هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أصدرت 3 منظمات حقوقية دولية تقريرها عن عقد كامل لحقوق الإنسان في مصر، إلى جانب أوضاع المصريين السياسية والاقتصادية، بداية من ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011 حتى 25 كانون الثاني/ يناير 2021، بعنوان "العشرية السوداء لحقوق الإنسان في مصر".
التقرير أصدرته مؤسسة "نشطاء لحقوق الإنسان" في كندا، والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان في سويسرا، و"المؤسسة العربية الأهلية" في تركيا.
ويتابع التقرير الذي أعدت "عربي21"، ملخصا منه، تطورات حياة المصريين منذ ثورة يناير 2011، وحتى الآن، وتجلياتها التي وصفها بالمؤلمة في "حقوق الإنسان والحريات الأساسية لقطاعات الشعب وتشكيلاته السياسية والاجتماعية التي تم تغييبها والانقضاض على حقوقها وحريتها في العيش والكرامة الإنسانية والعدالة في عشر سنوات".
"الأسوأ بالتاريخ"
وحول الحقوق المدنية والسياسية للمصريين، وصف التقرير الفترة بأنها "الأسوأ لحقوق الإنسان في التاريخ"، مضيفا أنه "بالنظر لما شهدته البلاد من أحداث فقد تم القضاء على كل ما اعتقدت الجماهير أنها استحقاقات ثورية ومكاسب يمكنها البناء عليها لتحقيق أهداف 25 يناير".
وبشأن القوانين والتشريعات خلال تلك السنوات، أشار التقرير إلى قيام السلطات بتعديل الدستور عام 2014، وكافة القوانين والتشريعات المتصلة بحرية الرأي والتعبير، والحق بالتجمع والتظاهر، وتكوين الجمعيات، والترشح ومباشرة الحقوق السياسية، وتأسيس النقابات المستقلة، والتقاضي ودستورية القوانين.
اقرأ أيضا: خاص: قيادات بالداخلية المصرية تعترف بالتورط بـ"موقعة الجمل"
وأكدت المنظمات الثلاث أن السلطات وضعت تعديلات للدستور، مثل مواد "مدة حكم الرئيس"، وتعيين رؤساء الجهات الرقابية، والمحاكم العليا، وتغول القوات المسلحة، كالمادة (141) الخاصة بمد فترة الرئيس لـ6 سنوات بدلا من 4، والمادة (241 مكرر)، بمد فترة حكم الرئيس الحالي إلى 2030.
"قوانين تكبيل الحريات"
ولفت إلى عدد كبير من القوانين المكبلة للحريات مثل "قانون الجمعيات الأهلية"، (70 لسنة 2017)، "قانون تأميم العمل الأهلي"، معتبرة أنه الأسوأ في مصر، إلى جانب "قانون التظاهر"، (107 لسنة 2013)، وكذلك "قانون الطوارئ"، الذي يتم تجديد العمل به كل 3 أشهر، والذي كان آخر مد له 24 يناير 2021.
وذكر التقرير أيضا قوانين "النقابات المستقلة" (142 لسنة 2019)، و"الإجراءات الجنائية" حول مواد الحبس الاحتياطي والتدابير الاحترازية ومواد مكافحة الإرهاب، وكذلك قانون "مكافحة الإرهاب"، (94 لسنة 2015).
وحول أداء السلطة التنفيذية بالسنوات العشر، أكد التقرير وجود ما بين 60 إلى 70 ألف سجين سياسي، وأكثر من 1002 حالة وفاة بالسجون المصرية بسبب الإهمال الطبي والتعذيب.
وأكد أن قرارات السلطات بالمنع من السفر خارج البلاد أهم الأدوات القمعية ضد المعارضين السلميين والحقوقيين والنشطاء، لافتا لإغلاق السلطات وحجب المواقع الإلكترونية (563 موقعا) وجميعها مواقع صحفية مستقلة وحقوقية وعالمية توجه انتقادات لأداء السلطات.
وتحدث التقرير أيضا عن إغلاق وتكميم المنظمات الحقوقية وحصار الأحزاب والنقابات، والقيود والضغوط التي مورست على العاملين بها، والزج بهم في قضايا وتحقيقات ومصادرة للأصول والأموال والممتلكات، والاعتداء على المعارضين وحبسهم، وارتفاع معدل انتهاكات حقوق الإنسان اليومية.
"قوانين أفقرت المصريين"
وقال بشأن الحقوق الاقتصادية إن الديون ذهبت غالبيتها لمشارب الفساد، مشيرا لإحصائية بنك “كريدي سويس" السويسري ديسمبر 2020، حول توزيع الثروة العالمية لعام 2019، والذي أكد وجود 11 مصريا فقط تتجاوز ثرواتهم 500 مليون دولار، و86 مصريا ثرواتهم بين 100 و500 مليون دولار، مشيرا لزيادة نسب الفقراء.
وألمح التقرير إلى أن سياسات السلطة أضرت بالمصريين مؤكدا أنه "لم يسبق لنظام حكم عبر التاريخ أن قام بتجويع الشعب المصري كما هو حاصل الآن".
