هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذّرت رسالة حقوقية تحمل توقيع أكثر من 100 منظمة حقوقية دولية
بارزة، الثلاثاء، وزراء خارجية الحكومات حول العالم من مساعي حكومة رئيس الانقلاب عبد
الفتاح السيسي للقضاء على حركة حقوق الإنسان في مصر، وذلك قبل أيام من بداية الجلسة
العادية الـ 46 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والمقرر أن تبدأ في 22 شباط/ فبراير
2021.
وطالبت الرسالة، التي اطلعت "عربي21" على نسخة
منها، حكومات العالم بدعم وقيادة المطلب الخاص بتشكيل آلية رصد وإبلاغ أممية حول حالة
حقوق الإنسان الآخذة في التدهور في مصر، مؤكدة أن تشكيل هذه الآلية يُعدّ "خطوة
مهمة نحو تسليط الضوء على الانتهاكات والجرائم المرتكبة، وتقديم سبل انتصاف للناجين
وأهالي الضحايا، ودرء المزيد من الانتهاكات، وفتح مسارات نحو المحاسبة".
"استبداد غير مسبوق"
من جهته، قال الحقوقي المصري البارز ومدير مركز القاهرة لدراسات
حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، إن "المصريين عاشوا في الماضي في ظل حكومات مستبدة،
لكن المستويات الحالية من الاستبداد غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث"، مشيرا إلى
أن "العواقب ربما تكون مرعبة على حقوق الإنسان وعلى الاستقرار الإقليمي".
جدير بالذكر أنه في آب/ أغسطس من العام الماضي حُكم على بهي
الدين حسن بالسجن 15 عاما غيابيا أمام "دائرة إرهاب" في مصر، جراء دفاعه
عن حقوق الإنسان.
بدوره، طالب مدير مكتب جنيف في منظمة "هيومن رايتس ووتش"،
جون فيشر، الحكومات في مجلس حقوق الإنسان الأممي بأن توجّه "رسالة تأخرت كثيرا
إلى الحكومة المصرية، بأن الانتهاكات تخضع وستخضع للرصد والإبلاغ، وأن المصريين الشجعان
الذين يواجهون الاضطهاد كل يوم ليسوا وحدهم في نضالهم".
كما شدّد ممثل منظمة العفو الدولية أمام الأمم المتحدة في
جنيف، كيفين ويلان، على أن "بقاء حركة حقوق الإنسان في مصر، والتي تعاني أشد المعاناة،
على المحك"، داعيا أعضاء المجتمع الدولي إلى "دعم جهود تشكيل آلية رصد وإبلاغ
بمجلس حقوق الإنسان فيما يخص الوضع في مصر، وتوجيه رسالة بأن تجاهل مصر لحقوق الإنسان
أمر لن يستمر تجاهله أو تقبله".
في الرسالة الحقوقية، أشارت المنظمات الدولية من شتى أنحاء
العالم إلى أنه "لا يمكن أن نضمن نجاة حركة حقوق الإنسان المصرية في الفترة المقبلة
إلا عبر تحرك مستمر ودؤوب".
"مفترق طرق حرج"
وأكدت الرسالة أن "نضال حقوق الإنسان في مصر وصل إلى
مفترق طرق حرج، إذ أدى تقاعس شركاء مصر والدول أعضاء مجلس حقوق الإنسان عن التحرك إلى
مزيد من تشجيع الحكومة المصرية وجهودها لإسكات أي معارضة وتهشيم أوصال المجتمع المدني
المستقل".
وتضيف الرسالة: "بعد عشر سنوات من انطلاق الانتفاضة
التي اندلعت في كافة أنحاء مصر عام 2011، وأسفرت عن عزل الرئيس حسني مبارك، يعيش المصريون
في ظل حكومة قمعية تخنق كافة أشكال المعارضة والتعبير السلمي، إلا أن الأسابيع الأخيرة
أكدت أن التحرك الجماعي ممكن، وذو أثر".
وتابعت: "تمثل أعمال الاعتقال والتحقيق مع كبار المسؤولين
بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وتجميد أصولهم المالية ضمن إجراءات مسيئة أمام
(دائرة إرهاب) بالمحكمة الجنائية، هجمة بغيضة وغير مقبولة ضد أحد أبرز منظمات حقوق
الإنسان في البلاد"، مضيفة: "هذا الأمر يُظهر تصميم الحكومة المصرية على
تصعيد هجماتها المستمرة والواسعة والممنهجة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع
المدني".
"حملات قمع متزايدة"
ولفتت إلى أنه "منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي عن
السلطة في تموز/ يوليو 2013، شنّت السلطات المصرية حملة قمعية تزداد قسوتها بحق المدافعين
عن حقوق الإنسان وعلى الحقوق المدنية والسياسية. وهناك آلاف المواطنين المصريين –بينهم
مئات المدافعين عن الحقوق والصحفيين والأكاديميين والفنانين والساسة– تعرضوا للاحتجاز
التعسفي، بناء على اتهامات جنائية متعسفة أو عبر محاكمات مجحفة في أغلب الحالات".
وأردفت: "لقد دأبت قوات الأمن المصرية على تعريض هؤلاء
المحتجزين بشكل ممنهج للمعاملة المسيئة والتعذيب. وقد حذر خبراء الأمم المتحدة من أن
الظروف المتدهورة بشكل كارثي في السجون المصرية قد عرضت حياة وصحة المحتجزين للخطر،
فضلا عن إخفاء نشطاء سلميين آخرين قسريًا، لم يتم الكشف مطلقاً عما حدث لبعضهم رهن
هذا الإخفاء".
وأكملت: "في هذه البيئة شديدة القمع، اضطرت منظمات حقوقية
عديدة إلى إغلاق أبوابها، أو تقليل أنشطتها، أو العمل من خارج البلاد، أو العمل تحت
تهديد دائم بالاعتقال والمضايقات. وعادة ما تستعين الحكومة المصرية بقوانين مكافحة
الإرهاب لتبرير هذه الانتهاكات وتجريم حرية تكوين الجمعيات والتعبير عن الرأي".
وأشارت إلى أن "خبراء الأمم المتحدة حذّروا من توظيف
مصر لدوائر الإرهاب بالمحاكم الجنائية لاستهداف المدافعين عن الحقوق، ولإسكات المعارضين،
وحبس النشطاء أثناء جائحة كورونا".
واستطردت الرسالة الحقوقية: "في مواجهة هذه التحذيرات
المتكررة، يتحمل مجلس حقوق الإنسان مسؤولية التحرك لضمان إعداد التقارير بشكل فعال
وتفعيل المتابعة والرصد الدوليين لحالة حقوق الإنسان المتدهورة في مصر، على النحو المشار
له ضمن مطالب المنظمات في رسالتهم اليوم لوزراء الخارجية".
اقرأ أيضا: مصر في "قاع" مؤشرات الديمقراطية والحريات وسيادة القانون