تقارير

"السُمْاقِيّة" أكلة تُراثية فلسطينية لا يطبُخُها إلا الغزيون

السُمْاقِيّة واحدة من أهم الأكلات التراثية والمتأصلة في التاريخ والثقافة الشعبية الفلسطينية (عربي21)
السُمْاقِيّة واحدة من أهم الأكلات التراثية والمتأصلة في التاريخ والثقافة الشعبية الفلسطينية (عربي21)

تعتبر "السُماقِيّة" واحدة من أهم الأكلات التراثية والمتأصلة في التاريخ والثقافة الشعبية الفلسطينية، والأكثر شعبية وشهرة وتؤكل باردة، وتتميز بها مدينة غزة عن بقية المدن الفلسطينية ولا يعرفها إلا "الغزازوة" أبناء المدينة التاريخية.

وسُميت "السُمْاقِيّة" بهذا الاسم لاستخدام مادة السُمْاق في إعدادها، وتجمع في طعمها بين الحداقة والحرارة بما يتناسب مع الذوق الغزاوي.

 

 


وقال الكاتب والإعلامي الفلسطيني هشام ساق الله: "يتميز المطبخ الغزاوي بمأكولات لن تجدها سوى في قطاع غزة، ولا يعرفها سوى سكانه، دون باقي سكان المدن الفلسطينية بل والكرة الأرضية، ومن أهمها (السُمْاقِيّة)، فهي ماركة مسجلة باسم الغزازوة".

وأضاف ساق الله لـ "عربي21": "لا يوجد تاريخ محدد لأكلة السُمْاقِيّة، فهي أكلة متوارثة عبر الأجيال من أجدادنا، ولكنها ذُكرت في كتاب الطبيخ للشيخ محمد بن الحسن البغدادي عام 1225م."

وشدد على أنها أكلة شعبية تحظى باهتمام خاص لدى الغزيين، ويحرصون على أن تكون حاضرة في العديد من مناسباتهم، إلى جانب أنها تتمتع بقيمة غذائية كبيرة لما تحتويه من أصناف عديدة.

وأكد على أن سكان مدينة غزة يحرصون على طهي "السُمْاقِيّة"، لما فيها من فوائد وقيمة غذائية، مشيرا إلى أنها تطهى عشية عيد الفطر لأنها تكون خفيفة على المعدة بعد شهر من الصوم.

وقال ساق الله: "أصبحت أكلة "السُمْاقِيّة" عرفًا في كل الأفراح والمآتم في غزة، ويحرص سكانها على توزيعها على جيرانهم".

 



واعتبر الدكتور يحيى الكيالي، أخصائي طب الأعشاب والتغذية العلاجية أكلة "السُمْاقِيّة" بأنها ذات قيمة غذائية عالية لاحتوائها على عناصر غذائية متنوعة تشمل الدهون والبروتينات والكربوهيدرات والمعادن والأحماض الأمينية والطاقة والكثير من الفيتامينات المهمة مثل فيتامين أ و ج و د بالإضافة إلى الكالسيوم والحديد والألياف.

وقال الكيالي لـ "عربي21": "طبق السُمْاقِيّة طبق متكامل من ناحية القيمة الغذائية المتنوعة والمهمة لصحة الإنسان، فهو يحتوي على نسبة عالية من الدهون وخصوصا في حالة استعمال لحم الغنم أو الضأن".

وأشار إلى أنه يفضل طبخ "السُمْاقِيّة" عشية عيد الفطر لأنها خفيفة على المعدة وسهلة الهضم وتساعد على فتح الشهية بعد شهر من الصيام ولاحتوائها على كافة العناصر الغذائية المفيدة للجسم.

وأكد الكيالي على أن المكونات التي تدخل في صناعة "السُمْاقِيّة" سواء السُماق أو السلق أو البصل أو الزيت أو طحينية السمسم لها فوائد كبيرة للجسم؛ وتحتوي على الفيتامينات وتمد الجسم بمضادات الأكسدة، إضافة إلى فوائد البصل والثوم، وعصارة السمسم، والذي يحتوي على نسبة عالية من الكلسيوم.

