هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يمر التنسيق العسكري الروسي الإيراني في سوريا بمرحلة حرجة، مع دفع روسيا تشكيلات عسكرية من قوات النظام تابعة لها، إلى مناطق ريف دير الزور الشرقي، وهي المناطق التي تخضع للسيطرة الإيرانية.
وتحت هدف القضاء على خلايا تابعة لتنظيم الدولة، دفعت روسيا على مدار الشهرين الماضيين بتعزيزات عسكرية إلى مدينة البوكمال التي تعتبر معقلا إيرانيا، ما أثار غضب قيادات من الحرس الثوري الإيراني.
وما أجج غضب القيادات العسكرية الإيرانية، إنشاء روسيا مركزا عسكريا لها في البوكمال.
وبغية احتواء الموقف، عقد ضباط روس اجتماعا مغلقا مع عدد من قيادات الحرس الثوري الإيراني وضباط النظام السوري، في محيط البوكمال، وفق معلومات أوردتها شبكات محلية إخبارية.
احتواء إيران
الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد عبد الله الأسعد، قال لـ"عربي21" إن روسيا تتمدد عسكريا في مناطق النفوذ الإيراني بذريعة الحرب على تنظيم الدولة، بغية احتواء القوة الإيرانية، التي تتعرض بالتزامن إلى غارات من التحالف الدولي.
وأَضاف أن أكثر ما تركز عليه روسيا عسكريا في سوريا، هو تقليم أظافر إيران، ومنعها من التمدد في الجنوب السوري بالدرجة الأولى، وفي دير الزور، إذ تسعى موسكو إلى التماهي مع المطالب الأمريكية والإسرائيلية بالحد من نفوذ إيران في سوريا، وجعله متركزا في مناطق واضحة.
اقرأ أيضا: أنباء عن اعتزام روسيا تشكيل جسم عسكري بالسويداء
وحول الغرض من اجتماع ضباط روس بقيادات من الحرس الثوري الإيراني، رجح الأسعد أن يكون الاجتماع بغرض طمأنة القوات الإيرانية، تجنبا لإثارة الفوضى.
وقال: لدى إيران القدرة على زعزعة الاستقرار في دير الزور، وفي سوريا عموما، لأن لديها عددا غير محدود من المليشيات العسكرية المنتشرة في كل المناطق السورية، بينما لا تمتلك روسيا إلا الفيلق الخامس، و"الفرقة 25 مهام خاصة".
وفي السياق ذاته، ربط الكاتب الصحافي مصطفى النعيمي، التحركات الروسية في دير الزور، بالاجتماع الأمني الثلاثي (الروسي، الأمريكي، الإسرائيلي) الذي عُقد في تل أبيب، العام الماضي.
قطع الإمداد الإيراني
وأوضح لـ"عربي21" أن المجتمعين في حينها اتفقوا على إبعاد إيران عن الجنوب السوري، غير أن إيران لم تكن معنية بهذا الاتفاق، وانتشرت القوات الإيرانية على حدود الجولان ضمن تشكيلات فرق جيش النظام، ولذلك يبدو أن التحركات الروسية في دير الزور، تأتي لإدارة الحدود السورية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
وحسب النعيمي، فإن هدف روسيا قطع الإمداد البري بين العراق وسوريا، بعد أن أثبتت الضربات الجوية من التحالف وإسرائيل على المواقع الإيرانية فشلها، مستدركا: "رغم هذا العدد غير المحدود من الضربات على امتداد الأعوام الأخيرة، ما زالت إيران قوية في سوريا، وما زالت أسلحتها وصواريخها تتدفق، وتطورها في سوريا".
اقرأ أيضا: أنباء عن اعتزام روسيا إنشاء قاعدة جوية لها في الرقة السورية
وقال: "كل ما يجري اليوم هو بطلب إسرائيلي، ومن غير المستبعد أن نشهد عمليات عسكرية برية ضد المليشيات الإيرانية، لإنهاء وجود إيران في سوريا".
الباحث بالشأن السوري، أحمد السعيد قال إن روسيا معنية بالسيطرة على دير الزور وريفها، بشكل كبير، لأن استقرار سوريا على الطريقة الروسية، لن يتم ما لم يتم تحجيم الدور الإيراني.
وأضاف لـ"عربي21" أن ريف دير الزور، والبوكمال على وجه التحديد، هي بوابة إيران على سوريا، والتواجد الروسي في هذه المنطقة يضمن التحكم بالتحركات الروسية، إذ تسعى روسيا لأن تكون "حارسة البوابة" هناك.
وكانت روسيا قد بدأت الترويج لمعركة قريبة ضد تنظيم الدولة المنتشر في جيوب البادية السورية، وأرسلت لهذا الغرض تعزيزات كبيرة من "الفرقة 25 مهام خاصة" بقيادة العميد سهيل الحسن، المعروف بـ"النمر"، وكذلك بدأت بتجهيز قاعدة جوية لها في مطار الطبقة العسكري، غرب الرقة، بهدف قيادة المعارك المُرتقبة.