ملفات وتقارير

عقد كامل على الربيع العربي.. هل يثور العرب مجددا؟

تباين كبير في نتائج الثورات في البلدان العربية - جيتي
تباين كبير في نتائج الثورات في البلدان العربية - جيتي
في مثل هذا اليوم وقبل 10 سنوات، الجمعة 17 ديسمبر 2010، تفجرت ثورة الياسمين التونسية لتتبعها ثورة 25 يناير 2011 المصرية، وثورة اليمنيين في 11 فبراير 2011، وثورة 15 فبراير 2011 الليبية، وثورة السوريين منتصف مارس 2011.

وكان إشعال الشاب التونسي طارق الطيب محمد البوعزيزي 4 يناير 2011، النار بجسده أمام مقر ولاية سيدي بوزيد رفضا لظلم تعرض له من شرطية؛ بداية ثورات الشعوب العربية، وخرجت 5 شعوب عربية تباعا تطالب برحيل حكامها.

مشهد الربيع العربي أصيب بضربات متلاحقة، رغم أنه حقق نجاحا سريعا بالتخلص من الرؤساء زين العابدين بن علي بعد (23 سنة) حكم فيها تونس، وحسني مبارك إثر (3 عقود) في رئاسة مصر، ومعمر القذافي بعد أكثر من 42 سنة حكم فيها ليبيا.

انتكاسات الربيع العربي

مصر؛ أكبر دولة عربية من حيث السكان، وصاحبة الثورة التي أشاد بها العالم، وبعد عدة استحقاقات دستورية ورئاسية تمكن المصريون بعد ثورتهم من إزاحة الحكم العسكري للبلاد ليتولى الرئيس المدني محمد مرسي حكم البلاد منتصف العام 2012.

وبعد عام واحد قاد وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، منتصف 2013، انقلابا عسكريا أعاد الحكم العسكري للبلاد مجددا، فيما لم تنجح كل المحاولات الثورية للمصريين على مدار 7 سنوات في تغيير المشهد.

ولم يختلف المشهد الليبي كثيرا عن الجارة الشرقية مصر، فقد تحققت نجاحات سريعة باختيار حكومة مدنية، إلا أن ظهور الجنرال المتقاعد خليفة حفتر عام 2014، بشرق البلاد عطل أحلام الليبيين واندلعت مواجهات عسكرية بين الحكومة الشرعية في طرابلس، وقوات حفتر المدعومة من مصر والخليج العربي، وما زال المشهد مُغبر الأجواء.

وفي اليمن، التي قاد شعبها ثورة ضد الرئيس علي عبد الله صالح، يوم تنحي مبارك في مصر؛ ضاعت جهود اليمنيين وتم الالتفاف على ثورتهم، فيما تشهد البلاد منذ العام 2015، حربا لم تجلب لليمن سوى مزيدا من التدهور.

وفي سوريا، خامس دول الربيع العربي، تحولت ثورة الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد إلى أزمة، وحروب بالوكالة وتدخلات أجنبية من روسيا وإيران والولايات المتحدة، أدت لتشريد نحو 11 مليون سوري بالداخل والخارج.

وفي تونس، نجحت الثورة التونسية جزئيا، وتوالى على حكم البلاد 3 رؤساء منتخبين وبرلمانات شرعية جاءت عبر صناديق الاقتراع، لكن البلاد تعيش ظروفا سياسية غير مستقرة، واقتصادا متعبا.

وأكد استطلاع نشرته صحيفة "الغارديان ومؤسسة يوجوف"، الخميس، أن غالبية السكان بالدول التي شهدت الربيع العربي، يعيشون بمجتمعات غير متساوية وتدهورت ظروفهم المعيشية أكثر مما كان الوضع عليه قبل اندلاع الثورات، ما يدعو للتساؤل: هل تحاول شعوب العرب استرداد ربيعها العربي وحلمها بالديمقراطية أم أنها يئست من هذا الطريق؟

"استراحة محارب"

وأشار الكاتب الصحفي أحمد حسن الشرقاوي، في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "بعد الموجة الثورية الأولى في 2011، جاءت موجة ثانية بالجزائر، أطاحت بعبد العزيز بوتفليقة، ثم بالعراق، ولبنان، وأخيرا بالسودان".

النائب السابق لرئيس تحرير وكالة أنباء "الشرق الأوسط" المصرية الحكومية، أكد أنه "ولذلك فإن الربيع العربي لم يمت، والشعوب لا تزال حية وتنبض فيها الثورة كما ينبض القلب بالجسد".

وحول مدى نجاح المال الخليجي والأطماع الإسرائيلية بوأد أحلام العرب بثورة تحقق لهم الديمقراطية والعيش الكريم، يعتقد الشرقاوي، أن "حلف الثورة المضادة الذي يستهدف وأد ثورات الربيع العربي لم ينجح بتلك المهمة؛ رغم ضراوة وسياسة الحروب التي يشنها ضد الشعب السوري واليمني والليبي والسوداني والمصري".

وتابع: "لاحظ أن الاحتلال الإسرائيلي، الراعي الرئيسي لحلف وأد الثورات العربية يسعى لإعلان التطبيع مع نظم عربية لا شعوب عربية؛ لأنه يستهدف إحباط الشعوب وإجبارها على اليأس من أية محاولة لتغيير واقعها البائس في ظل أنظمة نصبها الكيان ويدعم وجودها وبقاءها".