 


وشدد على أن السُماق الذي هو أهم مكونات هذه الطبخة واشتق اسمها منه له فوائد كثيرة للجسم؛ فهو يحتوي على حمض الخليك المضاد للبكتيريا والفيروسات، ويحتوي على الأوميجا 3؛ والتي تقي الإنسان من أمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم.

وغالبا ما يجتمع عدد من النسوة مع بعضهن في أحد البيوت التي تنوي إعداد طبخة "السُمْاقِيّة"  لمناسبة ما، ويوزعن في ما بينهن المهمات حتى يتم الانتهاء من الطبخة ووضعها في الأطباق، ويفضلن أن تشرف السيدات كبار السن عليها لتنال البركة.

وتعتبر "السُمْاقِيّة" أكلة بسيطة في مركباتها لكنها عظيمة في فائدتها ومذاقها، كما أن طبق السماقية يعد من أكثر أنواع الأطباق صمودًا في كافة الظروف الجوية، وقد يصمد أسبوعًا دون حفظه في الثلاجة.

 



وبحسب الشيف هدير زيدان فإن طبخة "السُمْاقِيّة" تتكون من: السُماق الحب، السلق مقطع، البصل، اللحم، الحمص بعد نقعه، الطحينية الحمراء، الثوم، عين الجرادة الناشفة، الشطة، الدقيق، زيت الذرة، وزيت زيتون.


وعن خطوات طهي "السُمْاقِيّة" قالت زيدان لـ "عربي21": "نضع قدرا على النار ونفرم البصل ونضع عليه الزيت، ثم يتم إضافة اللحمة ويتم تسويتها قليلا مع البصل ومن ثم يتم وضع السلق المفروم بحجم 2 سم".

وأضافت: "يتم فيما بعد هرس الثوم والفلفل الأخضر وعين الجرادة والشطة الخشنة مع ملح ويتم إضافتهم عليهم ومن ثم يتم وضع حمص المنقوع مع التحريك، ثم نضع السُماق بعد تصفيته من الماء، وقليل من الدقيق وبقية المكونات مثل الطحينية مع التحريك المستمر حتى تستوي، ثم يتم سكبها في الأطباق".

أما الشيف أنيس أبو غنيمة والذي يعمل في مطعم ريف المدينة بغزة والذي يقدم الأكلات التراثية والشعبية، فأكد على أن "السُمْاقِيّة" واحدة من الأكلات المطلوبة لديهم في مطعم ريف المدينة وتصنع حسب طلب الزبائن بوقت.

وقال أبو غنيمة لـ "عربي21": "إن طهي هذه الأكلة التراثية يتفق مع فلسفة مطعم ريف المدينة الذي هو مخصص لتقديم مثل هذه الأكلات سواء داخل المطعم أو حسب طلبات الزبائن خارجه والسُمْاقِيّة واحدة منها".

وأضاف: "هذه الأكلة تقدم باردة وتؤكل بالخبز، ويقدم معها مقبلات: مثل الزيتون، الطراشي، الفلفل الأخضر، والأحمر (المخروط)، الفجل والبصل الأخضر، ويوضع على وجهها زيت الزيتون حسب الطلب".

 

 



ومن جهته أكد محمد أبو يوسف صاحب مطعم أبو يوسف للسُمْاقِيّة أنه لزيادة الطلب على أكلة السُمْاقِيّة في غزة فتح قبل 4 سنوات مطعما مختصا بصناعة السُمْاقِيّة في منزله وشغّل عددا من أبنائه فيه.

وأوضح أبو يوسف في حديثه لـ "عربي21" أنه كان قبل بدء جائحة كورونا يعمل يوميا مئات الأطباق لتوزيعها في الأفراح والمناسبات لا سيما في فصل الصيف.

وأكد أنه كان يبيع طبق السُمْاقِيّة الواحد الذي يكفي لثلاثة أشخاص بـ 2.5 شيكل (الدولار =3.3 شيكل) ويقوم بطبخه حسب الطلب.

 


التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم