسه من أجل الحصول على
مصالح أكبر، وأن رئيس الوزراء الكاظمي لا يستطيع أن يعقد اتفاقيات دون موافقة
المليشيات".
وبرأي السبعاوي، فإن "ما يهم في زيارة
الكاظمي إلى السعودية هو الوفد الأمني المرافق له، الذي لم يجر التطرق إلى
الجوانب والاتفاقيات الأمنية التي أبرمت خلال هذه الزيارة".
وزاد السبعاوي قائلا: "رافق رئيس الحكومة
إلى السعودية ثلاثة وزراء أمنيين، في حين أن موضوع الزيارة كان كله يحدث عن اقتصاد
وضرائب وغيرها، وأعتقد أن هذا تورية على حقائق الأمور".
تفاصيل الاتفاقيات
وكانت وكالة الأنباء السعودية الرسمية
"واس" قد أصدرت، الأربعاء، بيانا أكدت فيه أن السعودية والعراق وقّعا
على "5 اتفاقيات تعاون، في مجالات مالية وتجارية واقتصادية وثقافية
وإعلامية".
ونسب البيان إلى وزير التجارة والاستثمار
السعودي، ماجد عبد الله القصيبي، القول؛ إن هناك 13 اتفاقية يعكف عليها البلدان في
جميع المجالات. وأضاف أن "هذه الاتفاقيات في مراحلها الأخيرة، وسيكون لها أثر
كبير في رفع مستوى التعاون بين البلدين".
وأعلن القصيبي أن السعودية ستفتتح ثلاث قنصليات
جديدة في مدن عراقية (لم يسمها)، تضاف إلى قنصلية افتتحتها المملكة في بغداد عام
2017، مؤكدا أن "المملكة تنظر
بإيجابية إلى الدعوات المقدمة من الجانب العراقي لزيادة الاستثمارات السعودية في
العراق، لا سيما في المجالات الحيوية مثل الطاقة، وتحلية المياه، والصناعات
الغذائية".
وأوضح أن الاستثمارات السعودية في العراق تبلغ
حاليا ملياري ريال (حوالي 533 مليون دولار)، معربا عن وجود "رغبة حقيقية
لتوسيعها (الاستثمارات السعودية) إلى 10 مليارات ريال (2.7 مليار دولار)".
وأكد القصيبي سعي الجانبين "إلى رفع حجم
التبادل التجاري بين البلدين، بعد فتح منفذ جديدة عرعر، لا سيما وأن لدى المملكة
توجها نحو إنشاء المنطقة اللوجستية وتشغيلها في هذا المنفذ؛ لتكون منطقة اقتصادية
خاصة".
من جهته، قال مكتب الكاظمي، الأربعاء؛ إن
الجانبين اتفقا على "تأسيس صندوق عراقي سعودي مشترك، يقدر رأس ماله بثلاثة
مليارات دولار، إسهاما من السعودية في تعزيز الاستثمار في المجالات الاقتصادية في
العراق، بما يعود بالنفع على الاقتصادين السعودي والعراقي، وبمشاركة القطاع الخاص
من الجانبين".
وشملت الاتفاقيات، التعاون في مجالات الطاقة،
والطاقة المتجددة وتفعيل خطة العمل المشتركة وتسريعها تحت مظلة مجلس التنسيق السعودي
العراقي، مع ضرورة الاستمرار في التعاون وتنسيق المواقف في المجال البترولي، ضمن
نطاق عمل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، واتفاق (أوبك+).
وكذلك اتفق الجانبان على إنجاز مشروع الربط
الكهربائي لأهميته للبلدين، وتعزيز التنسيق في مجال الدعم والتأييد المتبادل في
إطار الدبلوماسية متعددة الأطراف، فضلا عن تعزيز فرص الاستثمار للشركات السعودية، ودعوتها إلى توسيع نشاطاتها في العراق وفي مختلف المجالات، وفي جهود إعادة الإعمار،
بحسب البيان.