فجرت
انتخابات نقابة الصحفيين بمصر جدلا واسعا، لم تقف حدوده عند الوسط
الصحفي، بل امتدت لتشمل الرأي العام، خاصة في ظل دخول السلطة على خط الأزمة، ودعمها
للنقيب الحالي و الموالي لها ضياء رشوان، الذي يحاول تأجيل الانتخابات بحجة فيروس كورونا.
يقابله على الطرف الآخر كتلة ليست بالقليلة بالجمعية العمومية، ترفض
التأجيل، وتصر على إجراء الانتخابات في موعدها طبقا لقانون النقابة، متهمة النقيب الحالي
بالتهرب من الانتخابات خوفا من خسارتها.
وتشتد وطأة التجاذب بين الطرفين، سواء برفع دعاوي قضائية للتأجيل، أو
تقديم طعون في النقيب الحالي لمنعه من الترشح.
وخلال الأيام الماضية، تم فتح باب الترشح لانتخابات نقابة الصحفيين، التي
تشمل مقعد النقيب ونصف المجلس، ولكن تجري محاولات "مستميتة" من النقيب والسلطة
الداعمة له لتأجيل الانتخابات؛ خوفا من إطاحة الجمعية العمومية به.
وفي هذا السياق، قام النقيب ومجلسه باستطلاع رأي مجلس الدولة بشأن الانتخابات،
والذي رد بعدم ملاءمة نظر هذه، الأمر الذي أجبر النقيب واللجنة المشرفة على الانتخابات
بفتح باب الترشح والدعوة لجمعية عمومية.
ولكن تم الالتفاف مرة أخرى على موعد الانتخابات بتحريض بعض الصحفيين
المحسوبين على السلطة والنقيب بإقامة دعاوي قضائية لوقف الانتخابات، فقامت الجهة الرافضة
للتأجيل بالطعن على أحقية النقيب ضياء رشوان للترشح، وهو الطعن الذي تقدم به المرشح
المنافس له كارم يحيى استنادا لقرار الجمعية العمومية بهذا الخصوص.
"محاولات لتجميد النقابة"
وفي سياق تعليقه على ما يجري، يقول الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى
للصحافة، قطب العربي، إن ما يجرى في نقابة الصحفيين من محاولات تأجيل الانتخابات "يأتي
ضمن الإرادة السلطوية لتجميد النقابة، وهو ما بدأ بوقف الندوات، ومنع الوقفات على سلالمها،
ثم عمل سقالات لا لزوم لها، وبوابات إلكترونية، وغلق كافتيريا النقابة"، مضيفا
أن الجمعية العمومية "تدرك هذه الألاعيب جيدا، وتحاول التصدي لها بكل الطرق، لأنها
تعلم أن هذه الخطوة معناها إنهاء دور الجمعية، خاصة إذا كان شأنا يهمها ومن حقها وهو
إجراء الانتخابات".
وأكد العربي لـ"عربي٢١" أن الصحفيين الآن "أمام خطوة
جديدة في مسار تجميد النقابة بمنع إجراء الانتخابات بحجج واهية ومفضوحة بدعاوي كورونا،
رغم أن هذا الوباء لم يمنع باقي الاجتماعات العامة في
مصر ومنها انتخابات مجلسي النواب
والشيوخ وانتخابات نقابات مهنية أخرى إحداها نقابة المحامين الملاصقة لنقابة الصحفيين،
والتي تبلغ عضويتها أضعاف نقابة الصحفيين، كما أن الكورونا لم تمنع عزم السلطة على
إجراء امتحانات الطلاب حضوريا وهم بالملايين".
مضيفا: "تستخدم السلطة بعض رجالها في النقابة لمحاولة التأجيل
عبر ألاعيب منتهية الصلاحية، فتلجأ لمجلس الدولة مرة، ومرة تلجأ لوزارة الصحة ثم الداخلية،
بينما يحدد القانون الجهة المختصة بترتيبات الانتخابات، وهي النقابة ذاتها دون غيرها".
"الانتخابات حق أصيل للجمعية العمومية"
بدوره، وصف عضو لجنة الحريات بنقابة الصحفيين أحمد فراج ما يجرى من محاولات
تأجيل انتخابات النقابة دون باقي الانتخابات الأخرى بمصر بأنها "محاولة للالتفاف
على إرادة الصحفيين، ونزع حق أصيل من حقوق الجمعية العمومية، والاعتداء على قانون والنقابة
ولائحتها، التي توجب إجراء الانتخابات في موعدها، وهو ما تخشاه السلطة وتحاول منعه أو
تأجيله على الأقل بحجة فيروس كورونا".
وأضاف: "الغريب أنه في ظل انتشار كورونا، عقدت انتخابات النواب
والشيوخ ونقابة المحامين، وأن المستهدف هو نقابة الصحفيين وإرادة أعضائها".
وحول إمكانية اختبار نقيب بديل للنقيب الموالي للنظام، أكد فراج لـ"عربي٢١"
أن هذا ليس هو الهدف بالمقام الأول، وإن كان هذا ممكن إذا توحدت إرادة الصحفيين، ولكن
الأهم هو التأكيد على حق الجمعية العمومية الأصيل في عقد انتخاباتها دون التدخل من
أي جهة، وكذلك التصدي للتغلغل الحكومي داخل النقابة وتعطيل دورها مؤخرا، وهذه نقطة
مفصلية بين الصحفيين والنظام، بمعنى أنه لو نجحت الجمعية العمومية في عقد الانتخابات، فسيكون نجاحا يحسب لها، ويوقف تغول السلطة على النقابة، وربما تكون بداية جادة لاستعادة
إرادة النقابة، وربما يسفر على الأقل عن الإطاحة بالنقيب الحالي، وصعود أحد المرشحين
المنافسين له".
"محاولات للهروب"
أما المر شح لعضوية المجلس ياسر سليم، فأكد أن ما يجرى يعكس قلقا وذعرا
كبيرا من جانب النقيب الحالي وبقية أعضاء المجلس الذين انتهت عضويتهم، لأسباب كثيرة، منها أن "هؤلاء لم يقدموا شيئا يذكر في دورتهم السابقة، وبذلك هم يقاتلون باستماتة
للتأجيل والمد لهم سنتين أخريين، والسبب الآخر تخوفهم من محاسبة الجمعية العمومية لهم، وكشف أدائهم، الهزيل واستبدالهم بآخرين، لذا هم يحاولون بكل الطرق تأجيل الانتخابات،
سواء بحجة كورونا أو بدفع آخرين برفع دعاوي قضائية".
وأضاف لـ"عربي٢١": "لا نريد أي مزايدة من أي أحد بشأن
الخوف على صحة الزملاء بسبب كورونا، فنحن جميعا كمرشحين وأعضاء جمعية عمومية نضع هذا
في المقام الأول، وتحقيقه يمكن بأكثر من طريقة ليس من بينها تأجيل الانتخابات، بمعنى
أنه يمكن إجراء الانتخابات في موعدها بطرق آمنة، من قبيل التصويت الإلكتروني، أو إقامة
سرادق أمام مبنى النقابة، أو نقلها لنادي الصحفيين، وهذه كلها حلول متاحة، ولكن رغبة
النقيب وباقي الأعضاء المنتهية مدتهم تلاقت مع رغبة السلطة في التأجيل".
فتح باب الترشح
وفي المقابل، قال وكيل أول النقابة والمشرف على لجنة الانتخابات، خالد
ميري، إنهم يحاولون الموازنة ما أمكن بين إجراء الانتخابات والحفاظ على صحة الزملاء
أعضاء الجمعية العمومية، "وإننا كلجنة مشرفة نحاول أن نؤدي دورنا بأمانة، ودليل
ذلك هو فتح باب الترشح، وكذلك الدعوة لحضور الجمعية العمومية أول آذار/ مارس القادم،
وبذلك نكون قد طبقنا قانون النقابة ولائحتها".
وأضاف في تصريحات صحفية: "ما يقال إن هناك نية مبيته بشأن تأجيل
الانتخابات غير صحيح، وما جرى بشأن استطلاع رأي مجلس الدولة ووزارة الصحة والداخلية
هو إجراء طبيعي؛ لأنها الجهات المنوطة بقانونية الانتخاب من ناحية، وكذلك الوضع الصحي
والأمني من ناحية أخرى".