هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على غير العادة؛ تحدث رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي
عن المعارضة، ولكنها معارضة مثالية من وجهة نظره، تخضع لشروط محددة حتى يمكن قبولها،
وسط ردود فعل واسعة من المعارضين المصريين الذين استغربوا تلك الشروط.
وقال السيسي خلال كلمته في افتتاح عدد من المشروعات الصحية
الجديدة في محافظة الإسماعيلية: "الناس تتكلم عشان تقولك خلي بالكم بصوا هنا..
عندنا مشكلة، وده أمر بنقبله من أي حد بس بشرط يبقى فاهم هو بيقول إيه". أي لا
بد أن يكون المعارض بصيرا عارفا لما يقول.
وأضاف أن من حق الناس التعبير عن رأيهم وأن يعارضوا، وأن تكون
هناك معارضة صحيحة، ولكن الهدف يجب أن يكون "تحسين أحوال الناس وحياتهم.. الهدف
كده مش المعارضة للمعارضة ومش التعبير عن الرأي علشان الناس تتكلم".
"رؤية المستبد للمعارضة"
وصف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور عصام
عبد الشافي، حديث السيسي عن المعارضة السياسية بأنه "تأكيد لما تقوم عليه رؤيته
للحكم، القائم على الفرد المستبد الذي لا يقبل بالمطلق بأي شكل من أشكال المعارضة".
وأوضح لـ"عربي21": "السيسي الذي قام بتأميم
العملية السياسية بالكامل، وقامت أجهزته الأمنية والمخابراتية بتشكيل المؤسسات السياسية،
وتأسيس وتملك المؤسسات الإعلامية، واعتقال آلاف الشخصيات الرافضة لانقلابه العسكري،
من بينها شخصيات كانت داعمة له في بداية انقلابه، لا مجال عنده ليس فقط للمعارضة بل
وأيضاً لمجرد التحفظ على سياساته وقراراته".
وبيّن عبد الشافي أن "المعارضة التي يريدها السيسي هي
نماذج كرتونية، يقوم بتوزيع الأدوار عليها، وتوجيهها من الخلف عبر أذرعه الإعلامية،
وشؤونه المعنوية التي تملي على الجميع ما يجب أن يقوله، إعلامياً كان أو سياسياً، للدرجة
التي يمكن معها القول فعلياً بموت السياسة والإعلام في مصر، وبقاء مجموعة من الأذرع
التي يحركها السيسي وأجهزته".
وسخر معارضون مصريون من حديث السيسي عن المعارضة وأشكالها
وأهدافها في ظل حالة القمع الشديدة التي يمارسها بحق مواطنيه منذ الانقلاب العسكري
في 2013، ولا يسمح بوجود أي شكل من أشكال المعارضة حتى المؤيدة للانقلاب.
"حيرة نظام السيسي"
استبعد السياسي المصري، والمتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم
أبو زيد، أن يكون حديث السيسي عن المعارضة جادا، وقال إن "السيسي بطبيعته العسكرية
لا يقبل المعارضة ولا يفهمها، ومن ثم هو يحاول أن يتجمل بادعائه قبول المعارضة، ثم
يضع شرطه عليها ليغلق الباب، ويمنع المعارضة".
وفي حديثه لـ"عربي21" اعتبر أن "مسألة تصوره
لقبول معارضة كهذه بعيدة جدا، والأشد بعدا أن تكون معارضة إسلامية؛ فالسيسي والنظام
العسكري الذي تربي فيه رافض للإسلام كدين يمكن أن يشارك في حياة المجتمع".
وعن سبب حديثه عن المعارضة، أكد أبو زيد أن "كل ما في
الأمر أن السيسي خائف من الأوضاع المستقبلية، فهو تائه الآن بين الاستمرار في طريقته
القمعية والبطش والاستخفاف بالمصريين، وبين أن يفتح بابا يمتص به حالة الغضب، وفي الأغلب
أنه لن يتراجع وسيمضي في طريق البطش، لكن عواقب القهر الاقتصادي على الشعب أشد ما يكون".
"مسار قمعي مرسوم"
من جهته؛ طالب السياسي محمد شريف كامل بعدم الانجرار وراء
"ما يسمى" بالضغوط الأمريكية على السيسي من أجل تغيير نهجه القمعي،
مضيفا: "علينا ألا نتوهم أن هذا الضغوطات سوف تسفر عن أي شيء إلا بعض الظواهر
التي يسميها هو معارضة".
وقال لـ"عربي21": "هذه المعارضة المطلوبة
بمواصفات محددة هي التي قد يُسمح لها بالحديث في شؤون لا قيمة ولا تأثير لها على حياة
المواطن ومستقبل الأمة، أو تنال من نظام الحكم والرئيس والحكومة كما هو متعارف عليه".
وتابع: "قد يسمح ذلك للسيسي بأن يدعي أمام المجتمع الدولي
أنه أحدث بعض التقدم وأنه قد جلب لمصر مساحة من حرية الرأي ويسمح للغرب بالحفاظ على
صورته وكأنه حقق شيئا، ويستمر السيسي في مساره المرسوم لتدمير مصر".
اقرأ أيضا: سياسيون: نظام السيسي يسخر سلاح الجنسية لعقاب معارضيه