وأشار إلى القوانين والتشريعات التي أثرت على حياة المصريين وأفقرتهم مثل "قانون التصالح على المباني"، وما تلاه من هدم للبيوت، وقوانين وقرارات رفع الأسعار وفواتير الكهرباء والتليفون والإنترنت والغاز، وزيادة الضرائب ورسوم الخدمات، وعدم تطبيق قوانين الحد الأدنى والأقصى للأجور، وقانون تعويم العملة.
وذكر التقرير أيضا "قانون المزايدات والعطاءات والمناقصات" التي تتم لصالح القوات المسلحة، وقرارات رئيس الجمهورية بتخصيص أراضي الدولة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وقوانين زيادة مرتبات ومعاشات الجيش والشرطة والقضاة دون الفئات الوظيفية الأخرى.
"سيطرة الجيش"
وألمح إلى خطورة "قرارات الاستدانة والقروض"، و"قوانين الاحتكار"، وتدمير المصانع الحكومية لصالح رجال الأعمال والقوات المسلحة، وتقليص أنشطة القطاع الخاص نتيجة منافسة القوات المسلحة، وإعفاء مصانعها ومنتجاتها من الضرائب والجمارك، والتوسع في الصناديق الخاصة والسيادية بعيدا عن رقابة أجهزة ومؤسسات الدولة.
وأكد التقرير أن سيطرة القوات المسلحة على مقدرات الدولة قفز منذ تولي عبد الفتاح السيسي، وأنه تم تهميش القوى والمؤسسات والخبرات المدنية لصالح الجنرالات والمؤسسة العسكرية و"إمبراطورية الجيش" العسكرية، مع غياب الشفافية، والسرية التامة التي تحيط بالنشاط الاقتصادي للجيش.
وأشار إلى "تعديل المادة 200 من الدستور المصري لتعطي الحق للقوات المسلحة في حماية وصون الديمقراطية ولكبح جماح أي تغيير سلمي أو احتجاجي من جانب 100 مليون مصري".
وتحدث التقرير عن خطورة تأسيس "صندوق مصر السيادي"، عام 2018 لتنقل إليه ملكية الأصول غير المستغلة بالدولة، وبرأس مال يصل 200 مليار جنيه مصري، وقانونه الذي منح رئيس الجمهورية حق نقل ملكية أصول الدولة للصندوق، وكذلك تحصين قرارات نقل الملكية إلى الصندوق.
اقرأ أيضا: محكمة تبرئ 43 مصريا بحضور حقوقيين أجانب ثم تعيد حبسهم
وعلى المستوى الإقليمي والدولي تحدث التقرير عن أزمات عصفت بمصر وهددت حياة المصريين، مثل أزمة سد النهضة ومياه النيل، مؤكدا أن "أزمة سد النهضة ما زالت بعد 10 سنوات من ثورة يناير تتفاقم ويتوالى تهديد مصر بالعطش دون أي خطوات عملية للحل".
ولفت كذلك إلى أزمة تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية عام 2016، وأكد أن الأزمة توضح أن النظام المصري لا يهتم ولا يحترم أحكام القضاء.
وقدم التقرير 28 توصية أهمها "إعادة النظر بالتشريعات التي تمثل تقنينا لحالات القمع وتنتهك معايير حقوق الإنسان"، و"التعامل بجدية مع الإجراءات الخاصة والمقررين الخواص والمفوضية السامية لحقوق الإنسان"، و"إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والمحبوسين احتياطيا بالسجون والمعتقلات".
"عشرية مظلمة"
وفي تعليقه على التقرير قال وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري السابق، الدكتور عز الدين الكومي: "حلمنا بعد ثورة يناير بتحقيق مطالب العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ولكن المجلس العسكري الذي يعتبر نفسه وريث مبارك لم يرد ترك السلطة، وارتكب المذابح بحق الثوار".
وأضاف لـ"عربي21"، أن حقبة العشرية التي ذكرها التقرير غلب عليها انتهاك حقوق المصريين، باستثناء سنة حكم الرئيس محمد مرسي، التي شهدت فيها حالة حقوق الإنسان انتعاشة غير مسبوقة، ولم يُكسر قلم ولم يعتقل صاحب رأي.
وأشار إلى أنه "مع الانقلاب العسكري، تم تشويه ثورة يناير حيث أصبحت شماعة فشل النظام، وتدهورت حقوق الإنسان بتمديد حالة الطوارئ، وبحزمة قوانين سيئة السمعة، وبمنح الضبطية القضائية لمن يدور بفلك النظام، واعتقال معارضي النظام، والتنكيل برموز الثورة حتى من دعم الانقلاب".
وألمح إلى زيادة "الوضع سوءا من الناحية الحقوقية والقانونية عن زمن مبارك، عبر أحكام الإعدام من قضاء مسيس، ومحاكمات هزلية تفتقد أبسط قواعد العدالة، وممارسة القمع بكافة صوره، والقتل خارج إطار القانون، والتعذيب الممنهج بالسجون (المسالخ البشرية)".
وأكد أن "سجل النظام الحالي غلب على العشرية السابقة فجعله مظلما رغم ما واجهه من انتقادات، آخرها قرار البرلمان الأوروبي ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بخصوص قضية ريجيني، ما يجعل هذا النظام مسجل خطر".