وفي تقديره لمدى احتفاظ الشعوب العربية بقدر من الوحدة والتأثير المتبادل، كما حدث بمشهد انتشار الربيع العربي، قال الصحفي المصري، إن "الشعوب العربية لم تيأس أبدا؛ إنها بحالة استراحة محارب، وسوف تنهض مجددا، زرافات ووحدانا، لتغيير واقعها وتنقض على نظم الفساد والاستبداد".

"الظروف تبقى حاكمة"

من جانبه قال المؤرخ المصري الدكتور عاصم الدسوقي: "لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، كما قال الزعيم المصري مصطفى كامل"، لافتا إلى أن "الظروف تبقى حاكمة من حيث الأحداث ومن حيث القوى البشرية القائمة".

أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، أضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا الربيع العربي أساسا صناعة أمريكية لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير أو العظيم، الذي وضعه شمعون بيريز في عام 1982".

وأوضح أن هدف ذلك المشروع "تفكيك البلاد العربية إلى وحدات أو دويلات صغيرة على أسس طائفية: عرقية أو دينية أو مذهبية بحيث يصبح العالم العربي المكون من 22 دولة (الشرق الأوسط) 73 دولة".

ويعتقد الأكاديمي المصري، أن "وسيلة تنفيذ ذلك المشروع تقوم بناء على مبدأ وزيرة خارجية أمريكا كوندوليزا رايس في 2005، حين وضعت شعار الفوضى الخلاقة، ومعناه العمل على قلب حكام المنطقة آنذاك".

وتابع: "وكذلك الإتيان بحكومات إسلامية لتحكم بمقتضى الشريعة الإسلامية، فتندلع نار الفتنة الطائفية، وتقوم الحرب الأهلية بكل بلد، وساعتها تتدخل أمريكا لتحل المشكلة ولا تجد إلا تقسيم كل بلد بين طوائفه طالما أن أهلها لا يستطيعون العيش المشترك".

وقال الدسوقي: "ومن هنا كانت الثورات؛ لكن الهدف الأمريكي لم يتحقق، وما تزال محاولات التفكيك قائمة بوسائل أخرى مما نراه في الأحداث الجارية حاليا في لبنان وسوريا واليمن والسودان والعراق".

وفي تعليقه قال الأكاديمي المصري الدكتور هاني سليمان: "عندما قامت الشعوب العربية بثوراتها ضد الظلم والطغيان والقهر والفساد والفشل، تعاون الاستعمار الداخلي الوطني مع الاستعمار الخارجي الأجنبي لوأد تلك الثورات، ونجحا في إفشال الكثير منها فعلا، ولكنهما لا يعلمان أو يعلمان ولكن يستهتران أن الشعوب ستواصل مقاومة الظلم، وستتواصل ثوراتها حتى تخلع الاستعمار الداخلي وتتحرر من الاستعمار الخارجي".

التعليقات (3)
احمد
السبت، 19-12-2020 01:06 ص
للاسف كثير ممن يكتب من اكاديميين و صحافيين يدخل في متاهه التحليل الذي يكاد يعرفه رجل الشارع و لا يخرج بنتيجه موضوعيه . السؤال الاهم ما الغايه من الثوره ؟ ان كان الهدف التغيير لاجل التغيير فالنتيجه امامنا في الشعب المصري اليوم يعض الاصابع على حكم مبارك بعد ما شربوا الأمر من حكم السيسي . و في تونس ليس الحال بافضل و هكذا جميع الدول التي حصل فيها تغيير . مشكلتنا اننا غير مستعدين للتغيير فلا الشعب لديه المستوى الحضاري ليتقبل حكم ( نظيف ) و يقف معه حتى النهايه كما حصل من الاتراك عندما وقفوا بوجه الدبابات للاسف شعوبنا الكل يقول يا نفسي و ( السبوبه ) اهم من القيم و الاخلاق . ايضا ليس لدينا طبقه مثقفه فعلا و ليس مظهرا تستطيع ان تحكم و تنتشل الشعب من المعاناه و الكمد الذي يعيشه ولا نتكلم عن النظافه من الولاء لدول غربيه فغالب من وصل بعد الثورات للسلطه لا توجد كلمه توفيهم حقهم الا العماله . مصيبتنا كشعوب في متاهه لا يعلم الا الله كيف نخرج منها
ثورة الكل
الجمعة، 18-12-2020 07:20 م
الثورة المضادة هي التي ستعيد الحياة إلى الربيع العربي 1_التطبيع كشف عن حقيقة آل الذل عبيد الصهاينة 2_ تحول الثورة إلى ثورة أمة كاملة إلى (مسألة وجود) كل الأقطار 3_الأزمة المالية في صالح المواطن البسيط و ليس في صالح آل الذل و آبار الرذيلة
ناقد لا حاقد
الجمعة، 18-12-2020 06:36 م
الحراك الجزائري سوف يعود ان شاء الله ، دولة مدنية لا عسكرية ، المثال المصري و السوداني .......... حي في ذاكرة كل جزائري حر